البلد
: فلسطينالقصة
كتب: هايدي سمير
بعد ساعات قليلة من مجزرة أدت إلى مقتل 31 مدنيا وإصابة أكثر من 200 في رفح بقطاع غزة، صباح يوم 1 يونيو 2025، بالقرب من مركز لتوزيع المساعدات الإنسانية التابعة لمؤسسة “غزة للإغاثة الإنسانية” غرب مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وفق ما أعلنه مكتب الإعلام الحكومي في غزة، تبنت إسرائيل رواية نشرتها بشكل منظم، اتهمت فيها حماس بارتكاب المجزرة، قبل أن تبدأ منصات وحسابات عربية في تبني ذات الرواية، التي تم كشف زيفها لاحقا.
تتبع فريقا “تفنيد” و”تيقن” خريطة انتشار الرواية الإسرائيلية “المضللة”، التي أنشأتها حسابات عسكرية إسرائيلية وتبنتها حسابات دبلوماسية وإعلامية، قبل أن تتورط حسابات عربية في تبني ذات السردية.
كيف بدأت السردية الإسرائيلية؟ وكيف انتشرت؟
1 يونيو / حزيران – 10:53 ص
“الأمر قيد التحقيق”، عقب وقوع المجزرة أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الساعة 10:53 صباحًا عبر حسابه في “إكس“، أنه لا يوجد مصابون نتيجة لإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي.
1 يونيو / حزيران – 6:51 م
وبدأت الهيئات الدبلوماسية الإسرائيلية في تبني الرواية ونشرها؛ إذ نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانا في تمام الساعة 6:51 مساء، يؤكد أن نتائج التحقيق الأولي تكشف أن الجيش لم يطلق النار على مدنيين في أثناء تواجدهم قرب أو داخل موقع توزيع المساعدات الإنسانية، وأن التقارير المتداولة بهذا الشأن كاذبة.
وأضاف البيان، أن جيش الدفاع الإسرائيلي يتعاون مع المنظمة المدنية الأمريكية (GHF) ومع منظمات الإغاثة الدولية، من أجل تمكين توزيع المساعدات على سكان غزة وليس على حماس التي تسعى “لإحباط جهود توزيع الغذاء في قطاع غزة”.
1 يونيو / حزيران – 7:47 م
في الساعة 7:47 مساءً نشر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية فيديو مكونًا من 11 ثانية، يظهر فيه شخص ملثم يطلق الرصاص على مدنيين، وزعم متحدث الخارجية أن حماس هي من أطلقت النار على المدنيين، قائلا: “شاهد بعينيك: حماس تطلق النار على المدنيين في غزة لمنعهم من الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات”.
1 يونيو / حزيران – 7:57 م
بعد ١٠ دقائق من نشر متحدث الخارجية للفيديو، تبنى المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي في الساعة 7:57 مساءً ذات الرواية، لينشر فيديو مدته 25 ثانية، مكونًا من جزأين، جزء يظهر فيه مئات المدنيين يحصلون على مساعدات غذائية قبل أن يتحول المشهد إلى ذات الفيديو الذي نشره متحدث الوزارة لشخص ملثم يستهدف مدنيين.
وبالتوازي مع الجهات الرسمية الإسرائيلية، اتجهت سفارات وقنصليات إسرائيل في دول العالم لذات الاتجاه.
1 يونيو / حزيران – 7:30 م
افتتحت قنصلية الاحتلال في مدينة ميامي الأمريكية الطريق الدبلوماسي الإسرائيلي، بنشر الفيديو عبر موقع فيسبوك، ورددت الرواية الإسرائيلية حول الأحداث.
1 يونيو / حزيران 7:57 م
وبعدها بقليل، نقل المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ذات الأمر.
1 يونيو / حزيران 8:29 م
أما الحساب الرسمي لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، فنشر مقطع فيديو بعنوان مسيرة الدرون توثيق مسلحون وملثمون يلقون الحجارة ويطلقون النار نحو سكان قطاع غزة، وذكرت أن حماس “هي منظمة إرهابية وحشية تقوم بتجويع سكان قطاع غزة”.

1 يونيو / حزيران 8:30 م
وبعدها بدقيقة واحدة ذكرت سفارة إسرائيل في دولة لتوانيا، الأمر ذاته، بنشر ذات الفيديو وذات الادعاءات.
