القصة
5 إجراءات أمنية يجب أن تتغير بعد إلغاء حالة الطوارئ في مصر
كتب – محمد حامد:
أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، وقال السيسي، في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيس يبوك: “يسعدني أن نتشارك معاً تلك اللحظة التي طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد، فقد باتت مصر بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة؛ ومن هنا فقد قررت، ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد“.
وتابع: هذا القرار الذي كان الشعب المصري هو صانعه الحقيقي على مدار السنوات الماضية، بمشاركته الصادقة المخلصة في كافة جهود التنمية والبناء، وإنني إذ أعلن هذا القرار، أتذكر بكل إجلال وتقدير شهداءنا الأبطال الذين لولاهم ما كنا نصل إلى الأمن والاستقرار، ومعا نمضي بثبات نحو بناء الجمهورية الجديدة مستعينين بعون الله ودعمه.
ما هي حالة الطوارئ؟
نظمت المادة 154 من الدستور، الطريقة التى يعلن بها رئيس الجمهورية حالة الطوارئ فى البلاد، حيث نصت على وجوب عرض الإعلان على البرلمان خلال الأيام الـ7 التالية له، كما منحت رئيس الجمهورية حق إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز 3 أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة.
وتنص المادة 154 من الدستور على:
يعلن رئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس الوزراء حالة الطوارئ، على النحو الذى ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه، وإذا حدث الإعلان فى غير دور الانعقاد العادى، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورا للعرض عليه، وفى جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثى عدد أعضاء المجلس.
وإذا كان المجلس غير قائم، يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد فى أول اجتماع له، ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ.
هذا ما يفترض قانونًا أن يتغير بعد إلغاء حالة الطوارئ
1- إلغاء محاكم أمن الدولة العليا طوارئ:
تنص المادة 19 من قانون الطوارئ على أنه عند انتهاء حالة الطوارئ تظل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا التي تكون محالة إليها وتتابع نظرها وفقاً للإجراءات المتبعة أمامها، أما الجرائم التي لا يكون المتهمون فيها قد قدموا إلى المحاكم فتحال إلى المحاكم العادية المختصة وتتبع في شأنها الإجراءات المعمول بها أمامها.
ويؤدي ذلك إلى إلغاء الأحكام التي كانت تخضع للتصديق من مكتب شؤؤن أمن دولة، وإلغاء نيابة أمن الدولة العليا للطوارئ.
2- إلغاء تفتيش والقبض على الأشخاص لمجرد الاشتباه والقيود على الاجتماعات:
تنص المادة الأولى من قانون الطوارئ على وضع قانون قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، وهو ما حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته في يونيو 2013.
3- إلغاء مراقبة الرسائل:
تنص المادة الثانية من القانون على مراقبة الرسائل أياً كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإغلاق أماكن طبعها.
وكانت منظمة العفو الدولية كشفت في تقرير صادر عن مختبر الأمن الرقمي التابع لها في 2020 عن تطورات جديدة بشأن استخدام النظام المصري لبرمجيات مراقبة وتجسس تستهدف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان.
4- إلغاء التهجير وإخلاء المناطق والاستيلاء على العقارات:
نصت المادة 4 من قانون الطوارئ على تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال والاستيلاء على أي منقول أو عقار ويتبع في ذلك الأحكام المنصوص عليها في قانون التعبئة العامة فيما يتعلق بالتظلم وتقدير التعويض.
كما تنص المادة 6 على إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة.
5- إلغاء الضبطية القضائية لضباط القوات المسلحة
طبقًا للفقرة الأولى من المادة 4 بالقانون، تتولى قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، فإذا تولت القوات المسلحة هذا التنفيذ يكون لضباطها ولضباط الصف بها اختصاصات مأموري الضبط القضائي، وتختص النيابة العسكرية بالتحقيق في الوقائع والجرائم التي يتم ضبطها بمعرفة القوات المسلحة.
ونشرت الجريدة الرسمية، في مايو 2020 تفاصيل قرار السيسي بتعديل بعض أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ.
وتضمن القرار، تعديل الفقرة الأولى من المادة الرابعة بالقانون بالنص التالي: “تتولى القوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ويكون لها صفة الضبط القضائي، وتختص النيابة العسكرية بالتحقيق المبدئي في أي من المخالفات لأحكام هذا القانون مع عدم الإخلال باختصاصاتها، وتختص النيابة العامة في جميع الأحوال دون غيرها بالتصرف النهائي في التحقيق”.
حظر التظاهر لن يُلغى
حظر التظاهر والاجتماعات العامة والمواكب والاحتفالات وغيرها من أشكال التجمعات، وتقييد الاجتماعات الخاصة، لن يلغى رغم أنه منصوص عليه في قانون الطوارئ في مادته 13، وذلك بسبب أنه منصوص عليه أيضًا في قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية رقم 107 لسنة 2013.
