البلد
: تونسالادعاء
معلومات رسمية كشفها تقرير محكمة المحاسبات لسنة 2018، قال إنه مخزن قطع الغيار للخطوط التونسية وصل صفر قطعة غيار، وتقرير محكمة المحاسبات، شوف الأخطر من هذا، قال إنه ثمة طائرات سافرت وأقلعت بنسبة خطر متاع إنها تطيح تصل إلى حدود 50%.
أبرز المعلومات
- الادعاء "مضلل"، حيث لم يذكر تقرير محكمة المحاسبات أن مخزون شركة الخطوط التونسية وصل إلى صفر قطعة غيار، بل أشار إلى عديد الإخلالات في التصرف بمخزون القطع، كما أن التقرير لم يشر إلى أن هناك طائرات أقلعت بنسبة خطر يصل إلى 50%.
القصة
تتبع فريق تفنيد الادعاء الذي جاء على لسان الصحفي بسام حمدي، في برنامج “هنا تونس”، على إذاعة “ديوان FM”، يوم 7 نوفمبر 2024، والذي جاء فيه أن مخزون شركة الخطوط التونسية وصل إلى صفر قطعة غيار، وأن هناك طائرات أقلعت بنسبة خطر يصل إلى 50%، وأرجع ذلك إلى تقرير دائرة المحاسبات لسنة 2018، وتبيّن أن هذا الادعاء “مضلّل”، وذلك بالعودة إلى التقرير المذكور لدائرة المحاسبات، وللمهمة الرقابية الخاصة بالتصرّف في أسطول طائرات شركة الخطوط التونسية.
اطلعنا على التقرير الذي أشار إليه المدعي، وتبين أنه يقصد التقرير السنوي الواحد والثلاثين لمحكمة المحاسبات، المنشور على موقع المحكمة، والذي صدر فيه جزء يتعلق بالمهمة الرقابية الخاصة بالتصرّف في أسطول طائرات شركة الخطوط التونسية للفترة 2014 – 2017.
وفي “أبرز الملاحظات” التي أوردها التقرير في بدايته، وبخصوص التصرّف في مخزون قطع غيار الطائرات، لم يذكر التقرير أن المخزون وصل إلى الصفر، بل تمحورت الملاحظات حول “شراءات بصفة استعجالية” وأن هذه “الصبغة الاستعجالية لهذه الشراءات ليست دائما مبررة بدليل مكوث بعض القطع بالمخزون لفترات طويلة مما أدى إلى انتهاء صلاحية البعض منها”، كما لاحظ التقرير تكرّر “عمليات نزع قطع الغيار من طائرات توقفت لفترات طويلة على ذمة الصيانة وهو ما جعلها تصبح بمثابة مخزون احتياطي لقطع الغيار ويمدد بالتالي في فترة توقفها عن النشاط”.
كما جاء في التقرير أنه تم “خلال الفترة 2012 – 2017 نزع قطع غيار من طائرات دون تركيبها بطائرات أخرى ودون أن تتوفر معطيات حول مآلها وذلك في 22 مناسبة وهو ما قد يخفي تجاوزات”، وأضاف أنه “تم في ذات الفترة رصد 658 حالة تتعلق بمعدات معطبة تم إرسالها إلى مختصين في الصيانة لإصلاحها دون أن يتبين ما يفيد استرجاعها من قبل شركة الخطوط التونسية الفنية”.
ويشدّد التقرير على أن هذه الوضعية تقتضي من الشركة “إرساء آليات ناجعة للتصرف في مخزون قطع الغيار وتجنب اللجوء المفرط إلى الشراءات بصفة استعجالية.”
وبالتدقيق في الجزء الخاص بـ”التصرف في مخزون قطع الغيار”، تحدث التقرير عن طرق التزود بقطع الغيار، ولاحظ عديد الإخلالات في هذا الجانب من قبيل القيام بـ”شراءات استعجالية تتعلق بتلبية حاجيات يمكن توقعها وبرمجتها والتزود بها بالطريقة العادية”، و”التزود بقطع غيار لم يقع استعمالها”، وأخرى وقع التزود بها و”انتهت مدة صلاحيتها نتيجة طول مكوثها في المخزون”، كما تم التزود بقطع غيار بنفس الطريقة الاستعجالية (وهذه الطريقة مكلفة حسب التقرير)، رغم أنها موجودة في المخزن.
وحسب التقرير فإن هذه الإخلالات “تتناقض مع التبرير الذي تقدمه كل من شركة الخطوط التونسية وشركة الخطوط التونسية الفنية، بأن التأخير المسجل في إنجاز أعمال الصيانة وارتفاع نسبة توقف الطائرات مردّه النقص في قطع الغيار والصعوبات المالية”.
كما سلط التقرير الضوء على منظومة التصرّف في المخزون، مؤكدا أنها تتضمن “معطيات مشكوك في مصداقيتها” وأن هذه المنظومة “لا تمكن شركة الخطوط التونسية الفنية من متابعة مخزونها بنجاعة”، ودعا التقرير إلى مراجعة هذه المنظومة وإضفاء المزيد من النجاعة عليها”.
