البلد
: مصرالقصة
كتب: محمد طلبه
على مدار عام، وخلال رحلة عملنا في “تفنيد” وقفنا على الكثير من المؤشرات الدولية، والتي استعان بها المسؤولون للتدليل على الإنجازات وتحقيق التقدم في مختلف المجالات. ويُصدر هذه المؤشرات العديد من الجهات سواءً كانت رسمية كالبنك الدولي والأمم المتحدة، أو منظمات ووكالات دولية تعمل في مجالات شتى مثل الاقتصاد والمناخ والفساد والتكنولوجيا والتعليم وغيرها، ولكل مؤشر معاييره وآلياته التي يتم على أساسها تقييم الدول.
ولكن يبقى السؤال.. هل يمكن للحكومات والمسؤولين التلاعب بتلك المؤشرات لإدعاء الإنجاز؟
بعد رحلة بحث طويلة اكتشف فريق عملنا أنه يتم التلاعب بالمؤشرات بأكثر من طريقة سواء بالتزييف والتضليل أو بالانتقائية، وهو ما نوضحه في التقرير التالي:
التزييف والتضليل:
يتم التلاعب بالمؤشر واقتطاع المعلومات والبيانات داخل المؤشر من سياقها، لادعاء الإنجاز غير الحقيقي، فعلى سبيل المثال:
قالت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، إن مصر تقدمت درجتين في التقرير السنوي الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية الخاص بمؤشر الفساد العالمي لعام 2020، حيث حصلت على 33 نقطةً، وذلك بعد أن احتلت المركز الـ117 من أصل 180 دولةً.
وعند الرجوع إلى المؤشر المذكور نجد أن مصر تراجعت للمركز 117 بين 180 دولةً، بعد أن كانت فى عام 2019 في المركز 106، على الرغم من تقدمها درجتين بالفعل إذ حصلت على 33 درجةً مقابل 35 درجةً في 2019. ولكن في المؤشر العام تراجع ترتيبها وهو ما لم تذكره الوزيرة ليتم تزييف الحقيقة.
الانتقائية:
من الممكن أن تتلاعب الحكومة أو المسؤول بالمؤشر من خلال الانتقائية.. والانتقائية من الممكن أن تتم بين المؤشرات المختلفة التي تعمل في ذات المجال مثل:
اختيار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، في تقريره “جهود على طريق التنمية“ لمؤشر مجلة CEO WORLD لجودة الحياة لعام 2021، والذي أعلن تحقيق مصر المركز الـ8 عربيًا والـ69 عالميًا في مؤشر أفضل الدول في جودة الحياة 2021، يعد انتقائيًا، نظرًا لأن هناك العديد من المؤسسات التي ترصد مؤشر جودة الحياة، فوضعت بعض المؤسسات مصر في مرتبة أقل لجودة الحياة في مصر لعام 2021 بل خفضت ترتيبها عن عام 2020 مثل مؤشر جودة الحياة لموقع نمبو (NUMBEO) والذي وضع مصر في المرتبة الـ76 لعام 2021 بدلًا من 73 لعام 2020.
وكذلك من الممكن أن تكون الانتقائية داخل المؤشر ذاته، إذ تنتقي الحكومة أو المسؤول المحاور التي تُدلل على الإنجاز في حين توضح محاور أخرى وجود تراجع أو خلل ويتم التغاضي عنها وعدم ذكرها، فعلى سبيل المثال:
قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن وضع مصر في المؤشر الفرعي للتمكين السياسي للمرأة في مؤشر فجوة النوع الاجتماعي الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي في 2021، تحسن بنحو 55 مرتبةً، حيث جاءت في المرتبة 79 في عام 2021 مقارنةً بالمرتبة 134 في عام 2014، وبالرجوع للمؤشرات الفرعية ومقارنة الأرقام.. اكتشفنا “انتقائية” تصريحات الوزيرة إذ اختارت مؤشر وحيد حققت فيه مصر تقدمًا كبيرًا من بين 4 مؤشرات تراجعت في مؤشرين وتقدمت قليلًا في المؤشر الأخير.
وبالتالي وجب الرجوع للمؤشرات التي يتم الاستناد إليها من قبل الحكومة أو المسؤولين للوقوف على حقيقة الأمر، وما إذا كان تم التلاعب بالمؤشر سواء بالتزييف أو الانتقائية أم بالفعل ما صدر عن الحكومة كان صحيحًا.
التعليقات حول هذا المقال