البلد
: تونسالقصة
المؤشرات الدولية: ديمقراطية تونس تتراجع وتلتحق بقائمة “الأنظمة الهجينة”
كتب: صفاء سايحي
صرحت سلوى الحمروني، أستاذة القانون العام ورئيسة الجمعية التونسيّة للقانون الدستوري، بأن عدة عناصر لا تُؤشر بأن تونس في إطار تحسين الديمقـراطية، ولا تعبر عن أن البلاد كانت في مرحلة ديمقـراطية، مُقارِنَةً بذلك بين الوضع السياسي التونسي قبل 25 يوليو 2021، وبعده، وذلك خلال حضورها ضيفة في إذاعة “شمس اف ام”، يوم 28 مارس 2023.
فهل تونس لم تكن بلدًا ديمقراطيًا فعلا؟
بعد ثورة الرابع عشر من يناير، استبشر الرأي العام الدولي بتونس خيرًا، وكان ما تعيشه البلاد وقتها يُقرأ على أنه “انتقال ديمقـراطي هو الخطوة الأولى لتونس في طريق ديمقـراطيّة حقيقيّة”.
تصريح سلوى الحمروني، دفع فريق “تفنيد” للبحث في مؤشر الديمقـراطية، عن ترتيب تونس قبل وبعد 25 يوليو 2021، وهو تاريخ الإجراءات الاستثنائية التي قام بها الرئيس قيس سعيّد، وأفضت لتعليق العمل بالدستور وإغلاق البرلمان ومن بعدها لدستور جديد وانتخابات جديدة ومجلس نيابيٍ جديدٍ.
وبالبحث وجدنا مؤشرين اثنين يُعنيان بالديمقـراطية، وهما:
democracy matrix، وThe Global democray index.
- مؤشر أيكونوميست للديمقراطية:
أنشأت شركة The economist group، موقع The economist، في عام 1946، ليوفر محللين سياسيين وخبراء في الاقتصاد، يصدرون بيانات وتحليلات وتقارير شهرية وأبحاث ذات جودة عاليّة في مجالات عدة، بدءًا من الانتخابات إلى التجارة الدوليّة والأمن الغذائي.. ويعتبر مؤشر الديمقراطية هو واحد من تلك التي يعمل عليها فريق “ايكونوميست”.
ويقدم مؤشر الديمقـراطية الخاص بأيكونوميست، الذي بدأ في عام 2006، لمحة عن حالة الديمقـراطية في جميع أنحاء العالم في 165 دولةً مستقلةً ومنطقتين.
ويعتمد المؤشر على 5 فئات وهي: العملية الانتخابية والتعددية؛ وعمل الحكومة؛ والمشاركة السياسية؛ والثقافة السياسية؛ والحريات المدنية.
وبناءً على درجاتها وفقًا لمجموعة من المؤشرات ضمن هذه الفئات، يتم تصنيف كل بلد كواحد من أربعة أنواع من الأنظمة: “الديمقراطية الكاملة”؛ “الديمقـراطية المعيبة”؛ “نظام هجين”؛ “نظام استبدادي”.
1- تونس ما قبل 25 يوليو 2021:
حمل التقرير الخاص بمؤشر الديمقـراطية لسنة 2020 عنوان “في المرض والعافية”، حيث ركزت هذه النسخة الثالثة عشر من المؤشر على “تأثير فيروس كورونا على الديمقـراطية والحريّة حول العالم”.
وأوضح التقرير، أن متوسط الدرجة العالمية في مؤشر الديمقـراطية لعام 2020، انخفض من 5.44 في عام 2019 إلى 5.37 بسبب القيود التي فرضتها الحكومات حول الحريات الفرديّة والحريّات المدنية استجابة لتداعيات كورونا.
ووفقا للخريطة المرفقة بالتقرير، فإن تونس حاصلة على اللون الأزرق الفاتح مما يعني أنها تنتمي لقائمة الدول ذات “الديمقـراطية المعيبة” وهي بذلك جزء من 52 دولةً تتقاسم ذات التصنيف، فيما حصلت 23 دولةً فقط على تصنيف “ديمقـراطية تامة”.
