تحقيق
"الاكتفاء الذاتي".. كلمة السر لنقص السلع في الأسواق ورفع أسعارها
كتب - حسام الوكيل
تشغيل الفيديو
وزير الزراعة
“مصر أصبحت تحقق الاكتفاء الذاتي من الدواجن والبيض”
وزير البترول
“أوقفنا استيراد الغاز الطبيعي المسال من الخارج وحققنا الاكتفاء الذاتي”
تصريحات متتالية أطلقها وزراء ومسؤولون حكوميون حول تحقيق مصر للاكتفاء الذاتي من عدد من السلع الأساسية والاستراتيجية، وهو ما تناولته وسائل الإعلام المحلية والإقليمية بترحاب كبير، وعقد الشعب المصري عليه الآمال لتخفيض أسعار تلك السلع بالسوق المحلية.
إلا أن ارتفاعًا مطردًا في أسعار تلك السلع أصاب السوق المحلي المصري، كان أبرز تلك السلع هو ” البيض – الدواجن – البطاطس – الطماطم – الفاصوليا – الغاز الطبيعي“.
وهو ما دفع فريق عملنا في ”تفنيد“ للتحري حول دقة تصريحات المسؤولين حول أسباب ارتفاع أسعار تلك السلع رغم تحقيق الاكتفاء الذاتي منها.
وهو ما كشف لنا سياسة الحكومة مع السلع التي تحقق فيها اكتفاءا ذاتيًا، إذ تعمل الحكومة على استخدام تلك السلع في رفع الاحتياطي النقدي الأجنبي، وزيادة الإيرادات بالموازنة العامة، دون مراعاة لاحتياجات السوق المحلي أو ضبط الأسعار.. كيف ذلك؟
“نطرح البيض والدواجن في المنافذ الحكومية، لضبط الأسعار والقضاء على جشع التجار“
.. تصريح للسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، حول محاولات ضبط أسعار البيض والدواجن بالأسواق، وقد أصدرت الوزارة تصريحات عدة تتهم التجار بالتسبب في رفع أسعار الطيور الداجنة وبيض المائدة، والذي أصبح حديث الساعة في الأسواق خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف الوزير: ” قطاع الدواجن من القطاعات الاستراتيجية الناجحة، والتي تحقق الاكتفاء الذاتي من البيض واللحوم البيضاء ويستوعب حوالي 4 ملايين فرصة عمل وأكثر من 100 مليار جنيه استثمارات“.
وفي تصريحات أخرى أرجع وزير الزراعة الارتفاع الكبير في أسعار الدواجن في الفترة الحالية إلى خضوعه لقانون العرض والطلب، مؤكدًا أن ارتفاع الطلب على الدواجن يأتي في ظل تراجع الإنتاج وهو ما رفع الأسعار.
تصريحات السيد القصير، تتناقض مع تصريحات سابقة أطلقها الوزير ذاته منذ شهور قليلة، إذ قال للجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، منتصف شهر يونيو الماضي، إن مصر مكتفية ذاتيًا من البيض والدواجن، وأن العاملين في هذا المجال 3 ملايين عاملًا وليس 4 ملايين.
وجاء نص حديثه للجنة الزراعة: “إن القيادة السياسة تولي الثروة الداجنة اهتمامًا كبيرًا نظرًا لأن حجم الاستثمارات فيها يقدر بـ100 مليار جنيه ويستوعب أكثر من 3 ملايين عامل، ويبلغ حجم الإنتاج من بداري التسمين 1.4 مليار طائر وحجم الإنتاج من بيض المائدة حوالي 13 مليار بيضة سنويًا، كما أن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من الدواجن والبيض”.
التضارب في تصريحات ”السيد القصير“ دفعت فريق عملنا لتتبع بدايات خط أزمة ارتفاع أسعار البيض والدواجن فتوصلنا إلى أول تصريح رسمي في هذا الخصوص، وذلك عندما تلقى وزير الزراعة تقريرًا من الدكتور طارق سليمان رئيس قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة، في ديسمبر 2020، يتضمن الموافقة على تصدير 95 ألف بيضة ”تفريخ كتاكيت“، إلى دولة الأردن.
