البلد
: تونسالقصة
كتبت: نورهان كاهنة
يكثرُ النقاش في تونس بشأن اعتماد الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات تطبيقًا إلكترونيًّا، لرصد نسب التصويت لصالح المرشحين في الانتخابات الرئاسيّة لسنة 2024، بشكل فوري وبالتزامن مع عمليّات الاقتراع، والتّي انطلقت في الخارج يوم 4 أكتوبر وتتواصل إلى يوم 6 أكتوبر، موعد إجراء الانتخابات بالداخل.
ونقدّم في هذا الصدد تقريرا أعدّه فريق “تفنيد” بالتعاون مع فريق “تونس تتحرّى”، ضمن تحالف تدقيق الانتخابات الذي تقوده الشبكة العربية لتدقيق المعلومات (AFCN) التابعة لأريج، والشبكة الإفريقية لتدقيق المعلومات (Africa Facts)، نوضّح فيه دوافع استخدام هيئة الانتخابات للتطبيق، ومدى احترامها لمبدأ سريّة الاقتراع؟ وهل أنّها مبادرة لتعويض استطلاعات الرأي ما بعد التصويت التّي كانت تُجريها مؤسسات سبر الآراء؟
التطبيق الإلكترونيّ وسيلةٌ لغاية.. فما هي؟
تواصل فريق تحالف تدقيق الانتخابات مع أسماء بن مسعود، المكلّفة بالإعلام بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والتّي أكّدت أنّ التطبيق الإلكترونيّ الجديد يستخدم لغرض أساسيّ وهو تسهيل وتسريع عمليّة جمع النتائج والإعلان عنها بعد انتهاء عمليّة الاقتراع، بالإضافة إلى متابعة حضور أعوان مراقبة الانتخابات لضمان التزامهم.
وعن طريقة اعتماد التطبيق، أفادت أسماء بن مسعود، أنّه بعد إتمام الناخب لعمليّة الاقتراع بسريّة ومغادرته لمكتب الاقتراع، ستُعرض عليه لوحة إلكترونيّة (Tablette) للإدلاء باسم المترشّح الذّي صوت لصالحه.
هل يهدّد التطبيق مبدأ سريّة الاقتراع؟
أكّدت أسماء بن مسعود للتحالف، أنّ التطبيق لا يهدّد إطلاقا مبدأ سريّة الاقتراع، إذ إنّ الناخب غير مُطالب بالإدلاء بأيّة معطيات شخصيّة تتعلّق بهويّته عند المشاركة في سبر آراء ما بعد التصويت.
ويتوافق تصريح أسماء بن مسعود مع تصريح لعضو الهيئة أيمن بوغطّاس، حيثُ أفاد في مداخلة في برنامج “Midi Show”، على إذاعة “Mosaique FM”، يوم 4 أكتوبر 2024، بأنّ التطبيق يعرضُ ورقة تصويت إلكترونيّة، وأنّ الناخب سيشارك في سبر نتائج التصويت بشكل اختياري، مشدّدا على أنّ العمليّة تتمّ بسريّة تامّة، حيث لا يتمّ جمع أيّة بيانات شخصية عن الناخب، بل يتمُّ التصويت الإلكتروني بشكل مجهول تمامًا.
وينصُّ الفصل 2 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء على أن “يكون الانتخاب عاما وحرا ومباشرا وسريّا ونزيها وشفافا”.
هل ستنشرُ الهيئة نتائج التصويت الإلكتروني؟
أوضّح بوغطّاس في ذات المداخلة أنّ التطبيق يأتي في إطار عمليّة علميّة لجمع عيّنات إحصائية متعلّقة بنتائج التصويت لكلّ مترشّح، إذ تعتبر أداة فعّالة لمراقبة نتائج العمليّة الانتخابيّة بشكل علميّ وموضوعي من البداية إلى النهاية، وذلك بفضل توفيره على مستوى مكاتب الاقتراع في كامل تراب الجمهورية.
ونوّه بوغطّاس إلى أنّه لن يتمّ نشر النتائج المرصودة خلال سير العمليّة الانتخابيّة، باعتبار أنّ القانون الانتخابي التونسي يحظر نشر نتائج استطلاعات الرأي أو أيّة معلومات مرتبطة بالعملية الانتخابية قبل إغلاق جميع مكاتب الاقتراع. ولا يعني ذلك أنه لا يجوز تداول تلك النتائج بعد انتهاء العمليّة الانتخابيّة وإغلاق كافة مكاتب الاقتراع.
وكانت مكاتب استطلاع الآراء تتجنّدُ في تونس، يوم الاقتراع في المواعيد الانتخابيّة السابقة، لرصد نتائج ما بعد التصويت وهي عمليّة تتّم أمام مكاتب الاقتراع وتُعرف بمصطلح “سبر آراء ما بعد التصويت” أو “sondage sortie des urnes” بالفرنسيّة أو “exit poll” بالإنجليزيّة، ثمّ تبثّ نتائجها عبر منصاتها الخاصّة و/ أو عبر وسائل الإعلام، إلّا أنّ هذه العمليّة أصبحت محظورة في تونس، إذ حجّرت هيئة الانتخابات بثّ ونشر نتائج سبر الآراء التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات والدراسات والتعاليق الصحفيّة الخاصّة بها عبر مختلف وسائل الإعلام.
نلفت الانتباه إلى أن تطبيق سبر الآراء هذا يعد الأول من نوعه في تونس، وأصدرته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في إطار التحضيرات للانتخابات الرئاسية التونسية المقررة في 6 أكتوبر 2024، نظرًا لغياب أي عمليات سبر آراء من جهات خاصة.
التعليقات حول هذا المقال