القصة
نظمت منصة “تفنيد” لتدقيق الحقائق وصحافة البيانات، ندوة رقمية مساء أمس الثلاثاء 24 مايو 2022، بعنوان “الرواية الرسمية.. أهميتها وأثر غيابها“، وبمشاركة عدد من المتخصصين بمجال تدقيق الحقائق والمعلومات.
في مستهل كلمته، أكد محمود غزيل، الصحفي والمدرب في مجال تدقيق الحقائق، أن الرواية الرسمية تختلف من دولة لأخرى، وذلك وفق مبدأ الشفافية في كل دولة، فضلاً عن طبيعة البيان أو الرواية، فهناك روايات متعلقة بالشأن الصحي وأخرى بالشأن السياسي وثالثة بالشأن الأمني.
وألقى “غزيل” الضوء على أهمية الرواية الرسمية، من خلال الإشارة إلى الروايات المنشورة على مدار الأيام الماضية حول مرض “جدري القرود”، إذ أشار إلى أن هناك تضاربًا كبيرًا في المعلومات، فضلاً عن غياب الشفافية.
وقال: ” بقدر ما تعتبر الرواية الرسمية هامة لجميع الصحفيين والإعلاميين، فإن الصحفي والإعلامي لابد أن يكون شخص شكاك، يراجع ويتأكد من المعلومات، قائلاً:” هي ليست كلامًا منزهاً لا يجوز الخطأ والشك فيه”.
وأضاف:” كلما كانت المعلومة الرسمية الصادرة من المسؤول أو المؤسسة مكتوبة ومقروءة، كلما كان ذلك أفضل من أجل مساءلة المسؤول وملاحقته أو طلب التصحيح والرد على معلوماته”.
في السياق ذاته، قالت زينة الماجري، مؤسسة مبادرة فالصو لتدقيق الحقائق وصحافة المعلومات، أن الرواية الرسمية قد تكون حكومية أو غير حكومية، كبيان لمؤسسة أو منظمة أو جهة ما، مشيرة إلى أنه رغم أهمية تلك الرواية إلا أنها أحيانا تكون غير حقيقية وتحمل معلومات مًضللة.
مشيرة إلى أن أحد المظاهرات التي خرجت في تونس خلال الشهر الجاري تعرض خلالها أحد المتظاهرين إلى العنف من قبل قوات الشرطة ، وتم التقاط فيديو لواقعة الاعتداء عليه، ولكن بيان وزارة الداخلية التونسية حينها نفت واقعة الاعتداء على المتظاهر رغم وجود دليل يثبت واقعة الاعتداء.
وحول حجب المعلومات، قالت زينة في حديثها، ” إنه في عام 2017 بتونس تم وضع قانون حق النفاذ للمعلومة للمواطنين والصحفيين وهو ما يتيح للجميع الوصول لكافة المعلومات عدا المعلومات التي تتعلق بالأمن القومي، ولكن المعضلة لم تكن في وجود القوانين، بل كانت في تنفيذ تلك القوانين”.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قال الدكتور أحمد ذكر الله أستاذ الاقتصاد جامعة الأزهر، إن للرقم أهمية كبيرة في كافة المجالات، موضحًا أن الرقم يفيد في تخطيط الاقتصاد ورسم الخطط الذي يعتبر أساس نهضة أي دولة من الدول.
وألمح إلى أن غياب الأرقام في الروايات الرسمية لدى مؤسسات الدولة يعني غياب التنمية الحقيقية في أغلب الدول العربية، قائلا: ” هناك أرقام غائبة عن عمد إلى حد كبير خاصة إذا كانت تلك الأرقام تعكس واقع لا تريد الحكومة إظهاره للجماهير العريضة في مختلف البلدان العربية”.
وأكد “ذكر الله” إن الحكومة المصرية لا تعطي البيانات الإ يعد مرور فترة طويلة من الزمن، مشيرًا إلى أن “مؤشر دين الخليج المصري” الذي يرصد الدين العام المصري لا يُحدث بشكل مستمر، إذ رصد حجم الدين منذ عام 2013 بـ 47 مليار والآن يقارب الـ 147 مليار بما يعني هناك زيادة إضافية تقدر بـ 100 مليار إضافية، موضحًا أن موقع البنك المركزي المصري لم يحدث تقريره السنوي منذ عامين، في حين أنه من المفترض ألا تزيد دورية صدور التقرير عن ثلاثة أشهر عالأكثر.
من جهته، قال حسام الوكيل، رئيس تحرير منصة تفنيد، إن المؤسسات المهنية الكبرى ومن بينها الاتحاد الدولي لمدققي الحقائق يؤكدون على أن المواد الصادرة عن منصات تدقيق للحقائق يجب أن يكون لها أثر واسع على الجمهور وذات تأثير في المجتمع، قائلا:” احنا بنقول إن الرواية الرسمية للحكومة والبيانات الرسمية غير الصحيحة سواء كانت فيها أخطاء دقة غير مقصودة أو تضليل متعمد لها أثر بالغ على العديد من شرائح المجتمع بدءًا من المواطن العادي اللي محتاج يبني قراراته فيما يخص صحته وأموره المعيشية على بيانات صحيحة”.
وأوضح أن الرواية الرسمية ومدى توفرها ومصداقيتها وثيق الصلة بالحالة الديمقراطية والمؤسسية في أي دولة، وأنه إذا ما أتيحت البيانات والمعلومات في الرواية الرسمية للدولة، كلما كانت تلك الرواية وبياناتها صادقة وكان المجتمع قادرًا بشكل أكبر على تشكيل وعيه وتحسين اختياراته ومحاسبة حكومته.
وضرب “الوكيل” مثالا بالمعلومات المتعلقة بجائحة كورونا، إذ تتبعت منصة “تفنيد” التصريحات الحكومية منذ بدء استيراد اللقاحات في ديسمبر 2020، وحتى أكتوبر 2021 مع إقالة وزيرة الصحة، وقام فريق العمل بعقد مقارنات وتحقق للتصريحات، وتم رصد نحو 232 تصريحًا وبيانًا شملوا تضارب في المعلومات، وأخطاء في الدقة، وكان بعضها مضللًا بشكل كبير أو يهدف للإثارة خلال 11 شهر، وهو ما فسر أن الكثير الشائعات الخاصة بكورونا، كانت ناتجة عن تأخر الحكومات والمؤسسات المعنية في الإعلان عن معلومات أو الرد على شبهات محددة، أو تضارب الرأي الرسمي .
وأضاف قائلا:” وبالتالي هناك الكثير من المواطنيين لم يعد لديهم ثقة في كلام الحكومة بخصوص هذا الملف، أو على الأقل أصبح لديه عدم قابلية في تصديق الشائعات والأخبار مجهولة المصدر لأن المصدر الأصلي فقد مصداقيته”.
كما دخل المشاركون في نقاشاً حول سبل التعاون بين مدققي الحقائق والمعلومات وبين المؤسسات الرسمية والحكومية من أجل بناء جسر من الثقة.
كما طرح أحد المشاركون فكرة توجيه موضوعات مبسطة للأطفال والمراهقين توضح لهم كيف يتحققون من المعلومات التي يقرأونها باستمرار على الوسائل الإعلامية.
التعليقات حول هذا المقال