تدنّي مشاركة التونسيين في الاستحقاقات الانتخابيّة منذ 2011.. تصريحاتٌ رسميّة “غير دقيقة”

الادعاء

نسب مشاركة التونسيّين بالانتخابات هي ذاتها منذ 2011 وليس هناك أيّ تدنّي كما يُروّج.

السياق

خلال حضوره في برنامج "ميدي شو"، على إذاعة "موزاييك أف أم".

أبرز المعلومات

• العليا للانتخابات: 9 ملايين و278 ألفًا و541 ناخبًا مسجّلًا باستفتاء 2022.. صوتّ منهم 2 مليون و830 ألفًا و94.
• العليا للانتخابات: 7 مليون و74 ألف و566 ناخبًا مسجلًا بالدّور الأوّل للانتخابات الرئاسية 2019.. صوتّ منهم 3 ملايين و465 ألفًا و184.
• العليا للانتخابات: 7 ملايين و74 ألفًا و566 ناخبًا مسجلًا بالدّور الثّاني للانتخابات الرئاسيّة 2019.. صوتّ منهم 3 ملايين و892 ألفًا و85.
• العليا للانتخابات: 7 ملايين و65 ألفًا و885 ناخبًا مسجلًا بالانتخابات التشريعية 2019.. صوتّ منهم 2 مليون و946 ألفًا و628.
• العليا للانتخابات: نسبة التصويت في الانتخابات البلديّة 2018 بلغت 35.6%.
• العليا للانتخابات: 5 ملايين و308 آلاف و354 ناخبًا مسجلًا بالدّور الأوّل للانتخابات الرئاسية 2014.. صوتّ منهم 3 ملايين و339 ألفًا و671.. بنسبة إقبال 62.9%.
• العليا للانتخابات: 3 ملايين و189 ألفًا و672 ناخبًا مسجلًا بالدّور الثاني للانتخابات الرئاسيّة 2014.. صوتّ منهم 60.11%.
• العليا للانتخابات: 5 ملايين و285 ألفًا و136 ناخبًا مسجلًا الانتخابات التشريعيّة 2014.. صوتّ منهم 3 ملايين و579 ألفًا و257.
• مركز كارتر لمراقبة الانتخابات: 4.3 ملايين تونسي شارك بالاقتراع في تشريعيّة 2011 من أصل 8.2 ملايين ناخب.

القصة

ارتفاع عدد النّاخبين المسجلين من 8.2 لـ9.2 ملايين بين 2011 و2022.. وتراجع التصويت بأكثر من 30% بين 2014 و2022

رئيس هيئة الانتخابات التونسية يؤكد عدم تدنّي نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابيّة منذ 2011.. ولارتفاع نسبة التشاؤم السياسي لـ54.5% بين التونسيين وفقًا لاستطلاعات رسمية قرّرنا التحرّي

إدّعى فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات بتونس، أنّ نسب مشاركة التونسيّين في الاستحقاقات الانتخابيّة التّي شهدتها البلاد بين 2011 و2022 هي ذاتها، وأنّها لم تشهدُ أيّ تدنّي كما يتمُّ الترويج له، وذلك خلال مشاركته في البرنامج الحواريّ “ميدي شو”، على إذاعة “موزاييك أف أم”، يوم 21 أكتوبر 2022.

وذكّر فاروق بوعسكر أنّ عدد التونسيّين المشاركين في استفتاء 25 يوليو 2022 بلغ 2.8 مليون ناخب، مقابل 2.9 مليون ناخب في آخر انتخابات تشريعيّة شهدتها البلاد في 2019، وأنّ نسبة الإقبال العامّ تُقدّر بـ30.5%، وهي “نسب اعتياديّة”، على حدّ تعبيره.

وجاءت أهميّة التحقّق من تصريح “بوعسكر”، في ظلّ ارتفاع نسبة التشاؤم في تونس إلى 54.5% وفق بارومتر سياسيّ أعدّته شركة استطلاع الرأي “سيغما كونساي” بالاشتراك مع صحيفة “المغرب” التونسيّة في سبتمبر 2022. وتوصّل ذات البارومتر إلى أنّ فئة الشّباب بين 18 و25 سنةً هم الأكثر تشاؤمًا، إذ أنّ 71.4% منهم يعتبرون أنّ “تونس تسيرُ في الطّريق الخطأ”، وهو ربّما يُفسّر تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعيّة في تونس بنسق غير مسبوق في 2022 مقارنة بالفترة 2018 – 2021، حيثُ بلغ عدد التونسيّين الواصلين إلى السّواحل الإيطاليّة بطريقة غير نظاميّة 13 ألفًا و980 تونسيًا حتى 15 سبتمبر 2022، فيما ارتفع عدد الضحايا والمفقودين إلى 507، وفق إحصائيّات رسميّة ينقلها المنتدى التونسيّ للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة عن وزارة الدّاخلية التونسيّة.

