القصة
تعرف على التحليل الذي أعده فريق عملنا في “تفنيد” لمبادرة حياة كريمة
فى كل مرحلة مرت بها مصر كان هناك اهتمامًا بالريف الذى يعيش به غالب السكان، على المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية ، بداية من مرحلة الملكية الى فترة جمال عبد الناصر والرئيس السادات الى الرئيس مبارك .
وفى ظل النفوذ الذى كانت تتمتع به السيدة سوزان مبارك، زوجة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، تم عقد المؤتمر القومى الأول للتنمية الريفية فى أكتوبر 1994، والذى تم خلاله إعلان البرنامج القومى للتنمية الريفية المتكاملة فى مصر، والمعروف اختصارًا بإسم ” شروق “.
تم إسناد مشروع ”شروق“ إلى جهاز بناء وتنمية القرية التابع لوزارة الإدارة المحلية بالتعاون مع كافة أجهزة الدولة، مُخططا أن يعمل على أربعة مراحل زمنية مدتها 23 عاما من 1994 وحتى 2017.
إلا أنه خلال عشر سنوات من بدايته بلغت قيمة الاستثمارات به 2.8 مليار جنيه، منها 812 مليون جنيه من المشاركات الشعبية والباقى من الدولة.
ومع تولي جمال مبارك أمانة السياسات بالحزب الوطني، وإعداده ليكون وريثا للحكم ، تم إحالة ملفي العشوائيات وتنمية القرية المصرية له في إطار بناء شعبية جماهيرية له.
مشروع الألف قرية
تم الإعلان عام 2007 عن برنامج لتطوير الألف قرية الأكثر فقرا فى مصر، تحت رعاية سياسية من جمال مبارك، وبدأ تنفيذه فى 14 قرية بمحافظتي الشرقية وبنى سويف كمشروع تجريبي، ثم ارتفع العدد المستهدف من القرى الى 1153 قرية فى 11 محافظة غالبيتها بالصعيد.
بدأ البرنامج تحت مسؤلية احمد المغربى وزير الإسكان، بمشاركة 11 وزارة وجهة حكومية الى جانب منظمات المجتمع المدنى مثل دار الاورمان، على أن يصل عدد قرى المرحلة الأولى 156 قرية والتى تستغرق ثلاث سنوات من 2009 وحتى 2011 وبالمرحلة الثانية 941 قرية والثالثة 61 قرية، إلا أن ثورة يناير وتغيير الحكومة تسبب في تعطل خطة العمل.
برنامج تنمية وتطوير القرية المصرية
وفى بداية أكتوبر 2014 وبعد تولى السيسى الرئاسة أعلنت وزارة التنمية المحلية عن تكليفه لها بوضع برنامج لتنمية وتطوير القرية المصرية وتوابعها، ليبدأ تنفيذ الخطة العاجلة به من خلال وزارتى التنمية المحلية والدفاع من خلال الهيئة الهندسية بها والمحافظات.
استهدف المشروع العمل في 78 قرية بواقع ثلاث قرى فى 26 محافظة أي بكل المحافظات عدا القاهرة، على خمس سنوات بتكلفة أولية 1.075 مليار جنيه، تم إضافة 2.096 مليار أخرى إليها مما أطال فترة التنفيذ لصعوبات التمويل.
وبالفعل أعلنت قوانين ربط خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية السنوية، عن تخصيص مبالغ لمشروع تنمية القرى الأكثر احتياجًا بلغت 1.320 مليار جنيه بالعام المالى 2015/2016، و 1.219 مليار بالعام المالى 2016/2017 فى 19 محافظة فقط.
وارتفعت استثمارات المشروع بالعام المالى 2019/2020 إلى 7 مليار جنيه فى سبع محافظات فقط كلها بالصعيد.
حياة كريمة والبدايات المتواضعة
فى الثانى من يناير 2019 دعا السيسى على حسابه عبر موقع فيسبوك، أجهزة الدولة بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى لإطلاق مبادرة وطنية لتوفير حياة كريمة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجا.
إلا أن ضعف الاستجابة المجتمعية في المشاركة بالمبادرة وعجز الموازنة، دفع وزيرة التضامن الاجتماعي غاده والى لإنقاذ الموقف بالإعلان عن تكثيف تنفيذ برامج الوزارة للحماية الاجتماعية للمساهمة فى التخفيف عن الفئات الأكثر احتياجا، وهي برنامج ”سكن كريم“ و ”فرصة“ و“تكافل وكرامة“ و“أطفال بلا مأوى“.
