البلد
: تونسالادعاء
السماوات المفتوحة (Open Sky) كان وصلت تحلت في تونس راهي الخطوط التونسية “أفلست” عندها برشة.. علاش احنا من غير الدول.. راهو كل الدول في أفريقيا توجهت ..فاتت الحرية الخامسة (5ème degré de liberté).
أبرز المعلومات
- الادعاء "مضلل"، إذ إن 37 دولة وقعت على مبادرة إلغاء القيود التنظيمية على النقل الجوي داخل أفريقيا (STAAM) من أصل 54 دولة أفريقية، كما أن عديد التقارير والتصريحات الرسمية تؤكد أن 20 دولة أفريقية فقط جاهزة لتسريع تنفيذ سوق النقل الجوي، كما تتوقع دراسة للجنة الطيران المدني الأفريقي أن يصل الترابط على أساس الحرية الخامسة إلى 30% سنة 2025.
القصة
تتبع فريق “تفنيد” ادعاء الباحثة والمحللة الاقتصادية، في برنامج “حصاد 24″، على قناة “الزيتونة التونسية”، يوم 9 يوليو 2025، والذي أكدت فيه أن تونس لم تتوجه بعد نحو الحرية الخامسة (في النقل الجوي) عكس كل الدول الأفريقية التي توجهت بل وتجاوزت الحرية الخامسة، وتبين أنه “مضلل”، وذلك بالرجوع إلى موقع لجنة الطيران المدني الأفريقي AFCAC وإلى مواقع متخصصة في الطيران ووكالات وتقارير إعلامية.
هل توجهت كل الدول الأفريقية إلى الحرية الخامسة للطيران.. وتجاوزتها؟
للتأكد من صحة الادعاء اتجهنا في البداية إلى موقع اللجنة الأفريقية للطيران المدني (AFCAC)، والذي يتناول مبادرة السوق الإفريقية الموحدة للنقل الجوي (SAATM)، وهي مبادرة لإلغاء القيود التنظيمية على النقل الجوي داخل أفريقيا، وتحويل القارة إلى سوق موحدة للطيران، من خلال تحرير الخدمات الجوية وتشجيع المنافسة العابرة للحدود، والتي تؤكد أن 37 دولة من أصل 54 دولة أفريقية موقعة على مبادرة STAAM، حيث تغيب عن القائمة تونس ودول أخرى في شمال أفريقيا مثل الجزائر وليبيا وموريتانيا إضافة إلى بلدان أفريقية أخرى.

ويؤكد الموقع أنه بموجب مبادرة STAAM، فإن أي اتفاقية حالية أو مستقبلية للخدمات الجوية تُوقّع بين أي من الدول الأعضاء الـ37، يجب أن تكون متوافقة مع اتفاق ياموسوكرو (YD)، وتلبي عددا من الشروط، ومن أهمها “التمكين الكامل لشركات الطيران المؤهلة من ممارسة الحقوق الجوية من الدرجة الأولى إلى الخامسة”.
هل تطبق كل الدول الإفريقية الموقعة على المبادرة مبدأ الحرية الخامسة؟
وفق منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) فإن الحرية الخامسة للطيران “هي الحق أو الامتياز، فيما يتعلق بخدمات الطيران الدولي المجدولة، الذي تمنحه دولة لدولة أخرى لإنزال وأخذ الركاب أو البضائع في أراضي الدولة الأولى قادمين من أو متجهين إلى دولة ثالثة (وتُعرف أيضًا باسم حق الحرية الخامسة).
ويؤكد تقرير نشرته وكالة Ecofin Agency في 16 يونيو 2025، أن مشروع إنشاء سوق نقل جوي أفريقية موحدة يواجه تأخيرات كبيرة، وينقل التقرير عن عبد الرحمن بيرثي، الأمين العام لاتحاد شركات الطيران الأفريقية (AFRAA)، أن أحد أكبر الأسباب هو نقص الإرادة السياسية، كما أن العديد من الحكومات مترددة في فتح أجوائها، لأسباب مرتبطة غالبًا بالفخر الوطني والسيادة، والخوف من المنافسة الخارجية، مضيفا أن 37 دولة فقط وقعت على مبادرة STAAM من أصل 54 وقليلىن فقط منهم اتخذوا خطوات حقيقية لتطبيقها.
