تفاصيل معقدة.. حقيقة أزمة وزارة الرياضة التونسية مع جامعة الكرة

القصة

الأزمة تهدد فرص مشاركة المنتخب التونسي بكأس العالم ومشاركة الأندية بالمسابقات الدولية

كتب: لطفي فارحي

رد كمال دقيش وزير الشباب والرياضة التونسي، على خطاب من الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، كان اعتبر فيه أن سلطات تونس تريد التدخل في شؤون جامعة كرة القدم وسير عملها وتلوح بحل المكتب الجامعي، فقال في رده “الوزارة لا تنتظر حكم القضاء لحل جامعة كرة القدم” وذلك خلال مشاركته في برنامج “Stade plus”على قناة “قرطاج +” يوم 6 أكتوبر 2022.

وكان جاء في خطاب الفيفا: نود أن نذكركم بأن الاتحادات الأعضاء في الفيفا ملزمة قانونًا بإدارة شؤونها بشكل مستقل ودون تأثير غير مبرر من أي طرف ثالث حسب النظام الأساسي للفيفا، وقد يؤدي أي فشل في الامتثال لهذه الالتزامات إلى فرض عقوبات منصوص عليها في قوانين الفيفا، بما في ذلك تعليق نشاط جامعة كرة القدم.

وطالب الفيفا، جامعة كرة القدم التونسية، بتزويده بتقرير مفصل في موعد أقصاه 28 أكتوبر 2022 حول حقيقة الوضع الرياضي في تونس، وذلك بحسب ما نقلته العديد من وسائل الإعلام التونسية ومنها إذاعة “موزاييك اف ام” و”أي اف ام” ودولية “بين سبورت“.

وتظهر أهمية تتبع تفاصيل الأزمة بين وزارة الرياضة وجامعة الكرة، لاشتدادها قبل شهر من انطلاق بطولة كأس العالم 2022 والتي يشارك فيها المنتخب التونسي، فضلًا عن مشاركة الأندية التونسية ومنها الترجي الرياضي التونسي والنادي الافريقي والنادي الرياضي الصفاقسي، في المسابقات القارية دوري أبطال إفريقيا وكأس الاتحاد الإفريقي.

مباراة تونس وزامبيا تعيد الخلافات إلى الواجهة:

لا تعتبر الأزمة الرياضية بين وزارة الشباب والرياضة التونسية وجامعة كرة القدم حديثة، إذ انطلقت الخلافات منذ تولي الوزير الحالي منصب الوزارة في حكومة هشام المشيشي في سنة 2020، حيث صرح آنذاك بإمكانية تدخل الوزارة وحل المكتب الجامعي، بناء على الفصل 21 من القانون الرياضي، وذلك خلال حضوره في مجلس نواب الشعب يوم 27 أكتوبر 2020، في مقطع فيديو تم نشره على الصفحة الرسمية لنادي الهلال الرياضي الشابي، فيما تم إقالته يوم 15 فبراير 2021.

وعادت الأزمة الرياضية في تونس من جديد، مع عودة كمال دقيش إلى منصب وزير الشباب والرياضة في حكومة نجلاء بودن، وبالتحديد مع اقتراب موعد مباراة المنتخب التونسي لكرة القدم أمام المنتخب الزامبي، في إطار تصفيات كأس العالم 2022، إذ صرحت الجامعة التونسية لكرة القدم في بيان لها يوم 16 نوفمبر 2021 على صفحتها الرسمية على “فيسبوك” بإن المباراة ستجرى دون حضور الجمهور، بسبب اشتراط الاتحاد الإفريقي لكرة القدم تقديم وثيقة من وزارة الصحة التونسية في البلد المستضيف قبيل المباراة، لكن الوثيقة المطلوبة وصلت من وزارة الصحة متأخرة عن الموعد المحدد، وهو ما ألزم الاتحاد الإفريقي بإقرار إقامة المباراة بدون حضور الجمهور.