اعتمدت مبادرات وزيرة التضامن المنضوية تحت مبادرة حياة كريمة على تقديم خدمات ومساعدات إجتماعية وليست مشروعات تنموية مدرة للدخل، مثل تجهيز عرائس وزواج يتيمات وحفلات زواج جماعى، وتوفير بطاطين ومفروشات لمواجهة برد الشتاء وتقديم معونات غذائية للأسر الفقيرة ، وتركيب قطع موفرة للمياه بحنفيات المساجد ومشروعات لجمع القمامة.
كما كانت برامج وزيرة التضامن الاجتماعي محدودة الانتشار في بدايتها، حيث بلغ عدد وصلات مياه الشرب التى توصيلها للمنازل فى قرى أربع محافظات هى: المنيا وسوهاج وأسيوط وقنا 2229 وصلة، و1792 وصلة للصرف الصحى وترميم 2129 سقفا.
تظاهرات 20 سبتمبر 2019
تظاهرات 20 سبتمبر 2019 دفعت الحكومة للبحث عن طرق لتهدئة الشارع، فقامت وزارة التخطيط بتمويل مبادرة حياة كريمة بمليار جنيه، فيما قامت وزارة الأوقاف بتمويل المبادرة بـ200 مليون جنيه.
فيما قامت الحكومة بدمج مبادرة حياة كريمة مع برنامج التنمية المحلية المتكاملة للقرى الأكثر احتياجا التابع لوزارة التنمية المحلية منذ 2014، ليتم الاتفاق على توسيع العمل ليشمل 270 قرية خلال عامى 2019/2020 و 2020 /2021.
وأعلنت الحكومة توسيع العمل مجددًا ليشمل 500 قرية بالعام المالى الثالث ثم أعلنت استهداف كل القرى المصرية خلال ثلاث سنوات بتكلفة 700 مليار جنيه، على أن يبدأ التنفيذ للمرحلة الأولى منه خلال العام المالى الحالى 2021/2022.
”حياة كريمة“ مفرخة سياسية
تم تأسيس مؤسسة أهلية باسم حياة كريمة من المتطوعين من خريجى الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب والتى تم تأسيسها عام 2017 ، لتجهيز الشباب لدخول إنتخابات المجالس المحلية، وعضوية الأحزاب المساندة للنظام مثل مستقبل وطن وتولى بعض المناصب المساعدة بالمحافظات والوزارات، على أن تقوم تلك المؤسسة بتنظيم قوافل طبية لعلاج المواطنين بالقرى، كما تم تكليف أعضاءها بالمحافظات بمتابعة تنفيذ المشروعات الحكومية الجارى تنفيذها بالقرى .
وتم عقد مؤتمر باستاد القاهرة الدولى خلال شهر يوليو 2021، للإعلان عن مشروع تطوير القرى بإعتباره المشروع الأضخم فى تاريخ الريف المصرى، والذى يستفيد منه 58% من السكان، مع الإعلان عن تكليف عدد من الفنانين ولاعبى الكرة والإعلاميين كسفراء للمشروع ، وإسهام رجال الأعمال بنحو 5.5 مليار جنيه للمشروع .
”حياة كريمة“.. أموال خارج الرقابة
المبادرة فى شكلها الأخير الممتد لكل القرى المصرية لا توجد بيانات عن مصادر تمويلها، سوى ما أعلنه رئيس الوزراء حول أنها ستتم على ثلاث مراحل خلال ثلاث سنوات، المرحلة منها تتم فى 52 مركزًا من الأكثر احتياجًا تضم 1400 قرية وعشرة آلاف تابع بتكلفة 260 مليار جنيه.
كما خلا قانونى الموازنة والخطة للعام المالى الحالى من أية إشارة للمبادرة، التى من المقرر تنفيذ المرحلة الأولى منها بالعام المالى الحالى، فى ظل عجز متوقع للموازنة الحكومية بالعام المالى الحالى يبلغ 475.5 مليار جنيه، وبلوغ حجم الاقتراض المتوقع بتلك الموازنة بالعام المالى الحالى 1 تريليون و68.5 مليار جنيه.
التعليقات حول هذا المقال