البلد
: تونسالقصة
البنك الدولي: الاقتصاد “الأحمر” يؤدي لإفلاس العالم.. و”الأخضر” يبحث عن حماية البيئة
كتبت: ريمان بارود
أصدر البنك الدولي بالتعاون مع تونس، تقريرًا تحت عنوان “الاقتصاد الأزرق في تونس: فرصة لتحقيق تنمية متكاملة ومستدامة للمناطق الساحلية والبحرّية“، من أجل تنمية الاقتصاد الأزرق في البلاد.
وتعليقًا على التقرير، قال ألكسندر أروبيو، مدير مكتب البنك الدولي في تونس: “يتيح الاقتصاد الأزرق فرصة للتنمية المستدامة وتكوين الثروة لصالح أبناء تونس وذلك عن طريق الاستخدام المستدام للموارد البحرية والساحلية لتحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين مصادر كسب الرزق وفرص الشغل، وضمان سلامة النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية”.
وفي وقت سابق قال سمير سعيد، وزير الاقتصاد التونسي، أن هناك فرصًا جديدةً للنهوض بالاقتصاد التونسي، بعد تراجع مؤشر التنمية الجهوية، وارتفاع نسبة الفقر في تونس وذلك من خلال ضبط الاستراتيجية الوطنية لإصلاح مناخ الأعمال والتجديد وتوفير أرضية جاذبة للاستثمار في الطاقات المتجددة”، وأضاف أن هذه الاستراتيجية تشمل “تثمين النفايات والاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق”، وذلك خلال ندوة صحفية خاصة بمضامين المخطط التنموي 2023 – 2025، يوم 3 يناير 2023.
واحتضنت تونس الدورة الثانية من المنتدى الثاني للاقتصاد الأزرق في إفريقيا «ABEF»، وذلك يومي 25 و26 يونيو 2019، وهو منصة لتبادل الأفكار حول تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتقديم فرص استثمارية جديدة في الصناعات المتصلة بالمحيط والبحر سواء التقليدية أو الناشئة، مع تسهيل الشراكات بين القطاعين العمومي والخاص وتدعيم الشبكات.
وفي محاولة لتتبع وفهم الاقتصاد الأزرق في تونس، أنتج فريق عمل “تفنيد” هذا التقرير، والذي يوضّح مفهوم “الاقتصاد الأزرق” وأهميته في تحسين اقتصاد البلاد.
تركز دول العالم على المياه كقوة اقتصادية يمكنها أن تدفع عجلة النمو الاقتصادي، وتحسن مصادر كسب الرزق وفرص الشغل في الدول، ويسمى هذا النوع من الاقتصاد بـ”الاقتصاد الأزرق” فما هو؟
الاقتصاد الأزرق:
الاقتصاد الأزرق ليس بتعبير جديد، ولكن وقع استخدامه وانتشاره في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة، وأصبح يتردد كثيرًا في جدول الأعمال الدولي للتنمية المستدامة، كسبيل لتحسين اقتصاد البلاد.
وعرّف الاجتماع الوزاري للاتحاد من أجل المتوسط حول الاقتصاد الأزرق لعام 2015، الاقتصاد الأزرق بأنه مجموعة الأنشطة البشرية التي تعتمد على البحر أو المدعومة بالتفاعلات البرية والبحرية في سياق التنمية المستدامة، ولا سيما القطاعات الصناعية والخدمية مثل تربية الأحياء المائية، ومصايد الأسماك، والتكنولوجيات الحيوية الزرقاء، والسياحة الساحلية والبحرية، والشحن، وبناء وإصلاح السفن، والموانئ، وطاقة المحيطات والطاقة البحرية المتجددة، بما في ذلك الرياح البحرية، والتي تعد من بين القطاعات البحرية الاقتصادية التقليدية والناشئة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وعرّفه البنك الدولي بأنه هو “الاستخدام المستدام لموارد المحيطات من أجل النمو الاقتصادي وتحسين سبل العيش والوظائف، مع الحفاظ على صحة النظام الإيكولوجي للمحيط.”
ويشمل الاقتصاد الأزرق العديد من الأنشطة منها: النقل البحري، وصيد الأسماك، وإدارة مخلفات المحيطات والطاقة المتجددة.
الاقتصاد في ألوان أخرى:
مؤخرًا أصبح الاقتصاد مرتبطًا بالألوان.. على النحو التالي:
أولًا: الاقتصاد الأحمر وهو الخاص بالتقدم والابتكار، وهو لا يعتني بالاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية لدعم إنتاج الطاقة والسلع المصنعة، وهو الاقتصاد الذي يؤدي إلى الإفلاس العالمي، حيث يقترض من الجميع، من الطبيعة ومن البشرية، دون التفكير في سداده يومًا ما.
ثانيًا: الاقتصاد الأخضر وهو الأكثر شيوعًا، وهو اقتصاد يتطلب من الشركات أن تستثمر أكثر فأكثر وأن يدفع المستهلكون أكثر، مقابل النتائج والمنتجات صديقة للبيئة، وتحت عنوان الاقتصاد الأخضر وُلدت أولى مشروعات إنتاج الطاقة البديلة القائمة على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ثالثًا: الاقتصاد الأزرق، هو تجديد النظم البيئية بمنطق الوفرة والاستقلالية، واستلهام الطبيعة من أجل أخذ ما هو ضروري والعمل معها في تناغم، وذلك كما حدده غونتر باولي.
