القصة
الخارجية الأمريكية: إخفاء قسري وتعذيب ومعاملة قاسية وسجون مهددة للحياة في مصر
كتبت: هايدي سمير
قال جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر “حكومي”، إن مراكز الاحتجاز في أقسام الشرطة سيئة للغاية، معربًا عن أسفه لوفاة 2 من المحتجزين في وقت قريب، وذلك خِلال مُداخلة هاتفية على فضائية الجزيرة مباشر يوم 10 أغسطس 2022.
وتظهر أهمية تصريح “إسحق”، لصدوره بعد تقرير “حقوق الإنسان في مصر 2021” الصادر من مكتب الديموقراطية وحقوق الإنسان والعمل التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، يوم 18 يوليو 2022، والذي رصد حالات للقتل غير القانوني أو التعسفي، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون على يد الحكومة أو وكلائها، ومن قبل الجماعات الإرهابية.
بالإضافة إلى الاختفاء القسري من قبل أمن الدولة؛ والتعذيب وحالات المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من قبل الحكومة؛ وظروف السجن القاسية والمهددة للحياة؛ والاعتقال التعسفي؛ والسجناء والمعتقلين السياسيين؛ والأعمال الانتقامية ذات الدوافع السياسية ضد الأفراد الموجودين في دولة أخرى؛ والتدخل التعسفي أو غير القانوني في الخصوصية؛ والانتهاكات الجسيمة في النزاع، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري، والاختطاف، والانتهاكات الجسدية.
بيانات حكومية للرد:
وفي اليوم ذاته نفت وزارة الداخلية المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، سوء أوضاع السجون، واتهمت من يشيرون إلى سوء أوضاعها بمحاولة تحقيق مكاسب شخصية، وأكدت أن ذلك يتنافى مع تقارير وتصريحات موثقة صدرت عن رئيسة وأعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، ولجان حقوق الإنسان بمجلسي النواب والشيوخ والعديد من المنظمات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، وأن مراكز الإصلاح والتأهيل، يتم فيها تطبيق سياسة عقابية حديثة تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وفي اليوم التالي 11 أغسطس 2022، خرج المكتب الإعلامي للمجلس القومي لحقوق الإنسان، بتصريح عبر موقعه الرسمي، ذكر أن ما صدر مؤخرًا من تصريحات على لسان أحد أعضاء المجلس حول الأوضاع بالسجون يُعبر عن رأيه الشخصي ولا يُعبر عن رأى المجلس.
فيما أطلقت لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي بمجلس الشيوخ، في اليوم ذاته 11 أغسطس 2022، بيانًا، اتهمت فيه جورج إسحاق بالظهور على شاشات إحدى القنوات الفضائية الخارجية وإصدار تصريحات عن حالة حقوق الإنسان بمصر، لاسيَّما ملف أوضاع المسجونين والمحبوسين احتياطيًا، بشكل اتسم بالعشوائية وعدم الدقة، واعتبرت أنها أمورًا تتنافى مع طبيعة عمله كعضو بالمجلس القومي لحقوق الإنسان.
واعتبرت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، في بيانًا لها يوم 11 أغسطس 2022، أن تصريح جورج إسحاق يحمل ادعاءات مغلوطة ومغايرة للواقع، وأن أهدافها مسيسة، وأن نهجها غير متوازن ويتجاهل بشكل مُتعمد ما حققته الدولة المصرية من خُطوات فعالة من أجل ترسيخ حقوق الإنسان وتعزيزها عبر مقاربة شاملة ترتكز على الارتقاء بحياة المواطن المصري في جميع المجالات، وهو البيان الذي نشرته مواقع “المصري اليوم، والبوابة نيوز، وبرلماني“.
ماذا كان يقول المجلس القومي عن أوضاع أقسام الشرطة قبل تصريح “إسحق”:
في 7 أغسطس 2022، قال ولاء جاد الكريم رئيس مكتب الشكاوى بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، في تصريح خاص لـ”المنصة“، إن المجلس يعتزم زيارة أقسام الشرطة، وذلك على خلفية تلقي المجلس شكاوى بسوء أوضاع المحبوسين بأماكن الاحتجاز الشرطية، مؤكدًا أن معظم الشكاوى التي ترد إلى المجلس القومي تتعلق بإساءة المعاملة، وتدهور الأوضاع المعيشية بأقسام الشرطة، خاصة أن أماكن الاحتجاز غير مؤهلة للأعداد الكبيرة من المقبوض عليهم.
وبالبحث عن تصاعد الحديث عن أوضاع مراكز الاحتجاز في أقسام الشرطة، وجدنا أنه في الشهر الحالي أغسطس 2022 أعلنت منظمات حقوقية “غير حكومية” عن وفاة 3 أشخاص في أماكن الاحتجاز.
ففي يوم 9 أغسطس 2022، أعلن مركز الشهاب لحقوق الانسان وفاة مهندس البرمجيات أحمد السيد علي جاب الله الذي يبلغ من العمر 42 عامًا، بسبب ظروف الاحتجاز التي وصفها ببالغة السوء من تكدس وارتفاع الحرارة والإهمال في قسم شرطة ثان الزقازيق بمحافظة الشرقية، وذلك بعد القبض عليه باسبوعين.
وفي ذات اليوم، أعلن مركز الشهاب لحقوق الإنسان، وفاة الشاب مصطفى نافع رمضان، ميكانيكي سيارات، 19 عامًا، وأرجع المركز سبب الوفاة للتعذيب والضرب داخل قسم شرطة ثان رمل بالإسكندرية على أيدي الضابط مصطفى محمد السباعي الشيوي.
