المدعي
البلد
: تونسالقصة
كتبت: ريمان بارود
تسببت تصريحات وليد الصالحي، رئيس مصلحة شرطة المرور بصفاقس، والتي أكد فيها نجاعة برنامج “العطلة الآمنة” في تقليص الحوادث بنسبة كبيرة، في حالة من الدهشة بين المواطنين، وبخاصة بعد صدور التصريحات عقب أيام قليلة من وقوع حادثين كبيرين، وقع فيهما 17 قتيلًا.
ففي تمام الساعة الواحدة والنصف، من يوم 23 يونيو 2023، وقع حادث مروري خطير، أودى بحياة 10 ركاب، كانوا يستقلون عربة في طريقهم إلى صفاقس، ثم أعقبه حادث آخر على ذات الطريق يوم 27 يوليو 2023، أودى بحياة 7 مواطنين، في تزايد لأعداد ضحايا حوادث الطرق مع دخول العطلة الصيفية، على الرغم من تنفيذ الجهات الحكومية التونسية برامج تقليل الحوادث القاتلة.
رصدنا في “تفنيد” عدد من الإحصاءات المتعلقة بحوادث المرور في تونس خلال العام الحالي، لمقارنتها بالسنوات السابقة.
جهود حكومية لعطلة آمنة:
قال وليد الصالحي، رئيس مصلحة شرطة المرور بصفاقس، خلال مداخلة هاتفية عبر راديو ديوان أف أم، في الأول من أغسطس 2023: برنامج العطلة الآمنة، الذي انطلق في 1 يوليو، عملنا فيه برنامج نحن في مصلحة مرور صفاقس، وأرى أن هذا البرنامج أعطى فعالية ناجعة، حيث تقلصّت الحوادث بنسبة كبيرة، خاصة الحوادث الخطيرة والقاتلة”.
فما هو برنامج العطلة الآمنة؟
هو برنامج انطلق بداية من شهر يوليو 2023، تحت شعار “سلامتكُم أمانة الجميع“، يهدِفُ إلى الحدّ من حوادث المُرور والحفاظ على الأمن العام وحماية الثروة الفلاحيّة والغابيّة والنجدة بالشواطئ والإنقاذ، وذلك خلال العطلة الصيفيّة التي تتميّزُ بحركيّة مرُوريّة بمُناسبة عودة الجالية التّونسيّة بالخارج وذروة الموسم السّياحي، وينتهي هذا البرنامج مع نهاية العطلة في 15 سبتمبر 2023، تزامنًا مع العودة المدرسية.
يشار إلى أن فترة الصيف تسجل النسبة الأعلى من حوادث الطرق بسبب الإجازات، وعودة الجالية من الخارج، وتزايد استعمال السيارات المستأجرة، وعدد مستعملي العربات الذين لا يملكون رخص قيادة، والذين تقدر نسبتهم بنحو 10%، وأيضًا نتيجة القيادة بسرعة كبيرة في الطرقات التي تربط المدن، والتي تشهد حوادث قاتلة، وذلك بحسب تصريح عفيف الفريقي، رئيس الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات لـ”العربي الجديد”.
حوادث المرور وضحاياها في تونس:
بعد شهر على انطلاق البرنامج، خرج الصالحي وأكّد على نجاعته وفعاليته، ونسب الفضل في ذلك إلى تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، على حد تعبيره.. ولكن هل الأرقام الرسمية تتفق مع تصريحه؟
للتحقق من تصريح الصالحي، رجعنا إلى المرصد الوطني لسلامة المرور، والذي يرصد واقع سلامة المرور في تونس، إلى جانب جمع المعلومات والمعطيات المتعلقة به وطنيًا ودوليًا وتحليلها وتوثيقها وإرساء بنوك أو قواعد معلومات في هذا الشأن.
