البلد
: مصرالقصة
كتب: معاذ زكريا
أكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، في أكثر من مناسبة آخرهم كان يوم 3 يونيو 2024، خلال إعلان موافقة مجلس النواب على موازنة العام المالي 2024 – 2025، أن قطاعات الصحة والتعليم استوفت نسب الاستحقاق الدستوري في الموازنة، حيث بلغت مخصصات الصحة 496 مليار جنيه، والتعليم قبل الجامعي 565 مليار جنيه، والتعليم العالي والجامعي 293 مليار جنيه، والبحث العلمي 140.1 مليار جنيه.
تصريحات وزير المالية تتوافق مع ما أكده الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب يوم 2 يونيو 2024، في أثناء مناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2024 – 2025، ونشرت كلمته بمواقع “اليوم السابع“، و”الشروق“، و”مصراوي“.
تتبع فريق “تفنيد” التصريحات التي أطلقها وزير المالية ورئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، وكررها من بعدهم عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، خلال لقائه ببرنامج “صباح البلد”، المذاع على قناة “صدى البلد”، يوم 4 يونيو 2024، ووجد أنها “مضللة”، وفقًا لبيانات وزارة المالية.
إذ اكتشف فريق عملنا أن الحكومة تتلاعب بأرقام المخصصات المالية في الموازنة العامة للدولة، لتحقق النسبة الدستورية من الإنفاق على قطاعي التعليم والصحة بشكل مخالف للواقع.. كيف عرفنا ذلك؟
بالعودة للبيان المالي للموازنة العامة للدولة، وجدنا أن الحكومة تقدم رقمين مختلفين لمخصصات التعليم والصحة، إذ تقدم الأرقام الحقيقة في جداول التصنيف الوظيفي، بينما تقدم أرقامًا أكبر بكثير في ديباجة البيان المالي.
وادّعت الحكومة في ديباجة البيان المالي للموازنة أنها استوفت النسب الدستورية في قطاعي الصحة والتعليم، وهو الادعاء نفسه الذي ذكره “معيط”، و”الفقي”، و”السيد”.
وجاء في الديباجة أن مخصصات الصحة تبلغ 496 مليار جنيه، ومخصصات التعليم تبلغ 858 مليار جنيه، وهي أرقام أكبر بكثير من مخصصات القطاعين الواردة في جداول التصنيف الوظيفي.
عمقنا البحث لمعرفة أسباب التضارب بين المخصصات وفقًا للقطاع الوظيفي وبين الأرقام الواردة في ديباجة البيان، ووجدنا أن الحكومة تلجأ إلى “مجموعة من الحيل”، لاستيفاء مخصصات الصحة والتعليم والبحث العلمي، من أجل الالتزام بنسب الإنفاق التي نص عليها الدستور.
وهو ما كشف عنه تقرير صادر عن لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، ونشره موقع “مصراوي” بالإضافة إلى تقارير صحفية نُشرت في مواقع “اليوم السابع“، و”مدى مصر“، و”المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، وتقرير آخر صادر عن رئاسة الجمهورية في عام 2021.
وأوضحت تلك التقارير أن وزارة المالية منذ العام المالي 2016 – 2017 اتخذت عدة إجراءات تسمح لها بتوسيع حجم الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي عند إعداد الموازنة، بإضافة ما يجري إنفاقه بشكل مباشر أو غير مباشر حتى ولو لم تنفقه تلك الوزارات، لتظهر أنها استوفت النسب الدستورية.
من بين تلك الإجراءات أن الحكومة تقوم بإضافة مخصصات تشمل بعض البنود المدرجة في موازنة قطاعات أخرى إلى قطاعي التعليم والصحة.
فعلى سبيل المثال تضم الحكومة بند مياه الشرب والصرف الصحي الذي يُصنف ضمن الإنفاق على المرافق العامة، إلى مخصصات قطاع الصحة، حيث تفسر “المالية” ذلك بأن مياه الشرب والصرف الصحي هما مكونان أساسيان في تحقيق معدلات صحية وتجنب حدوث مخاطر صحية للمواطنين.
إجراء آخر تقوم به الحكومة ألا وهو تحميل قطاعات الصحة والتعليم جزءًا من فوائد خدمة الدين العام، كل بحسب نصيبه من الإنفاق عليه، بمعنى أنه إذا كانت نسبة الإنفاق على التعليم 10%، فإن نصيب التعلـيم من فوائد الديون 10% تضاف إلى مخصصات القطاع في الموازنة العامة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قطاع الصحة.
وينص الدستور المصري بحسب ما ورد في المواد 18، و19، و21، و23، على إلزام الحكومة بتخصيص ما لا يقل عن 3% من الناتج المحلي للإنفاق على قطاع الصحة، و 6% للإنفاق على قطاع التعلـيم منهم (4% للتعليم قبل الجامعي و2% للتعليم الجامعي) بالإضافة إلى 1% للبحث العلمي.
وقدرت الحكومة مخصصات قطاع الصحة في موازنة 2024 – 2025 بنحو 200.1 مليار جنيه بما يمثل نحو 1.1% من الناتج المحلي المقدر في الموازنة بـ17.1 تريليون جنيه، ما يعني أن مخصصات قطاع الصحة لم تصل إلى النسبة المنصوص عليها في الدستور والمقررة بـ3%.
فيما خصصت الحكومة لقطاع التعلـيم بشقيه (قبل الجامعي والجامعي) نحو 294.6 مليار جنيه في موازنة 2024 – 2025، بما يمثل 1.7% من الناتج المحلي، ولم تصل أيضا مخصصات التعلـيم إلى نسبة الـ6% التي أقرها الدستور، بينما لم توضح الموازنة أي مخصصات للبحث العلمي بشكل خاص.
الخلاصة: الحكومة تقوم بإضافة المخصصات المالية لمياه الشرب والصرف الصحي وفوائد الديون ضمن المخصصات الإجمالية لقطاعي التعليم والصحة لتبلغ نظريًا الحد الدستوري للإنفاق على القطاعين، على غير الحقيقة.
المصادر
صدي البلد | تصفح تصفح |
البيان المالي للموازنة العامة للدولة 2024 - 2025 | تصفح |
البيان التمهيدي للموازنة العامة للدولة 2024 - 2025 | تصفح |
رئاسة مجلس الوزراء | تصفح تصفح |
اليوم السابع | تصفح تصفح تصفح |
مصرواي | تصفح تصفح |
الشروق | تصفح |
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية | تصفح تصفح |
مدى مصر | تصفح تصفح |
رئاسة الجمهورية | تصفح تصفح |
الجريدة الرسمية | تصفح |
التعليقات حول هذا المقال