1 يونيو / حزيران 8:42 م
ونشر حساب رئيسة قسم الإعلام العربي بجيش الاحتلال الإسرائيلي، ذات الرواية والفيديو.
1 يونيو / حزيران 8:49 م
وفي غضون دقائق معدودة نشرت سفارة إسرائيل في جورجيا، الأمر ذاته.
1 يونيو / حزيران 9:4 م
وبشكل متوالي نشر سفير إسرائيل في الاتحاد الأوروبي، ذات الأمر عبر منصة إكس، بينما نشرته لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية “أيباك” في فيسبوك.
يونيو / حزيران – 9:20 م
كما نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية الإسرائيلية عبر “فيسبوك” ذات الفيديو الذي نشره متحدث جيش الاحتلال الإسرائيلي، أرفقته باتهامات لحماس منها “لقطات طائرة بدون طيار اليوم تكشف: إرهابيو حماس مسلحون في خان يونس يطلقون النار على المدنيين في غزة يجمعون المساعدات الإنسانية”.
1 يونيو / حزيران 10:19م
ونشر حساب المنسق “العسكري” عبر منصة فيسبوك ذات الرواية أيضًا.
2 يونيو / حزيران – 12:25 ص
ومع الدقائق الأولى من اليوم التالي، نشرت سفارة إسرائيل في نيويورك، ذات الأمر.
2 يونيو / حزيران 4:8 ص
ولحقتها سفارة إسرائيل في سنغافورة، في نشر الفيديو ومعه الرواية الإسرائيلية كاملة.

الترويج الإعلامي المكثف:
نشرت وسائل إعلام إسرائيلية رواية الاحتلال الرسمية، وتبنتها وسائل إعلام دولية وبعض الصحفيين، دون تحقق من تلك الرواية.
1 يونيو / حزيران 7:41 م
نشرت صحيفة y net news الإسرائيلية، الواقعة كما يرويها جيش الاحتلال.
1 يونيو / حزيران 8:13 م
وكغيرها نقلت صحيفة “جيروزالم بوست”، الرواية التي يبثها جيش الاحتلال الإسرائيلي كما هي وبدون تدقيق أو بحث.
1 يونيو / حزيران 8:18 م
وقال الصحفي الإسرائيلي يوني بن مناحيم، إن الحقيقة هي أن المقطع يؤكد إطلاق النار من قبل حماس على المدنيين.
1 يونيو / حزيران 10:6 م
نشر صحفيون دوليون تلك اللقطات، مع ذكر الرواية الإسرائيلية، بدون أي ذكر لوجهة نظر أخرى.
حسابات فلسطينية تدعم الرواية الإسرائيلية:
لم تكن الجهات والصحف الإسرائيلية وحدها هي التي تبث تلك الرواية، بل تورطت حسابات فلسطينية على منصات التواصل أيضًا.
1 يونيو / حزيران 9:14 م
الفلسطينية أمل عرفات تنشر الفيديو وتقول: “جواسيس حماش يقتلون النازحين الذاهبين لاستلام المساعدات”
1 يونيو / حزيران 9:26 م
ونشر الدكتور جمال نزار عضو المجلس الثوري لحركة فتح، الفيديو، وقال إنه مذلة وجريمة ما وثقه جيش الاحتلال الإسرائيلي “إن كان ادعاؤه صادقًا”.
1 يونيو / حزيران 9:33 م
الفلسطينية لينا أحمد أيضًا نشرت الفيديو، وكتبت عليه: الاحتـلال ينشر فيديو يظهر فيه عناصر حماس وهم يطلقون النار بشكل مباشر على النازحين الذاهبين لاستلام المساعدات.
1 يونيو / حزيران 10:23 م
حساب الفلسطيني ورقة بن نوفل، ينشر الفيديو الذي يحمل وجهة نظر أفيخاي حول الواقعة.
2 يونيو / حزيران 12:14 ص
صفحة “منبر الأحرار” الفلسطينية تنشر الفيديو وتقول: عندما نقول عناصر حماس شبيحة ومافيا ومليشيات ومرتزقة إيرانية وإخوانية تتاجر بدماء الشعب هذا سبب استهداف جيش الاحتلال للمواطنين.ويأتي ذلك على الرغم من نشر عدد من الحسابات على “إكس” نفى تلك المزاعم، والتوضيح أن الفيديو المتداول من قبل الاحتلال ليس من رفح، بل هو من نقطة بيع دقيق في خان يونس، يُقال إنها مملوكة لعائلة مسلحة معروفة بسرقة المساعدات وبيعها كيس الدقيق بـ30 دولارًا.