وأوضح سليمان، في التقرير أنه يتم تصدير ما يزيد عن احتياجات السوق المحلي من بيض المائدة والإنتاج الداجنى إلى الخارج وخاصة بعد تسجيل 14 منشأة إنتاج داجني معزولة طبقًا لضوابط المنظمة العالمية للصحة الحيوانية OIE وتقدم العديد من المنشآت الداجنة للتسجيل كمنشآت معزولة يسهل التصدير منها دعما للاقتصاد الوطنى.
تتبعنا أسعار البيض والدواجن في ذلك الوقت فوجدنا أنها كانت تشهد استقرارًا، عند 19 جنيهًا لكيلو للدواجن البيضاء، و28 جنيهًا للدواجن الحمراء، بينما سجل سعر البيض الأبيض والبيض الأحمر 27 جنيهًا للكرتونة، أما كرتونة البيض البلدى فسجلت 31 جنيهًا، وسجل سعر لحم الأرانب 41 جنيها.
وبعدها بأقل من 3 شهور، قال ” السيد القصير“ إن التصدير تم إلى الدول العربية وبعض دول شرق آسيا وأفريقيا وبلغ حوالي 909 طن دواجن ومشتقاتها، و32 ألف كتكوت، و3.6 مليون بيضة مائدة، و119 ألف بيضة تفريخ.
ومع بدء التصدير بدأت رحلة ارتفاع أسعار الطيور الداجنة والبيض، في بداية فبراير من العام الجاري، إذ ارتفع سعر كرتونة البيض من 27 جنيهًا إلى أسعار تتراوح بين 33 و33.5 جنيهًا بنسبة ارتفاع وصلت إلى 20%، وارتفع سعر كيلو لحم الدجاج الابيض من 19 جنيهًا إلى سعر تراوح بين 23 و25 جنيها، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 20% أيضًا.
وفي آخر مارس، أكد الدكتور محمد القرش، معاون وزير الزراعة والمتحدث الرسمى للوزارة، خلال حوار أجراه مع موقع “صدى البلد“، أن متوسط نصيب الفرد من الإنتاج الداجنى زاد من حوالى 11 كيلو إلى 14 كيلو خلال العام.
وهو ما يوضح مفارقة غريبة، إذ تزامنت زيادة متوسط نصيب الفرد من الإنتاج الداجني، مع ارتفاع أسعار الدواجن والكتاكيت والبيض في الأسواق، إذ زاد في ذات الشهر سعر الدواجن البيضاء من “23 – 25” جنيهًا إلى “27 – 30” جنيهًا للكيلو، بينما وصل سعر كرتونة البيض إلى 34 جنيهًا.
وفي سبتمبر الماضي، بلغت صادرات الشركة الثلاثية للثروة الداجنة والحيوانية نحو 77 ألف طائر خلال الفترة من أبريل وحتى سبتمبر، وقالت الشركة إنها تسعى لفتح أسواق جديدة بالدول العربية خلال الفترة المقبلة لتصدير السلاسلات المصرية الأصيلة، بحسب تصريحات عبدالعزيز السيد، رئيس الشركة، ورئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية.
وقال رئيس الشركة فى تصريحات لموقع «المال»، إن الصادرات تم توجيهها لأسواق الكويت والإمارات، وأن الشركة تسعى لفتح أسواق دولتى السعودية وقطر خلال الفترة المقبلة، مضيفًا أن الحكومة تعمل بكل جهدها خلال الفترة الأخيرة لرفع معدلات التصدير.
ومع دوران عجلة التصدير وارتفاع وتيرته، قفزت من جديد أسعار البيض، إذ ارتفع سعر الكرتونة من 34 جنيهًا ليصل في شهر سبتمبر إلى سعر تراوح بين 46 و50 جنيهًا.
وبتتبع الشركات المنتجة للبيض والدواجن، لمعرفة تأثير قرار التصدير عليها، وجدنا أن شركة “برايم القابضة” التي تعمل بقطاع الخدمات المالية بالبورصة والتي تعتبر فاعلًا رئيسيًا في القطاع الداجني، تشيد بالقرار الحكومي الخاص بتصدير الدواجن وقالت إنه يُعد أمرًا ايجابيًا بشكل عام للشركات العاملة بالمجال.