وبناء على البيانات التي يقدّمها بشكل يومي تبيّن أنه حتى 2 أغسطس 2023، وقع 3132 حادثًا مروريًا في كامل أنحاء تونس، بعد أن كان 3347 حادثًا في ذات الفترة من العام الماضي، بفارق 215 حادثًا، بينما بالنسبة لعدد القتلى فبلغ 693 قتيلًا، بزيادة 134 قتيلًا عن ذات الفترة من العام الماضي.
وعليه نلاحظ أنه فعلاً تراجعت أعداد الحوادث مقارنة بالعام الماضي، ولكن أعداد القتلى ازدادت بنسبة 24.1%.
تطور حوادث المرور خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2023:
تشهد طرق تونس منذ بداية العام الحالي، حوادث خطيرة، تسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى، ما دفع المواطنين بالتعبير عنها بـ”الطريق إلى الجحيم”، حيث تحصد آلاف الأرواح.
رجعنا للمرصد الوطني لسلامة المرور للتعرف على أعداد الحـوادث خلال هذا العام، واتضّح أن إجمالي عدد الحـوادث في كامل أنحاء تونس بلغ 3113 حادثًا، نتج عنه 687 قتيلًا، و4339 جريحًا، ويعد شهر يناير هو الأكثر دموية خلال الأشهر السبعة الأولى، حيث سجّل أكبر عدد حوادث بـ571 حادثًا، أسفر عن 130 قتيلًا و709 مجروحين، يليه شهر أبريل من حيث عدد الحوادث بـ469 حادثًا، أما من حيث عدد القتلى يليه شهر يونيو بمعدل 117 قتيلًا.
أما فيما يخص شهر يوليو الذي انطلق فيه برنامج العطلة الآمنة، فقد سجّل أقل عدد حـوادث مقارنة بالأشهر السابقة، وذلك بمعدل 375 حادثًا، إلا أن هذه الحوادث أسفرت عن عدد كبير من القتلى بمعدل 113 قتيلًا، وهو ثالث أعلى رقم خلال الفترة الماضية، وسبقه شهر يونيو بمعدل 117 قتيلًا، أي بفارق 3 قتلى، بالرغم من أن شهر يونيو سجّل عدد حـوادث أكبر من شهر يوليو بمعدل 414 حادثًا، أي بفارق 39 حادثًا، وعليه فإن أعداد الحـوادث تراجعت خلال شهر يوليو إلا أن أعداد القتلى لا زالت مرتفعة.
حوادث المرور في ولاية صفاقس:
تحتل صفاقس المرتبة الأولى من حيث عدد قتلى حوادث المرور خلال 2022، فقد بلغ عدد القتلى 94 قتيلًا من أصل 1057 قتيلًا في كامل أنحاء تونس، بالرغم من أنها شغلت المرتبة السادسة من حيث عدد الحـوادث.
ومازالت صفاقس تحافظ على المرتبة الأولى من حيث عدد القتلى، فقد سجّلت 90 قتيلاً منذ بداية العام الحالي حتى الثاني من شهر أغسطس، خلال 156 حادثًا، إلى جانب 249 جريحًا، وبمقارنتها بذات الفترة لعام 2022، نجد أن عدد القتلى ازداد بنسبة 87.50%، فقد بلغ عددهم 48 قتيلًا فقط، سجّلوا خلال 157 حادثًا، أما بمقارنته بعام 2021 نجد أن العدد زاد بنسبة 66.67%، حيث بلغ عدد القتلى حينها 54 قتيلًا في 154 حادثًا، وذلك بفارق حادثين لسنة 2023.
وبالعودة على تصريح وليد الصالحي، رئيس مصلحة شرطة المرور بصفاقس، إذ أشاد بالبرنامج الذي عملت عليه مصلحة مرور صفاقس، والذي بدوره أدى إلى تقلص نسبة عدد الحـوادث خلال شهر يوليو، كما يدعي، بحثنا في المرصد الوطني للمرور، ليتبيّن خلاف ذلك، حيث يعد شهر يوليو هو الأعلى من حيث عدد الحـوادث بمعدل 28 حادثًا، وأيضًا القتلى بمعدل 22 قتيلاً.
التعليقات حول هذا المقال