واحتلت تونس المرتبة 54 في مؤشر الديمقـراطية لسنة 2020، بمعدل 6.59 نقاط، أي أعلى من متوسط الدرجة الخاص بذات السنة وهو 5.44.
ويوضح الرسم البياني أعلاه، تطور عدد النقاط التي جمعتها تونس في مؤشر الديمقـراطية بين 2011 و2020، أي منذ ثورة 14 يناير 2011 لما قبل سنة واحدة من الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس سعيّد، حيث نلاحظ أن نقاط تونس اتخذت منحى تصاعديًا في المؤشر منذ انطلاق الثورة وإلى 2015، وتراجعت خلال 2016 و2017، ثم عادت لترتفع مرة أخرى.
وتحتل تونس المرتبة الثانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط في ذات المؤشر، فيما تُصنف باقي دول المنطقة لـ16 دولةً ذات نظام “سلطوي” ودولتين فقط ذاتا “نظام هجين”، ودولتين “ديمقـراطية معيبة”.
2- تونس ما بعد 25 يوليو 2021:
حمل التقرير الخاص بمؤشر الديمقـراطية لسنة 2022 عنوانًا: “الجبهة الديمقـراطية والمعركة من أجل أوكرانيا”، وتوضح الخريطة المرفقة فيه أن تونس تراجعت عن اللون الأزرق الفاتح الذي يمثل الدول ذات الديمقـراطية المتعثرة، لتحصل على اللون الأصفر في الخريطة والذي يعني أنها صارت ضمن الدول “ذات النظام الهجين”.
وحصلت تونس على 5.51 نقاط في مؤشر عام 2022، مقابل 5.99 نقاط في 2021 والتي عرفت فيها البلاد إجراءات الرئيس الاستثنائية، مما يعني أنها سجلت تراجعًا.
- مؤشر مصفوفة الديمقراطية democracy matrix:
ينتمي مؤشر democracy matrix لجامعة Julius-Maximilians-Universität Würzburg (JMU)، وهي واحدة من أكبر الجامعات في ألمانيا حيث تلتزم JMU بتطوير الأبحاث في المجالات ذات الصلة بالمستقبل، وأجرى العديد من العلماء أبحاثًا وقاموا بالتدريس في فورتسبورغ، من بينهم 14 عالمًا حائزًا على جائزة نوبل.
ووفقا للموقع الخاص بالمؤشر فإن ديمقراطية ماتريكس أو مصفوفة الديمقـراطية، هي أداة لقياس جودة الديمقراطية، تستمد قوتها إلى حد كبير من التفكير النظري للديمقـراطية الشاملة يشمل هذا الفهم للديمقـراطية أبعاد الحرية السياسية، والمساواة السياسية، والسيطرة السياسية والقانونية.
وقياس الديمقـراطية هو أحد المجالات الرئيسية للبحث في العلوم السياسية المقارنة عن طريق التحديد التدريجي لجودة النظام، وبالتالي عبر التركيز على الأداء الديمـقراطي.
ويُقسم هذا المؤشر جودة الديمقـراطية لثلاثة محاور كُبرى هي:
- الديمقـراطية وتتكون من ديمقـراطية تامة وديمقـراطية منقوصة.
- استبداد معتدل.
- الاستبداد الصعب.
ويتوافق الرقم 1 في قيمة المقياس مع النظام الديمقـراطية والرقم 0 مع النظام الاستبدادي.
اعتبر هذا المؤشر تونس سنة 2020 دولة ديمقراطية، حيث حلت في المرتبة 41 عالميًا من أصل 176 دولةً، بقيمة 0.779 نقطة، مما يعني أنها دولة ذات “ديمقـراطية منقوصة”.
ويعتبر المؤشر أن 34 دولةً تعيش “ديمقـراطية كاملة” في صدارتهم الدمنيكار، فيما لم يوفر المؤشر أي أرقام جديدة بعد سنة 2020.
بالرجوع للمؤشرات الدولية تبين أن تونس عايشت فعلا فترة من “الديمقراطية المعيبة” غير أن إجراءات 25 يوليو 2021 جعلتها تتراجع لتصنيفات ألحقتها بقائمة “الأنظمة الهجينة”
التعليقات حول هذا المقال