وأضافت “برايم” في تصريحات لموقع “المال“، أن استفادة الشركات ستكون من خلال شكلين الأول هو توجهها لتصدير جزء من إنتاجها للخارج والثاني هو استفادتها على الصعيد المحلى بقلة المعروض وبالتالى رفع الأسعار.
استحوذت الدول العربية على 35% من قيمة صادرات مصر من الحاصلات الزراعية خلال الموسم التصديري 2020 – 2021، بنحو 842 مليون دولار، وكذلك بنسبة 42% من إجمالي حجم الصادرات بنحو 1.797 مليون طن خلال الموسم.
وأشار التقرير الصادر من المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، إلى أن الكميات المصدرة من الحاصلات الزراعية المصرية للدول الأوروبية خارج الاتحاد الأوروبي، بلغت نحو 1.033 مليون طن بقيمة 592 مليون دولار مستحوذة على 25% من إجمالي قيمة الصادرات المصرية الغير بترولية، و 24% من الكميات.
وسجلت قيمة صادرات الحاصلات الزراعية المصرية لدول الاتحاد الأوروبي نحو 584 مليون دولار من خلال تصدير 795 ألف طن مستحوذة على 19% من إجمالي الكميات المصدرة و 24% من قيمة الصادرات.
وحققت قيمة صادرات الحاصلات الزراعية لدول آسيا نحو 323 مليون دولار خلال الفترة من ”سبتمبر 2020- أغسطس 2021″ من خلال تصدير 554 ألف طن.
كما بلغت صادرات مصر من الحاصلات الزراعية لدول أفريقيا نحو 29 مليون دولار قيمة تصدير 35 ألف طن، ولدول الأمريكيتين ” الشمالية والجنوبية” وأستراليا نحو 1758 ألف طن بقيمة 36 مليون دولار.
مر سعر الغاز الطبيعي برحلة ارتفاع كبيرة منذ عام 2014 حتى الآن، على الرغم من تحول مصر من استيراد أغلب احتياجاتها منه إلى الاكتفاء الذاتي والتصدير، ونرصد في السطور التالية محطات تلك الرحلة:
وفي سبتمبر 2018 أعلنت مصر رسميًا تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وذلك على لسان وزير البترول، الذي أكد أن الإنتاج المصري ينمو باطراد منذ بدء تشغيل الحقل ظُهر.
وقال الوزير طارق الملا لـ”رويترز”: بوصول آخر شحنات الغاز المسال لمصر الأسبوع الماضي، نعلن وقف استيراد الغاز من الخارج، وأن مصر حققت الاكتفاء الذاتي في الغاز الطبيعي، بينما تعمل على التحول إلى مركز لتداول الطاقة في المنطقة من خلال تسييل الغاز وإعادة تصديره بعد عدة اكتشافات كبيرة.
وفي ذات الشهر أعلنت مصر انها ستعمل على توسيع صادراتها من الغاز، والتي بدأت بزيادة حجم التصدير إلى الأردن، ثم توسعت حجم الصادرات لتصبح مصر أهم أبرز مصدري الغاز المسال في الوقت الراهن.
بينما زادت أسعار الغاز الطبيعي على المواطن بعد أقل من عام واحد من تحقيق الاكتفاء الذاتي، إذ أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية في يوليو 2019 رفع أسعار الغاز الطبيعي المستخدم في المنازل والنشاط التجاري، بنسبة ارتفاع بين 20% إلى 34% على شرائح الاستهلاك الثلاثة التي حددها مجلس الوزراء.
وارتفع سعر الشريحة الأولى (من صفر – 30 مترًا مكعبًا) بنحو 34.3% إلى 235 قرشا لكل متر مكعب، مقابل 175 قرشا عند آخر زيادة للغاز في يوليو 2018.
وزاد سعر الشريحة الثانية (ما يزيد على 30 مترًا مكعبًا – 60 مترًا مكعبًا ) بنسبة 24% لتسجل 310 قروش لكل متر مكعب، مقابل 250 قرشا.
كما ارتفع سعر الشريحة الثالثة (ما يزيد على 60 مترًا مكعبًا) بنسبة 20% لتصل إلى 360 قرشا لكل متر مكعب، مقابل 300 قرش قبل الزيادة.
إحصل علي جديد الأخبار