تصريح ”السيسي“ كشف لنا اللعبة الخفية للحكومة للاستيلاء على أموال الدعم.. كيف ذلك؟

>> قيمة الدعم انخفضت خلال آخر خمس ميزانيات حكومية من 26.5% إلى 17.5%
>> الحكومة خفضت الدعم على السلع من 70.5% إلى 33.9% واستخدمت أمواله في سد الديون
>> الحكومة ادعت زيادة الدعم على الخدمات الاجتماعية من 26.8% إلى 56% ولكنها استخدمت تلك الأموال لسد ديون صندوق المعاشات
>> الرئيس أعلن إعادة تنظيم الدعم من أجل زيادة التنمية.. بينما دعم التنمية لا يتجاوز 2.6% من إجمالي قيمة الدعم.
 

”أنا مش هلغي الدعم ولا حاجة متخافوش .. لكن هعيد تنظيمه“

تصريح أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي منتصف شهر أغسطس الماضي خلال افتتاح عدد من المشروعات السكنية في مدينة بدر، موضحًا أن إجمالي مخصصات الدعم خلال 10 سنوات تبلغ نحو 3 تريليون جنيه، مشيرًا إلى أن تنمية الريف تحتاج إلى ( 700 - 800 ) مليار جنيه، مبررًا سياساته لتغيير حصص الدعم بأنه يعمل على إعادة توزيع الدعم دون الغاءه. تصريحات الرئيس السيسي دفعت فريق عملنا للاستعانة بعدد من الخبراء الاقتصاديين لمحاولة تحليل حجم الدعم والتغيرات التي طرأت عليه في الموازنة العامة للدولة خلال آخر خمس ميزانيات قدمتها الحكومة، وهو ما كشف لنا أن سياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي تسببت في فقدان الدعم لـ9% من نسبته من إجمالي المصروفات خلال 5 سنوات دون إعادة توزيعه، في حين تم استخدام أمواله في سد ديون الحكومة.

الدعم يتبدد

إذ بتتبع نسبة الدعم من إجمالي المصروفات في آخر خمس ميزانيات أعدتها الحكومة وفقًا لبيانات وزارة المالية، اكتشف فريق عملنا أن نسبة الدعم بلغت 26.5% من إجمالي المصروفات في موازنة عام 2017 – 2018 بينما انخفضت إلى 17.5% في مشروع موازنة العام الجاري 2021- 2022، وهو ما يعني فقدان الدعم لـ9% من نسبته من إجمالي المصروفات خلال آخر خمس ميزانيات مالية.

انخفاض حاد في دعم السلع الأساسية

لم يكن انخفاض نسبة الدعم هو فقط ما توقف عنده فريق عملنا، إذ بتحليل بنود الدعم اكتشفنا تغير هيكلي في أوجه انفاق الدعم، إذ ينقسم الدعم إلى 4 بنود رئيسية إضافة إلى بندين لأرقام إجمالية غير مفصلة، وقد شهدت البنود الرئيسية الأربعة تغيرًا في حصصها من الدعم خلال الميزانيات الخمس الأخيرة وهو ما رصدناه فيما يلي:

 

تحليل التغير الهيكلي في أوجه إنفاق الدعم يكشف التغير الكبير في بندي الدعم السلعي ودعم الخدمات الاجتماعية، إذ تراجع الدعم السلعي من 70,5% إلى  33,9% ( من إجمالي قيمة الدعم ) ، بينما ارتفع دعم الخدمات الاجتماعية من 26,6% إلى 56% ( من إجمالي قيمة الدعم ) ، وهو ما دفعنا للبحث حول أبرز البنود التي تأثرت سلبًا أو إيجابًا في كل من مساري الدعم.

وبالبحث التفصيلي داخل بنود الدعم، فإن الدعم السلعي يشمل 6 أوجه صرف وهي ( دعم السلع التموينية – دعم المزارعين – دعم المواد البترولية – دعم الكهرباء – دعم الأدوية وألبان الأطفال – دعم شركات المياه ).

وقد تعرض الدعم السلعي لتخفيض حاد تمثل في إلغاء الدعم كليا عن الكهرباء والمياه، وانخفاض حاد في دعم المواد البترولية.

Made with Flourish
 

التنمية لم تجنِ ثمار الدعم

الانخفاض الحاد في الدعم السلعي لم تقابله زيادة حقيقية في دعم الخدمات الاجتماعية، إذ بتتبع أوجه صرف دعم الخدمات الاجتماعية، فإنها تشمل 18 جهة صرف تأثرت جميعها سلبًا وإيجابًا بنسب طفيفة، ولكن جهة الصرف الوحيدة التي شهدت تناميًا كبيرًا، وهي دعم صندوق المعاشات والذي ارتفع من 15,9% إلى 42% من إجمالي حجم الدعم الكلي.