وفي المقابل، أعلنت وزارة الرياضة التونسية في بيانين متتاليين يوم 16 نوفمبر 2021 أن حضور الجمهور مسموح به في تونس وفق طاقة استيعاب محددة.

بيانين من وزارة الشباب والرياضة

1 من 2

- +

لينتهي الخلاف في هذا الشأن بإقامة المباراة بدون حضور الجمهور، لكن الخلاف تواصل حيث توجه وديع الجريء رئيس جامعة كرة القدم، يوم 21 نوفمبر 2021، برسالة عبر صفحته الرسمية في “فيسبوك” إلى رئيس الجمهورية ورئيسة الوزراء ووزير الداخلية وإلى الرأي العام التونسي بشكل عام. وحمل “الجريء” خلال الرسالة المسؤولية كاملةً لوزير الرياضة كمال دقيش عن أي ضرر بدني أو مادي أو معنوي، يمسه أو يلحق بأحد أفراد عائلته، جراء ما وصفه بـ”الادعاءات الخطيرة والباطلة وخطاب الوزير التحريضي الصريح“.

وأشار إلى أن وزير الشباب والرياضة أكد أنّه كلف مختصين في القانون للعمل على ملفات تتعلق به، متسائلًا “هل يمكن أن تكون هناك مساع لاختلاق التهم وإلى فبركة وافتعال ملفات ضده؟”.

كأس إفريقيا للأمم وأزمة الأزياء الرياضية الرسمية:

ثم عادت الأزمة بين الطرفين إلى السطح من جديد، قبل أيام قليلة من انطلاق بطولة كأس الأمم الإفريقية التي أقيمت بالكاميرون في 2022، حيث نشرت الجامعة التونسية لكرة القدم بيانًا عبر صفحتها الرسمية في “فيسبوك” يوم 5 يناير 2022، أشارت فيه إلى أن وزارة الشباب والرياضة رفضت تمكينها من الحصول على الإعفاء الجبائي الذي يحمل عنوان “هبة أزياء رياضية” على غرار ما كان معمولًا به منذ عشرات السنين باعتبار أنه عقد استشهار وليس هبة.

وأضافت الجامعة، أنّها اعتادت على استيراد الأزياء الرياضية للمنتخبات الوطنية التي تحمل ماركات عالمية من الخارج منذ حوالي 30 عامًا دون دفع أي مصروفات، وأعلنت حل أزمة أزياء المنتخب بعد عقد اتفاقية بصيغة جديدة مع مورد رسمي معتمد من طرف الشركة الرياضية KAPPA في تونس.

هذا البيان، دعمه تصريح أمين موقو، عضو المكتب الجامعي خلال تصريحه في إذاعة “موزاييك اف ام” يوم 6 يناير 2022.

كما صرحت وزارة الشباب والرياضة عبر بيان رسمي نشر على صفحتها الرسمية في ذات اليوم، ردًا على بيان جامعة كرة القدم الخاص برفض تمكينها من الإعفاء الجبائي على الأزياء الرسمية للمنتخب التونسي المحجوزة، موضحة أن العقد المبرم بين الجامعة وشركة “كابا فرونس” هو عقد تجاري ولا يخضع لشرط الإعفاء الجبائي.

وشهدت العلاقات بين الطرفين، انفراجة مؤقتة بعد الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الرياضة مع رئيس جامعة كرة القدم والوفد المتواجد مع المنتخب في الكاميرون، في إطار المشاركة في بطولة كأس أمم افريقيا 2022 للتعبير عن سعادته وفخره لما قدمه المنتخب طيلة مشواره في البطولة، والتأكيد على دعم الدولة للمنتخب التونسي.

ومن جانبه رد رئيس الجامعة بالتأكيد على المزيد من عقد العزم والعمل بكل جدية لتحقيق نتائج إيجابية من شأنها رفع راية تونس عاليًا، وذلك عبر بيانين نُشرا تباعًا على الصفحة الرسمية لجامعة كرة القدم ووزارة الشباب والرياضة يوم 27 يناير 2022.