وذكر التقرير التحديات التي تواجه المبادرة من ذلك الأوضاع السياسية غير المستقرة في عدد من الدول الأفريقية، والبنية التحتية للعديد من المطارات في أفريقيا التي لا تفي بالمعايير الدولية، وضعف روابط الرحلات بين المدن الأفريقية.
ووفقا لتقرير نشره موقع International Airport Review، وهي مجلة متخصصة في صناعة المطارات والطيران، في 22 ديسمبر 2024، أن 20 دولة فقط جاهزة لتسريع تنفيذ سوق النقل الجوي الموحد (الحرية الخامسة اهم عناصرها)، وينقل التقرير عن أديفونكي أدييمي، الأمين العام للجنة الطيران المدني الإفريقية (AFCAC): أن أحد المشاريع الرئيسية هو برنامج التنفيذ التجريبي لسوق النقل الجوي الإفريقي الموحد (SAATM PIP)، الذي يركز على مجموعة من 20 دولة جاهزة لتسريع تنفيذ سوق النقل الجوي الموحد، مضيفا أن هدف AFCAC هو زيادة الترابط على أساس الحرية الخامسة من 15% سنة 2022 إلى 30% سنة 2025.
وشهدت تونس عدد من الاحتجاجات عقب توقيعها نهاية سنة 2017 مذكرة إنهاء المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاقية “السماوات المفتوحة”، حيث اعتبرتها نقابات الخطوط التونسية “بمثابة دق المسمار الأخير في نعش الشركة المنهكة ماليا، في حين علقت جهات رسمية آمالا كبيرة على هذا الاتفاق”، وتواصل تأجيل التوقيع على دخول الاتفاقية حيز التنفيذ نظرا للمصاعب التي تواجهها شركة الخطوط التونسية.
في تقرير بعنوان “الخطوط التونسية تكافح لتجاوز عقبة ‘السماوات المفتوحة'”، نشر بتاريخ 11 مايو 2018، على موقع Times Aerospace، تعرض بشكل تفصيلي إلى التحديات التي تواجه الخطوط الجوية التونسية في الانخراط في اتفاقيات “السماوات المفتوحة” مع الاتحاد الأوروبي، والتي تندرج ضمن مفهوم تحرير الأجواء الجوية.
وأشار إلياس المنكبي، المدير التنفيذي الأسبق للخطوط التونسية، إلى أن الشركة تمر بظروف مالية صعبة تتطلب إعادة هيكلة كبيرة، حيث فقدت أكثر من 240 مليون دولارًا منذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2010، وتعرضت لهجرة كبيرة للسياح خاصة بعد الهجمات الإرهابية عام 2015، مما أثر سلباً على إيراداتها، كما أوضح التقرير أن الخطوط التونسية تواجه معارضة قوية من النقابات العمالية التي تخشى فقدان الوظائف في ظل المنافسة المفتوحة، بالإضافة إلى التحديات التشغيلية والتنظيمية التي تعيق قدرتها على المنافسة مع شركات الطيران منخفضة التكلفة الأوروبية.
تصحيح وتوضيح بخصوص تصريح خلود التومي حول الحرية الخامسة في الطيران
قام فريق “تفنيد” بالتحقق من تصريح خلود التومي، المحللة والباحثة الاقتصادية التونسية، خلال حوارها على قناة الزيتونة التونسية يوم 9 جويلية 2025، والمتعلق بادعائها بأن جميع الدول الإفريقية توجهت نحو تطبيق حق الحرية الخامسة في الطيران باستثناء تونس. وقد وصفنا تصريحها حينها بـ”المضلل”، استنادًا إلى عدة مصادر، من بينها موقع لجنة الطيران المدني الإفريقية (AFCAC) ومواقع متخصصة في الطيران، إضافة إلى تقارير إعلامية.
تواصلت السيدة خلود التومي معنا، وتوضيحها مزيدًا من التفاصيل حول هذا الموضوع والسياق الذي وردت فيه تصريحاتها، تبيّن لنا أن تصنيفنا لما صرّحت به شابه قدر من عدم الدقة.
وأشارت خلود التومي في حديثها إلى أن المغرب، استفادت من اتفاقيات “السماء المفتوحة” التي سمحت لها بالتمتع بحقوق أوسع في النقل الجوي، (أي ) الحرية الخامسة للطيران، مما منحها ميزة تنافسية قوية على المستوى القاري وجعلها تتجاوز الخطوط التونسية بمراحل.