تتبّع فريق عمل “تفنيد” ادّعاء رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، وتوصّل إلى أنّه “غير دقيق”، إذ لم تقلّ نسبة الإقبال العامّ للنّاخبين التونسيّين على التصويت في الاستحقاقات الانتخابيّة التّي شهدتها تونس في الفترة من 2011 حتى 2022 عن 6.35%، وهي نسبة تمّ تسجيلها في الانتخابات البلديّة لسنة 2018، وفق ما جاء في النتائج الرسميّة التّي أعلنتها الهيئة يوم 10 مايو 2018.

وشهدت الانتخابات التشريعيّة لسنة 2014 نسبة الإقبال الأعلى، والتّي تجاوزت 67%، حيثُ بلغ عدد النّاخبين المسجّلين 5 ملايين و285 ألفًا و136 ناخبًا، مقابل 3 ملايين و579 ألفًا و257 صوتًا نهائيًا، وفق قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات رقم 34 المؤرخ في 21 نوفمبر 2014 والخاص بالتصريح بالنتائج النهائية للانتخابات.

 وبالمزيد من البحث والتحرّي، تمكّن فريق عملنا من التوصّل إلى معطيات رسميّة بشأن نسب الإقبال العامّة للنّاخبين التونسيّين التّي بلغتها كلّ الاستحقاقات الانتخابيّة التّي شهدتها تونس منذُ 2011 وعددها 9 استحقاقات، انطلاقًا من الانتخابات التشريعيّة لسنة 2011 إلى استفتاء 25 يوليو 2022.. ونوضحها في الجدول التالي: 

تطوّر أعداد النّاخبين التونسيّين:

وخاض التونسيّون بتاريخ 25 يوليو 2022 غمار تجربة استفتائيّة شعبيّة بدعوة من الرئيس قيس سعيّد للمصادقة على مشروع دستور جديد للجمهوريّة التونسيّة تمّت صياغته في إطار جملة الإجراءات الاستثنائيّة التّي تمّ اتخاذها في ذات التاريخ من سنة 2021.

وبلغ عدد التونسيّين المُسجلّين للاستفتاء 9 ملايين و278 ألفًا و541 ناخبًا، وفق ما صرّح به فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، في النّدوة الصحفيّة الخاصّة بالإعلان عن النتائج الأوليّة للاستفتاء بتاريخ 26 يوليو 2022، مُؤكّدا أنّ 26% منهم تمّ تسجيلهم آليّا طبقًا لأحكام الفصل 7 من المرسوم رقم 34 المؤرّخ في 1 يونيو 2022 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء. 

ويُعتبر عدد المُسجّلين في الاستفتاء هو الأعلى مُقارنةً ببقيّة المحطّات الانتخابيّة التّي مرّت بها البلاد في الفترة من 2011  حتى 2022، حيثُ قُدّر عدد المُسجّلين في أوّل انتخابات تشريعيّة عاشتها تونس بعد يناير 2011 بـ8.2 ملايين ناخب، وفق معطيات رسميّة نقلها مركز كارتر لمراقبة الانتخابات في تقريره النّهائي المتعلّق بالانتخابات التشريعيّة التونسيّة التّي اُجريت بتاريخ 23 أكتوبر 2011.

ثمّ انخفض عدد المُسجلّين إلى 5 ملايين و285 ألفًا و136 ناخبًا في الانتخابات التشريعيّة لعام 2014، وفق معطيات رسميّة نقلها التلفزيون التونسيّ عن الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات. 

وتطوّر عدد النّاخبين المُسجّلين في الانتخابات الرئاسيّة سنة 2014 بشكل ضعيف ليستقرّ في حدود 5 ملايين و308 ألفًا و354 ناخبًا، وفق ما أدلت به الهيئة في النّدوة الصحفيّة الخاصّة بإعلان النتائج الانتخابيّة يوم 25 نوفمبر 2014.