أزمة الهلال الرياضي الشابي:

وأصدرت الجامعة التونسية لكرة القدم يوم 28 أبريل 2022 بيانًا عبر صفحتها الرسمية في “فيسبوك”، أكدت فيه على استقلالية الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة، والهياكل القضائية المستقلة المنتخبة، والمختصة في البت في الإثارات والنزاعات، وذلك في تعليق على خطاب ورد إليها من وزارة الشباب والرياضة محوره النزاع القائم بين الهلال الرياضي الشابي والنادي الإفريقي.

وطالبت الوزارة فيها باستفاء حقوق التقاضي في جميع مراحله وضمان استئناف طبيعي للنشاط، من أهم شروطه صدور قرار بات في إثارة جمعية الهلال الرياضي الشابي، وتلافيًا لكل ما من شأنه الإخلال بالسلم الاجتماعي.

بيان جامعة كرة القدم، ردت عليه وزارة الشباب والرياضة يوم 30 أبريل 2022، ببيان عبر صفحتها الرسمية في “فيسبوك”، فيه ما يروج إلى أن الوزارة لم تلازم الحياد في قضية الهلال الرياضي الشابي والنادي الإفريقي، وانحيازها كان لهلال الشابة، مؤكدة أن مهمتها هي متابعة تطبيق القانون من الهياكل الرياضية، مذكرة بإنها تعامل جميع الأندية بذات الطريقة.

وكان رد جامعة كرة القدم في ذات اليوم عبر بيان على الصفحة الرسمية في “فيسبوك”، ذكرت فيه أنه ردًا على خطاب وزارة الرياضة، تقدم الجامعة التوضيحات والحجج اللازمة مع نشر خطاب الوزارة، والطلب الأساسي الذي تقدمت به في خطابها، وتقرير المكلف العام بنزاعات الدولة الذي تقدم به في المحكمة في حق وزارة الشباب والرياضة.

تدخل “التاس” وتأجيل عودة البطولة:

تواصل الجدال في موضوع هلال الشابة قبل يوم واحد من انطلاق بطولة الرابطة المحترفة الأولى في موسم 2022 – 2023، والذي كان مقررًا يوم 30 سبتمبر 2022، بسبب تدخل المحكمة الدولية للتحكيم الرياضي والتي خاطبت نادي الهلال الرياضي الشابي وأبلغته بفوزه بالقضية التي كان قد تقدم بها، وذلك في بيان نشره النادي عبر صفحته الرسمية يوم 29 سبتمبر 2022.

على إثر هذا القرار أصدرت وزارة الرياضة التونسية بيانًا يوم 30 سبتمبر 2022، تؤكد فيه أنها كانت قد نبهت منذ شهر أبريل الماضي إلى ضرورة انتظار البت في القضية التي رفعها نادي هلال الشابة لمحكمة التحكيم الرياضي قبل انطلاق البطولة الوطنية، تجنبًا لأي تعقيدات، ولتحقيق مبادئ الشفافية والنزاهة في التعامل مع كل الأندية.

وأوضح البيان أن الوزارة دعت المكتب الجامعي إلى مراجعة خريطة مواعيد البطولة قبل انطلاقها حفاظًا على السلم الاجتماعي.

وجاء رد جامعة كرة القدم، بإبداء التعجب من قرار محكمة التحكيم الرياضي والذي قضى بإدماج هلال الشابة ضمن الرابطة المحترفة الأولى للموسم الرياضي 2022- 2023، ضمن المجموعة الأولى، وهو الأمر الذي رفضه الأخير وطالب بالمحافظة على الخريطة الزمنية “الرزنامة” بدون تغيير.

وبالفعل تأجل انطلاق مباريات البطولة التونسية لأسباب أمنية بحسب بيان نشرته جامعة كرة القدم يوم 30 سبتمبر 2022، وذلك قبل 5 دقائق من انطلاق أول مباراة، مع دعوة رؤساء الأندية الرياضية لاجتماع عاجل، وإعلان إطلاقها رسميًا يوم 3 أكتوبر 2022.

المصادر