Made with Flourish

نسبة زيادة صندوق المعاشات أثارت انتباه فريق عملنا، إذ أن تبرير الرئيس عبد الفتاح السيسي لتغيير سياسات الانفاق في الدعم كان بهدف توجيه الدعم إلى محور التنمية، ولكن المقارنة بين حجم الزيادة الطفيف في بند التنمية مقابل حجم الزيادة الكبير في دعم صندوق المعاشات كشف أن ثمة هدفًا آخر من تغيير سياسات الدعم.

Made with Flourish

 

بحث فريق عملنا عن أسباب زيادة حجم الدعم الموجه لصندوق المعاشات، فاكتشفنا أن الحكومة تقوم بسد جزء من مديونياتها إلى صندوق المعاشات من خلال بند الدعم.

اللعبة الخفية

إذ تعود القصة إلى قيام حكومات سابقة عام 2005 -2006 بضم أموال صندوق المعاشات إلى بنك الاستثمار القومي ثم تم دمج وزارة التأمينات إلى وزارة المالية، وتم دمج الأموال والأصول، إلا أنه بعد عام 2011 تم إعادة استحداث وزارة التأمينات قبل أن يتم تسميتها بوزارة التضامن الاجتماعي، لتطالب هيئة التأمينات بأموالها مجددًا من الحكومة.

وقُدرت أموال هيئة التأمينات التي تضم أموال صندوق المعاشات والتي تم دمجها في موازنة الدولة، بنحو 696,495 مليار جنيه حتى عام 2019، مقسمة كـ ” 367,40 مليار صكوك، 216,08 مديونية، 56,512 مليار جنيه بنك الاستثمار، و 56,503 مليار جنيه مديونية لموازنة عام 2018/2019 “.

وهو ما دفع البرلمان عام 2019 للتصويت على إلزام الخزانة العامة بسداد مبلغ 160,5 مليار جنيه سنويًا للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لمدة 50 عامًا، ويزداد هذا المبلغ بنسبة 5,7% مركبة سنويًا، مقابل تحمل الهيئة كامل التزامات الخزانة العامة الحالية والمستقبلية في المعاشات القائمة وزيادة المعاشات السنوية.

وهو ما دفع الحكومة لاستقطاع جزء من أموال الدعم، لصالح صندوق المعاشات تُحتسب من القيمة السنوية الإجمالية المُلزم دفعها للصندوق لسداد ديون الحكومة لديه.

أعاد فريق عملنا بالاستعانة بخبراء اقتصاديين تحليل نسبة الدعم في ضوء تصنيف الدعم المقدم لصندوق المعاشات على أنه جزء من الديون، فاكتشفنا انخفاض كبير جديد في نسبة الدعم، ليصل إلى 10,1% فقط من إجمالي المصروفات في موازنة العام الجاري.

 

Made with Flourish
 

الديون تلتهم الخبز

السياسات الراهنة الهادفة لتخفيض الدعم، وتوجيه أمواله لتمويل ديون الحكومة، وجهت أنظار فريق عملنا نحو تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن تخفيض الدعم على رغيف الخبز.

وهو ما دفعنا لإعادة التحري حول حجم الدعم المقدم للسلع التموينية ونسبة دعم الخبز منه، فوجدنا أن دعم الخبز يبلغ نحو 50,6 مليار جنيه بما يمثل 15,7% من إجمالي الدعم بموازنة العام الجاري، وهو ما يهدف الرئيس إلى تخفيضه على الرغم من أن ميزانية الدعم تشمل أوجه صرف متعددة أقل أهمية من دعم الخبز أبرزها حصص الدعم للوزارات التي تحصل بالفعل على مخصصات بالموازنة العامة جاء أبرزها:

حان الوقت ان الرغيف أبو 5 صاغ يزيد ثمنه، هو معقوله أدي 20 رغيف بثمن سيجارة !
الرئيس عبد الفتاح السيسي
4 أغسطس 2021

Made with Flourish

 

التحليل الكيفي والكمي للتغيرات التي طرأت على حجم الدعم ونسبته خلال الميزانيات الخمس الأخيرة، وإعادة هيكلة أوجه إنفاقه، كشفت ان أولويات صرف الدعم تتجه نحو سد عجز الموازنة بشكل مباشر كما هو الحال في بند صندوق المعاشات، أو بشكل غير مباشر من خلال بنود دعم الوزارات التي تحظى بالفعل على نسب كبيرة من إجمالي المصروفات في الموازنة العامة.

بينما تحتل بنود التنمية النسب الأقل من مخصصات الدعم، ولم يشهد ارتفاعًا متوازيًا مع حجم التخفيض في بنود أخرى، وهو ما يطرح سؤالًا حول النوايا الحقيقية للحكومة فيما يخص الدعم، هل ستتجه لإلغائه كليًا وتحويل أمواله إلى سداد الديون؟ وما تاثير ذلك على المواطن؟

المصادر

Share on Facebook
Share on Twitter
Share on Linkdin
Share on Pinterest

أضف قائمة تشغيل جديدة

إشترك الآن ليصلكم جديد الأخبار

إشترك الآن في القائمة البريدية

إحصل علي جديد الأخبار