ومن خلال مراجعة تصريحها الذي أكدت فيه أن تونس لو توجهت نحو السماوات المفتوحة لكانت الخطوط التونسية قد أفسلت.. لتتساءل لماذا كل الدول قد توجهت وتجاوزت الحرية الخامسة باستثناء تونس.. ويتضح من خلال الرد الذي وصلنا من خلود التومي أنها كانت تقصد الاتفاقيات الثنائية بين الدول الإفريقية والاتحاد الأوروبي في إطار اتفاقية السماوات المفتوحة، والتي تمنح شركات الطيران الأوروبية حقوقًا موسعة تسمح لها بالتشغيل بحرية أكبر داخل القارة الإفريقية .
وهذا يختلف عن مبادرة السوق الإفريقية الموحدة للنقل الجوي (SAATM)، التي تهدف إلى تحرير النقل الجوي داخل إفريقيا بين الدول الأعضاء، والتي لم تطبق بعد بشكل كامل من قبل جميع الدول الإفريقية، حيث خلصنا في التحقق الذي أنجزناه إلى أن ” 37 دولة وقعت على مبادرة إلغاء القيود التنظيمية على النقل الجوي داخل أفريقيا (STAAM) من أصل 54 دولة أفريقية.
وبمزيد البحث حول توجه كل البلدان الافريقية نحو الحرية الخامسة وتجاوزها (تقصد بها السماوات المفتوحة)، وجدنا أن 30 دولة افريقية من أصل 54 دولة أفريقية موقعة على اتفاقية السماوات المفتوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية وفق بيانات وزارة النقل الأمريكية، وتشير البيانات إلى أن تونس ليست من ضمن هذه الدول.
ووفق دراسة حول قطاع النقل الجوي في أفريقيا نشرت في 1 مايو 2025 فإن المغرب كانت أول دولة أفريقية توقع سنة 2006 اتفاقية أجواء مفتوحة مع الاتحاد الأوروبي، مما فتح سوق الطيران أمام المنافسة الأوروبية.
وسنة 2009 وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية “السماء المفتوحة” مع أعضاء الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا (WAEMU): بوركينا فاسو، غينيا بيساو، ساحل العاج، مالي، النيجر، السنغال، وتوغو. ووفق ما أورده موقع الحكومة الطوغولية فإن الاتفاقية تقوم بتوحيد 47 اتفاقية ثنائية قائمة لخدمات النقل الجوي بما يتوافق مع قوانين الاتحاد الأوروبي.
وفي 20 مارس 2025 نشر موقع Aviation Week مقالا احياء المفاوضات بين جنوب افريقيا والاتحاد الأوروبي بخصوص “اتفاقية خدمات جوية أفقية” حيث تنظم الرحلات الجوية بين الاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا حاليًا من خلال اتفاقيات خدمات جوية ثنائية بين كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا على حدة.
وشهدت تونس عدد من الاحتجاجات عقب توقيعها نهاية سنة 2017 مذكرة إنهاء المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاقية “السماوات المفتوحة”، حيث اعتبرتها نقابات الخطوط التونسية “بمثابة دق المسمار الأخير في نعش الشركة المنهكة ماليا، في حين علقت جهات رسمية آمالا كبيرة على هذا الاتفاق”، وتواصل تأجيل التوقيع على دخول الاتفاقية حيز التنفيذ نظرا للمصاعب التي تواجهها شركة الخطوط التونسية.
وفي يونيو 2023 جاء تصريح الرئيس قيس سعيد أثناء لقائه بوزير النقل والرئيس المدير العام للخطوط التونسية بمثابة قطع الطريق أمام أي اتفاق للسماوات المفتوحة حيث جاء في بلاغ الرئاسة التونسية:”كما شدّد رئيس الجمهورية على أن السماء نريدها مفتوحة للطائرات التونسية لا أن تجوبها طائرات لا يكون لطائراتنا مكان في أسرابها”.
الخلاصة: بعد مراجعة التصريح الكامل والتوضيحات التي قدمتها السيدة خلود التومي، تبين لنا أن كلامها كان يعكس قراءة للواقع الإفريقي من منظور الاتفاقيات الثنائية الخاصة بالسماوات المفتوحة بين الدول الإفريقية وبعض الشركاء الخارجيين، وليس فقط من زاوية مبادرة السوق الإفريقية الموحدة للنقل الجوي (SAATM) لذلك، فإن وصف التصريح بأنه ‘مضلل’ لم يكن دقيقًا تمامًا في ضوء هذا التوضيح.
التعليقات حول هذا المقال