وضمّت قاعدة الناخبين المؤهّلين حوالي 61.5 ألف مُسجّلًا جديدًا في الانتخابات البلديّة لسنة 2018 مقارنةً بالانتخابات الرئاسية في 2014، حيثُ ارتفع العدد نسبيًا ليبلغ 5 ملايين و369 ألفًا و843 ناخبًا، وفق البيانات الرسميّة لهيئة الانتخابات. 

وفي سنة 2019، ضرب التونسيّون موعدًا مع انتخابات تشريعيّة، هي الثّالثة مُنذ 2011، بالإضافة إلى انتخابات رئاسيّة جاءت سابقة لأوانها على إثر وفاة رئيس الجمهوريّة في المنصب آنذاك محمّد الباجي قائد السّبسي بتاريخ 25 يوليو 2019.

وشهدت نسبة النّاخبين المُسجّلين قفزة نوعيّة ليبلغ 7 ملايين و65 ألفًا و885 ناخبًا في الانتخابات  التشريعيّة مقابل 7 ملايين و74 ألفًا و566 ناخبًا مُسجّلًا في الانتخابات الرئاسيّة، وفق ما أدلت به الهيئة المذكورة. 

تراجع الإقبال العامّ على التصويت: 

وخلافًا لما شهدتهُ قاعدة النّاخبين التونسيّين المُسجّلين من ارتفاع بحوالي مليون ناخب في 2022 مقارنةً بـ2011 وبأكثر من 2 مليون ناخب، مقارنةً بالانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة 2019 وبحوالي 4 ملايين ناخب مقارنةً بتشريعيّة ورئاسيّة 2014، فإنّ النّسبة العامّة للإقبال على التصويت شهدت تراجعًا ملحوظا من 52.44% في تشريعيّة 2011 إلى 35.5% في استفتاء 2022، أي بنسبة تُقدّر بحوالي 17%، لتبلغ بذلك أدنى مستوياتها. 

وفي ذات الصّدد، يرتفعُ معدّل الهبوط في نسبة إقبال التونسيّين على التصويت إلى أكثر من 30% في الفترة من 2014  حتى 2022، حيثُ بلغت النّسبة العامّة للإقبال على التصويت في الانتخابات التشريعيّة لسنة 2014 بـ67.72% وبالرّغم من التراجع الضعيف الذّي شهدتهُ في الانتخابات الرئاسيّة لذات السّنة، فإنّها استقرّت في حدود 62.9% في الدّور الأوّل بمشاركة 3 ملايين و339 ألفًا و671 تونسيًا في عمليّة الاقتراع مقابل 60.11 %في الدّور الثّاني الذّي بلغ فيه العدد الإجمالي للأصوات المُدلى بها 3 ملايين و189 ألفًا و672 صوتًا.

وعلى الرغم من أن النّسبة العامّة للإقبال على التّصويت شهدت هبوطًا حادًا إلى حوالي 35.6% في الانتخابات البلديّة لسنة 2018، فإنّها شهدت ارتفاعًا تدريجيّا في المحطّات الانتخابيّة التّي شهدتها البلاد في سنة 2019، حيثُ قُدّرت بـ41.7% في الانتخابات التشريعيّة بإجماليّ 2 مليون و946 ألفًا و628 صوتًا، فيما ارتفعت إلى 48.98% في الدّور الأوّل من الانتخابات الرئاسيّة لذات السّنة لتبلغُ 55.02% في الدّور الثّاني لذات الانتخابات بإجماليّ أصوات يساوي 3 ملايين و892 ألفًا و85 صوتًا. 

ومن المقرّر أن تمرّ تونس بمحطّة انتخابيّة تشريعيّة، هي الرّابعة منذُ سنة 2011، بتاريخ 17 ديسمبر 2022 للتأسيس لبرلمان تونسيّ جديد بعد أن قام الرئيس قيس سعيّد بحلّ برلمان 2019 في إطار جملة الإجراءات الاستثنائيّة التّي أعلنها بتاريخ 25 يوليو 2021.

بالعودة لبيانات “العليا للانتخابات” اكتشفنا أنّ تصريح بوعسكر “غير دقيق” إذ تدنت نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية.. فبلغت 52% بتشريعيّة 2011 و67% بتشريعيّة 2014 و55% برئاسيّة 2019 مقابل 30% باستفتاء 2022

المصادر