الاقتصاد الأزرق في أرقام:
يغطي الماء 70% من الكرة الأرضية، وتشكّل مياه المحيطات والبحار حوالي 96.5% من مجموع مياه الأرض، وبحسب الأمم المتحدة فإن حوالي 40% من سكان العالم يعيشون على السواحل أو بالقرب منها، وعليه فإن الاقتصاد الأزرق يضم مجموعة من القطاعات الاقتصادية والسياسات ذات الصلة التي تهدف إلى تعزيز التقدم الاقتصادي والاجتماعي، ورصدنا ذلك من خلال الأرقام التالية:
- يساهم سكان المناطق الساحلية في العالم بشكل كبير في الاقتصاد العالمي، بما يقدر بنحو 1.5 تريليون دولار سنويًا، وتشير التوقعات إلى ارتفاعها لـ3 تريليونات دولار بحلول عام 2030.
- يوفر قطاع أغذية المحيطات ما يصل إلى 237 مليون وظيفةً على مستوى العالم ويوفر العناصر الغذائية الرئيسية والبروتين لأكثر من 3 مليارات شخص.
- الغذاء من البحر هو المصدر الأساسي للبروتين لأكثر من 50% من السكان في أقل البلدان نموًا.
- تساهم النظم البيئية الساحلية والبحرية بما يصل إلى 11.5 مليار دولارًا في السياحة العالمية، إلى جانب حماية السواحل من العواصف والفيضانات، وتوفير موطن للتنوع البيولوجي، وتخزين الكربون، وإزالة السموم.
- فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي، يتم شحن حوالي 90% من جميع السلع المتداولة دوليًا عن طريق البحر، وتقدر القيمة السوقية للموارد والصناعات البحرية والساحلية بنحو 3 تريليونات دولار سنويًا أو حوالي 5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وذلك بحسب الأمم المتحدة.
الاقتصاد الأزرق في تونس:
تتمتع تونس بخط ساحلي يمتد إلى أكثر من 1300 كيلومتر، ويقطن بالمناطق الساحلية 7.6 ملايين نسمة (أي أكثر من 66% من سكان البلاد)، يعتمدون بشكل أساسي على الموارد الساحلية والبحرية في كسب أرزاقهم، وذلك بحسب البنك الدولي.
ويعد الاقتصاد البحري مجالًا ذا أهمية استراتيجية لتونس، حيث يولد 15.9% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف القطاع 12.7% من القوى العاملة في البلاد، ويتركز 80% من الصناعة على طول الساحل، وذلك بحسب موقع بنك الاستثمار الأوروبي.
وبلغ عدد الأيدي العاملة في قطاع الصيد البحري وتربية الأحياء المائية لسنة 2021، حوالي 42 ألف بحارًا إلى جانب ما يقارب 13 ألف مركبًا، في حين بلغت الصادرات في هذا القطاع 331 ألف طنًا أي ما يقارب 7041 مليون دينارًا، وذلك بحسب إحصاءات وزارة الفلاحة التونسية.
ومع ذلك فإن تونس هي واحدة من أكثر دول البحر الأبيض المتوسط ضعفًا من حيث التدهور البيئي البحري، لذلك انخرطت الحكومة منذ 2020 بالشراكة مع البنك الدولي في عملية تحديد فرص تنمية الاقتصاد الأزرق، وذلك لأهمية الموارد الساحلية والبحرية التي تتمتع بها البلاد، عبر وضع استراتيجية متكاملة ومستدامة لزيادة مساهمتها الاقتصادية.
ففي ظل الوضع الاقتصادي السيئ الذي تعيشه تونس في الوقت الراهن، من تضخم 10.1%، وعجز في ميزان تجاري بقيمة 19 مليار دينارًا، ونسبة بطالة تجاوزت 15%، وذلك بحسب آخر أرقام لمعهد الإحصاء، لذلك هي بحاجة لاستغلال جميع مواردها المتاحة لا سيما البحرية منها للنهوض بالاقتصاد ثانية، عبر استثمار الاقتصاد الأزرق في البلاد التونسية من خلال السياحة، وصيد الأسماك وتربية الأحياء المائية، والنقل البحري، والطاقة المتجددة القائمة على المحيطات، والتكنولوجيا الحيوية البحرية، وغيرها من الأنشطة.
المصادر
تقرير البنك الدولي بعنوان "الاقتصاد الأزرق في تونس : فرصة لتحقيق تنمية متكاملة ومستدامة للمناطق الساحلية والبحرّية". | تصفح |
تصريح وزير الاقتصاد التونسي في الندوة الصحفية | تصفح |
تعريف الاقتصاد الأزرق حسب الاجتماع الوزاري للاتحاد من أجل المتوسط حول الاقتصاد الأزرق لعام 2015 | تصفح |
تعريف الاقتصاد الأزرق حسب البنك الدولي | تصفح |
الاقتصاد الأحمر والأخضر والأزرق | تصفح |
الاقتصاد الأزرق المستدام أمر بالغ الأهمية للبلدان الصغيرة وسكان المناطق الساحلية | تصفح |
الاقتصاد الأزرق، الأمم المتحدة | تصفح |
تقرير البنك الدولي عن الاقتصاد الأزرق في تونس | تصفح |
الاقتصاد الأزرق في تونس- بنك الاستثمار الأوروبي | تصفح |
إحصائيات وزارة الفلاحة 2021 | تصفح |
إحصائيات الصيد البحري 2019 | تصفح |
إحصائيات الصيد البحري 2017 | تصفح |
التعليقات حول هذا المقال