أول مرة طوارئ
وعرفت مصر حالة الطوارئ لأول مرة في تاريخها في عام 1914 باسم الأحكام العرفية، إذ يقول المفكر والمؤرخ عبد الرحمن الرافعي في كتابه الشهير “ثورة 1919 .. تاريخ مصر القومى من 1914 إلى 1921” إنه على إثر نشوب الحرب بين تركيا وروسيا فى أول نوفمبر 1914 أعلن الجنرال السيير جون مكسويل، قائد جيوش الاحتلال فى مصر الأحكام العرفية فيها بموجب القرار الذى أصدره يوم 2 نوفمبر سنة 1914.. وكان نصه:
“ليكن معلوما أنى أمرت من حكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى بأن آخذ على مراقبة القطر المصرى العسكرية لكى يتضمن حماؤه، فبناء على ذلك قد صار القطر المصرى تحت الحكم العسكرى من تاريخه”.
ووضعت الرقابة على الصحف طبقًا لإعلان الأحكام العرفية، وأصدر الجنرال مكسويل إعلانا آخر، حذر فيه الأهالى من تكدير السلام العام ومساعدة أعداء إنجلترا وحلفائها، ودعاهم إلى اتباع جميع الأوامر التى تصدرها السلطة العسكرية.
وتضمن دستور 1923 أول نص ينظم إعلان الأحكام العرفية، وهى المادة 45 من الدستور، والتى نصت على أن الملك يعلن الأحكام العرفية، ويجب أن يعرض إعلان الأحكام العرفية فورًا على البرلمان ليقرر استمرارها أو إلغاءها، وإذا وقع ذلك الاعلان فى غير دور الانعقاد وجبت دعوة البرلمان للاجتماع على وجه السرعة.
كما أعلنت الأحكام العرفية للمرة الثانية عام 1939 بعد نشوب الحرب العالمية الثانية، بمقتضى القانون رقم 15 لسنة 1923، وانتهت عقب الحرب.
وكان الثالث عشر من مايو من عام 1948 شاهدًا على فرض الأحكام العرفية على مصر للمرة الثالثة، وكان ذلك استعدادًا لدخول الجيوش العربية إلى فلسطين، فى الخامس عشر من نفس الشهر لمحاربة العصابات الصهيونية التى كانت تستعد لإعلان دولة إسرائيل، وكان فرضها بقرار من آخر ملوك مصر الملك فاروق، وعين محمود فهمى النقراشي حاكمًا عسكريًا للبلاد.
أما المرة الرابعة التي فُرضت فيها الأحكام العرفية، فكانت عام 1952 عقب أحداث حريق القاهرة، واستمرت 4 سنوات، قبل أن ترفع فى يونيو 1956.
الطوارئ في ثوبها الجديد
وفي عام 1958 كانت مصر على موعد مع أول فرض لحالة الطوارئ باسمها الجديد بدلًا من الأحكام العرفية، وذلك طبقًا للقانون رقم 162 لسنه 1958، وهى الحالة التى بدأت على أيدي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فى وقت العدوان الثلاثى عام 1956، واستمرت حتى عام 1964.
وأعيدت حالة الطوارئ مرة أخرى أثناء العدوان الاسرائيلى على مصر عام 1967، واستمرت 13 عامًا حتى 1980.
واستهل الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، رئاسته لمصر بإعادة الطوارئ وأصبح تجديد حالة الطوارئ سنويًا منذ 6 اكتوبر 1981 يوم مقتل السادات وحتى عام 1988، والذى أقر فيه مجلس الشعب، أن تتجدد لمدة ثلاث سنوات، واستمر حتى 2010 حيث قرر مجلس الشعب فى 12 مايو 2010 تجديده لمدة عامين فقط.
وعقب تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة شئون البلاد بعد إجبار ثورة 25 يناير 2011 لمبارك على التنحي، قرر إعادته فى مارس 2011، ونص الاعلان علي أن حالة الطوارئ تعلن لمدة 6 أشهر لا يجوز تجديدها إلا بموافقة مجلس الشعب وتجدد مرة واحد ثم بعد ذلك تعرض على الشعب للاستفتاء.
وفى 10 سبتمبر 2011، تجددت حالة الطوارئ بسبب الأحداث التى وقعت أمام السفارة الإسرائيلية، وانتشار الانفلات الأمنى، وفق بيانى المجلس العسكرى ومجلس الوزراء، وهو ما نددت به منظمات حقوقية دولية وقتئذ، وأُعلن رسميًا إيقاف العمل بقانون الطوارئ يوم 31 مايو 2012.
وقرر الرئيس الراحل محمد مرسي، إعادة العمل بقانون الطوارئ في مدن القناة، وذلك في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، لمدة شهر كامل بسبب أحداث الشغب وقتها.
الطوارئ بعد 30 يونيو 2013
وأعلن الرئيس المؤقت عدلى منصور إعادة العمل بقانون الطوارئ وفرض حالة الطوارئ لمدة شهر، في سبتمبر 2013 على خلفية فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر.
وأخيرًا أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، حالة الطوارئ فى سيناء 3 مرات متتالية لمدة 3 شهور، بدأت فى نوفمبر 2014 عقب أحداث الشيخ زويد التى أدت لسقوط 33 جنديًا، وأخيرًا فى 26 أبريل 2017 لمحاربة الإرهاب والجماعات المتطرفة.
وتواصل فرض حالة الطوارئ بشكل متواصل بقرارات متتالية كل 3 أشهر من الرئيس عبد الفتاح السيسي حتى إعلانه إلغاء الطوارئ أمس.
التعليقات حول هذا المقال