وأوضحت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أن آثار الاعتداءات ظهرت بوضوح على جثمان الشاب، ومنها كدمات كثيرة منتشرة بمختلف أجزاء جسده، وخاصة في منطقة الرقبة والظهر.
بالإضافة إلى إصابته في الجانب الأيسر من الرأس إصابة “مريعة”، يرجح أنها جاءت بسبب استخدام آلة حادة أو كعب المسدس نظرًا لعمقها الشديد، وكذلك إصابة في أسفل الذقن وفي الأنف تكررت عدة مرات، وفقًا للشبكة المصرية، التي أشارت إلى أن خِلال فترة وجوده بالقسم التي امتدت لاسبوعين، لم تتمكن أسرته من رؤيته، بعدما منعت إدارة القسم الزيارات عنه.
كما أعلن “الشهاب” يوم 2 أغسطس 2022، عن وفاة الطالب مصطفى منتصر حامد محمد البيجرمى، 19 عامًا، وأوضح أنه توفي يوم 27 يوليو 2022 داخل قسم شرطة ثالث المنتزه بمحافظة الإسكندرية بعد احتجازه 9 أيام مع آخرين في القسم.
منظمة العفو الدولية:
ذكرت منظمة العفو الدولية خِلال تقريرها لعام 2021، أن قوات الأمن في مصر عرّضت المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، من بينها الضرب والصعق بالكهرباء والتعليق في أوضاع مؤلمة والحبس الانفرادي لأجل غير مسمى في ظروف مزرية.
وذكرت المنظمة أن 56 محتجزًا لقوا حتفهم في الحجز جراء تعرضهم لمضاعفات طبية، وتوفي 4 آخرون عقب ورود أنباء عن تعرضهم للتعذيب.
وأشارت المنظمة الدولية إلى أن السلطات لم تقم بالتحقيق في أسباب وملابسات هذه الوفيات، وقالت إن في مارس 2021 تقاعست النيابة عن التحقيق في مزاعم تحدثت عن وفاة محتجز يدعى محمد عبد العزيز متأثرًا بضرب أحد ضباط الشرطة له بمقر عمله بشبين القناطر في محافظة القليوبية.
وفي يوليو 2022، أصدرت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان “مستقلة”، تقريرًا بعنوان “أجساد خارج حسابات الدولة”، وثق أوضاع الاحتجاز داخل 24 قسم شرطة في مصر، مؤكدة انتشار ممارسة الاحتجاز داخل غرفة لـ”الحجز الإداري”، تسمى بـ “الثلاجة”، وهي غرفة تستخدم للإبقاء على المحتجزين الذين لم تحرر لهم محاضر ولم توجه لهم إتهامات بعد، كما تستخدم في الإخفاء القسري سواء في بداية الاحتجاز أو بعده.
وبينت أن المحتجزين يمنع عنهم في أقسام الشرطة التريض على الإطلاق، سوى في قسم واحد تبين تخصيص قفص صغير يقع في بهو القسم لتريض المحتجزين على خلفية تهم “سياسية” فقط دون غيرهم من المحتجزين، كما أن مساحة الغرف، حتى في غير حالات التكدس، هي صغيرة في الغالب بما لا يسمح بالحركة.
حجم الانتهاكات في الأقسام والمراكز الشرطية:
ذكر مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، خِلال أرشيف النصف الأول من عام 2022، وفاة 6 حالات في مراكز الشرطة، ومن حيث التعذيب الفردي في مراكز الشرطة سجلت 5 حالات في “قسم شرطة المطرية، وقسم شرطة مرسى مطروح، وقسم شرطة كفر صقر، وقسم أول الاسماعيلية، وقسم شرطة حلوان”، كما سجل التكدير الفردي 14 حالة.
وأوضحت البيانات المنشورة عبر صفحة مركز النديم على “فيسبوك” يوم 21 يوليو 2022، تسجيل الاستغاثات المتكررة للإهمال الطبي في أقسام الشرطة في 6 حالات في “قسم شرطة المقطم، ومركز شرطة الزقازيق، وقسم أول العريش، وقسم شرطة فاقوس، وقسم شرطة منيا القمح، وقسم شرطة ابو كبير”.
فيما ذكرت منظمة “كوميتي فور جستس” في تقريرها السنوي لعام 2021 ضمن مشروع “مراقبة الانتهاكات داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية”، أنه من بين 1144 انتهاكًا تمكنت من تحديد المقار التي وقعت بها، تصدرت السجون المركزية والعمومية الليمانات بنحو 66% وهو عدد 763 من أصل 1144 انتهاكًا، تليها الأقسام والمراكز الشرطية بنحو 20% وهو عدد 229 من أصل 1144 انتهاكًا، ثم معسكرات الأمن المركزي بواقع 93 انتهاكًا، ودور الرعاية الخاصة بالأطفال الأحداث بواقع 31 انتهاكًا.
المصادر
الجزيرة المباشر | تصفح |
وزارة الداخلية المصرية | تصفح |
المجلس القومي لحقوق الانسان | تصفح |
مجلس الشيوخ المصري | تصفح |
المصري اليوم | تصفح |
البوابة نيوز | تصفح |
برلماني | تصفح |
المنصة | تصفح |
سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في مصر | تصفح |
منظمة العفو الدولية | تصفح |
مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب | تصفح |
الجبهة المصرية لحقوق الانسان | تصفح |
منظمة كوميتي فور جستس | تصفح |
التعليقات حول هذا المقال