الأدلة تكذب رواية الاحتلال عن مجزرة مساعدات غزة:
نشر صحفيون مقطع فيديو يوثق اللحظات الأولى لبدء إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال لاستهداف المدنيين، خلال محاولتهم الوصول إلى مركز المساعدات الأمريكي غرب رفح جنوب غزة، وقتل العشرات من المواطنين الجوعى، في أثناء محاولتهم الحصول على الطعام لأطفالهم وعائلاتهم، مع الإشارة إلى تعمد الاحتلال إطلاق النار على الرأس والصدر بنية القتل.
وأكدت منظمة أطباء بلا حدود عبر بيان رسمي، تأكيدات المرضى تعرّضهم لإطلاق نار من جميع الجهات بواسطة طائرات مسيّرة ومروحيات وزوارق ودبابات، بالإضافة إلى جنود إسرائيليين على الأرض، وأنهم خرجوا من جميع النواحي وهو ما أكدوا الناجين عبر فيديوهات نشرها صحفيين.
وطالبت المنظمة بتقديم المساعدات الإنسانية حصريًا عبر منظمات إنسانية تمتلك الكفاءة والإرادة لتقديمها بشكل آمن وفعّال.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي لقطاع غزة، أن الاحتلال “الإسرائيلي” حوّلها إلى مصائد للقتل الجماعي، وارتفع إجمالي عدد الشهداء في مواقع توزيع هذه “المساعدات” خلال أقل من أسبوع إلى 39 شهيدًا وأكثر من 220 جريحًا، في مشهد دموي يعكس طبيعة هذه المناطق بوصفها مصائد موت جماعي وليس نقاط إغاثة إنسانية.
فيما ذكر المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، أن توزيع المساعدات في غزة أصبح “مصيدة للموت”، وشدد على ضرورة أن ترفع إسرائيل الحصار، وأن تسمح بدخول المساعدات وتوزيعها بأمان ودون عوائق تحت إشراف الأمم المتحدة.وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي، بتحرك فوري صارم لإلزام إسرائيل بوقف العمل بآلياتها غير الإنسانية لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، وبحسب شهود عيان تحدّث معهم تُحضر المنظمة الأميركية كميات محدودة من طرود المساعدات، وتُوجه عشرات آلاف الفلسطينيين إلى منطقة التوزيع الخطرة، وهناك تستهدفهم القوات الإسرائيلية بالرصاص والقذائف.
مؤسسة غزة الإنسانية:
وفقًا لموقع “BBC عربي” لا تملك “مؤسسة غزة الإنسانية” موقعاً رسمياً أو صفحات على منصات التواصل الاجتماعي، لكن وبحسب سجلات المؤسسات الخيرية على موقع Fundraiso، ومقرّه سويسرا، فإن المنظمة مسجلة في سويسرا، وتأسّست في 11 فبراير 2025، ومقر عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وحذرت المنظمات الإنسانية من أن نظام توزيع المساعدات الذي وضعته المؤسسة يستبعد عملياً من يعانون من صعوبات في الحركة، بمن فيهم المصابون، وذوو الإعاقة، وكبار السن، وسيجبر الناس على مزيد من النزوح، وسيُعرّض آلاف الأشخاص للأذى، وسيجعل تقديم المساعدات “مشروطاً” بأهداف سياسية وعسكرية، وسيُشكّل “سابقة غير مقبولة” في مجال إيصال المساعدات حول العالم.
المصادر
حسابات القوات العسكرية | تصفح تصفح تصفح تصفح تصفح |
وزارة الخارجية الإسرائيلية | تصفح تصفح تصفح |
السفارات الإسرائيلية | تصفح تصفح تصفح تصفح |
منظمة ايباك | تصفح |
David Collier | تصفح |
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة | تصفح |
وزارة الصحة غزة | تصفح |
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان | تصفح |
أطباء بلا حدود | تصفح |
الأونروا | تصفح |
BBC عربي | تصفح |
التعليقات حول هذا المقال