هل ذكر التقرير أن بعض الطائرات أقلعت بنسبة خطر 50%؟
بالعودة إلى ذات تقرير دائرة المحاسبات وخاصة إلى الجزء الخاص بسلامة الرحلات، فإن التقرير لم يذكر هذه النسبة، بل أكد أن منظومة التصرف في السلامة تشوبها عديد الإخلالات التي “تعلقت أساسا بالاستعمال المفرط لقائمة الأعطال، وبالأعطال المتكررة، وكذلك بالأعطال المتعلقة بالضغط داخل مقصورة الطائرات”.
ووفق التقرير فإن قائمة الأعطال هي “وثيقة تشغيلية تستخدمها شركات الطيران للسماح للطائرات بالطيران بصفة مؤقتة في ظل ظروف معينة بمعدات ووظائف غير فعالة أو معطبة”، كما “ينص دليل هيكل التصرف في المحافظة على صلاحية الملاحة على أنه طالما تم الحفاظ على مستوى سلامة الطيران يجوز إجراء رحلة أو جزء من الرحلة تحت التسامح التقني في وجود صنف واحد أو مجموعة من المعدات غير فعالة أو عناصر هيكلية ناقصة”.
وكشف التقرير أنه من خلال فحص قائمة الأعطال خلال الفترة 2015 – 2017 تم تسجيل “ارتفاع في عدد الأعطال بطائرات أمنت رحلات من 872 عطلا في سنة 2015 إلى 1047 عطلا في سنة 2016 ليصل إلى 1063 عطلا من يناير إلى نوفمبر 2017″، “كما تم تسجيل 365 عطلا خلال فترة ذروة النشاط لسنة 2017 من غرة يونيو إلى 5 سبتمبر وصل أقصاها خلال ذات اليوم إلى 44 عطلا.
ويذكر التقرير أنه يتم اللجوء إلى قائمة الأعطال من أجل تفادي إيقاف الطائرة وتأمين الرحلات، على غرار شركة الخطوط الجوية الفرنسية التي تعتبر أن العدد الأقصى للأعطال المسموح به هو 3 أعطال لكل رحلة، وهو ما ذكره تقرير دائرة المحاسبات مشيرا إلى أن “الطائرة TSIMQ أمنت رحلة بتاريخ 17 يناير 2016 وبها 7 أعطال وهو مستوى غير مسبوق”، وأضاف التقرير أنه لم يتم “تلافي هذه الوضعية بل سمحت الشركة بتأمين رحلات على متن طائرات بأكثر من 5 أعطال خلال ذات الرحلة في سنة 2017”.
ومن جهتها أصدرت الخطوط التونسية توضيحا، عقب نشر تقرير دائرة المحاسبات أكدت فيه أن “جاهزية الطائرات وسلامة أمن الرحلات يعتبر خطّا أحمرا لا يمكن تجاوزه، حيث إن الإجراءات الوطنية والعالمية في هذا الميدان، تعدّ صارمة جدّا ولا يمكن إلاّ تطبيقها بحذافيرها”.
وضعية صعبة لشركة الخطوط التونسية:
وعرف مطار تونس قرطاج الدولي حالة من الاحتقان والفوضى جراء الاضطرابات التي عرفتها عدد من الرحلات خلال أيام 1 و2 و3 و4 نوفمبر 2024 بسبب مشاكل تقنية مُفاجئة لعددٍ من طائرات شركة الخطوط التونسية، وهو ما حدا بالشركة إلى إصدار بيان اعتذار يوم الاثنين 4 نوفمبر 2024، عبرت فيه عن ”عميق اعتذاراتها عمّا لحق بالمسافرين وبالمتعاملين معها من إزعاج”.
واعتبر الرئيس قيس سعيّد، خلال إشرافه يوم 4 نوفمبر 2024 على اجتماع مجلس الأمن القومي، أن ما حصل في الخطوط الجوية التونسية “يرتقي إلى مستوى الجريمة يتحمّل مسؤوليتها لا فقط من قاموا بالتنفيذ ولكن أيضا من خططوا لها ولغيرها في عدد من المرافق العمومية”.
وتبعا لهذه الأحداث أقرت وزارة النقل يوم 6 نوفمبر 2024 إجراءات وقرارات أعفت من خلالها مديرين عامين ومسؤولين، وقررت “اتخاذ الإجراءات القانونية والتأديبية اللازمة إزاء المتسببين في التجاوزات الحاصلة وإحالة الملف إلى الجهات القضائية المختصّة”، وأقرت يوم 7 نوفمبر 2024 تعيينات جديدة بشركة الخطوط التونسية.
الخلاصة: الادعاء “مضلل”، حيث لم يذكر التقرير أن مخزون شركة الخطوط التونسية وصل إلى صفر قطعة غيار، بل أشار إلى عديد الإخلالات في التصرف بمخزون القطع، كما لم يُشر إلى أن هناك طائرات أقلعت بنسبة خطر 50%.
التعليقات حول هذا المقال