البلد
: العراقالادعاء
الندرة المائية سببت تدهورا غير مسبوق في الجفاف والتصحر وتقلص الأراضي الزراعية، مما أدى إلى خسارة 68 بالمئة من الأراضي التي كانت صالحة للزراعة، وتراجع الرقع الزراعية وازدياد معدلات التصحر والعواصف الغبارية والرملية، يصاحبها بالتأكيد ما يسمى بالـ“النزوح الداخلي” وإجبار المواطنين على مغادرة أراضيهم نتيجة عدم وجود مياه كافية، مما اضطر 68 ألف أسرة في مناطق الأهوار خلال الصيف من هذا العام إلى النزوح من أماكنهم، لفقدانهم سبل العيش بعد أن كانوا معتمدين على الزراعة وتربية الجاموس وصيد الأسماك والطيور
أبرز المعلومات
- التصريح "غير دقيق"، فنسبة الأراضي التي خسرها العراق خلال سنوات الجفاف الأربع الماضية لا تتجاوز 12%، ويبدو أن الرقم الذي اعتمده المدعي يشير إلى نسبة الأراضي المتصحرة والمهددة بالتصحر من إجمالي مساحة العراق، كما أن أعداد النازحين بسبب الجفاف في العراق حتى منتصف يونيو 2023 بلغت نحو 14 ألف أسرة فقط، وعند التواصل مع المدعي لم يجب بشأن مدى دقة تصريحه
القصة
تحرى فريق “تفنيد” حول تصريح وكيل وزارة البيئة، لصحيفة الصباح الحكومية، في 17 أكتوبر 2023، ووجد أنه “غير دقيق”، فنسبة الأراضي الصالحة للزراعة التي فقدها العراق لا تتجاوز 12% من إجمالي الأراضي الصالحة للزراعة وليس 68%، فضلا عن أن عدد الأسر النازحة حتى 15 يونيو 2023 بلغت 13 ألفًا و920 أسرة فقط.
ويتطابق الرقم المذكور في الادعاء “68 ألفًا”، مع عدد الأفراد النازحين وليس الأسر، حتى ديسمبر 2022، وهو رقم تم تداوله كثيرًا حينها من قبل تقارير إعلامية جعل الرقم مرتبطًا بقضية النزوح بفعل الجفاف.
بدايةً، سنوات الجفاف في العراق هي أعوام 2020 و2021 و2022 و2023، وكانت نتيجة لانخفاض الإيرادات المائية القادمة من دول الجوار وقلة الأمطار، بعد أن كان عام 2019 عاما “فيضانيًا” بفعل الأمطار الغزيرة حينها والإيرادات المائية الكبيرة، حيث تصف وزارة الموارد المائية العام الحالي بأنه العام الرابع للجفاف غير المسبوق.
وفي المقابل، يوفر الجهاز المركزي للإحصاء، بيانات عن الأراضي الزراعية لعامي 2020 و2021 كآخر بيانات معلنة، وهما أول عامان من أعوام الجفاف، ويظهر بحسب البيانات أن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة خلال 2020 و2021 لم تنخفض وبقيت بذات المستوى المسجل في 2019 والبالغ 13.5 مليون دونم، فضلا عن استقرار مساحة الأراضي الصحراوية والمتصحرة عند 27.2 مليون دونم، والمهددة بالتصحر عند 94.3 مليون دونم.
ومع ذلك، جاءت مساحة الأراضي الصالحة للزراعة المسجلة في 2019 والبالغة 13.5 مليون دونم، منخفضة عن المساحة البالغة 23.4 مليون دونم المسجلة في أعوام 2018 و2017 و2016، لأسباب غير واضحة أو لم تذكر في تقرير الجهاز المركزي للإحصاء.
وكان مصطلح “الأراضي الصالحة للزراعة” قد ظهر في عام 2016، لأول مرة في تقارير الجهاز المركزي للإحصاء جنبا إلى جنب مع مصطلح “الأراضي الزراعية”، حيث إن مساحة الأراضي الزراعية في 2016 بلغت 52.3 مليون دونم، والصالحة للزراعة منها 23.4 مليون دونم.
وفي تقرير 2015، لم يكن هناك ذكر للأراضي الصالحة للزراعة، بل الأراضي الزراعية فقط، وبلغت مساحتها 52.5 مليون دونم.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن الأراضـي الزراعية هي الأراضي المستخدمة لزراعة المحاصيل المؤقتة والمحاصيل المستديمة والمروج والمراعي والأراضـي البور.
أما الأراضـي الصالحة للزراعة، فهي الأراضي التي تستخدم غالبية السنوات لزراعة المحاصيل المؤقتة، وتشمل الأراضـي المستخدمة لزراعة المحاصيل المؤقتة في مدة 12 شهرًا كمدة مرجعية، أو التي تستخدم عادة لذات الغرض لكنها لظروف غير متوقعة تترك بورًا ولا تزرع.
أي أن الفرق بين الأراضـي الزراعية والأراضـي الصالحة للزراعة، هو أن الأراضـي الصالحة للزراعة لا تشمل الأراضـي المنزرعة بمحاصيل مستديمة أو التي توجد إمكانية لاستزراعها، ولكنها ليست منتظمة الزراعة، بمعنى أن الأراضـي الصالحة للزراعة هي التي تزرع بشكل منتظم.
وبينما غاب مصطلح “الأراضـي الزراعية” عن بيانات السنوات الأخيرة في الجهاز المركزي للإحصاء وحل محلها الأراضـي الصالحة للزراعة، فإنها لم تنخفض خلال أول عامين من أعوام الجفاف، 2020 و2021 والمتوفرة بياناتها في الجهاز المركزي للإحصاء.
الأراضي الصالحة للزراعة 13.5 مليون دونم.. كم انخفضت؟
وبينما لا يظهر الجهاز المركزي للإحصاء انخفاض الأراضـي الصالحة للزراعة لأول عامين من أعوام الجفاف 2020 و2021، إلا أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة قال في أغسطس 2023، إن العراق يفقد سنويا 400 ألف دونم من الأراضـي الزراعية بسبب الجفاف والتغيرات المناخية، وهي مساحة مرتفعة عن تقديرات البرنامج في 2018، والذي قال فيه إن العراق يفقد سنويا 25 ألف هكتارًا من الأراضـي الصالحة للزراعة، وهو ما يعادل 100 ألف دونم (الهكتار=4 دونم).
وباحتساب المساحة الصالحة للزراعة في 2019 القاعدة الأساس، أي قبل حلول موسم الجفاف، والبالغة 13.5 مليون دونم، فإن العراق وخلال 4 سنوات يجب أن يكون قد فقد مليون و600 ألف دونم من الأراضـي الصالحة للزراعة، من أصل 13.5 مليون دونم، وهو ما يعني فقدان نحو 12% فقط من الأراضي الصالحة للزراعة، وليس 68%.
أما فيما يخص النسبة البالغة 68%، فإن أقرب رقم إليها هو أن المساحات الصحراوية والمتصحرة والمهددة بالتصحر تبلغ نسبتها 69.8% من إجمالي مساحة العراق، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء، وهو ما يختلف عن القول بتصحر أو فقدان 68% من الأراضـي الصالحة للزراعة.
ماذا عن الهجرة؟
أما فيما يخص الهجرة والنزوح بفعل الجفاف، كشف آخر تقرير عن النزوح الناجم عن المناخ في المحافظات الجنوبية للعراق ومناطق الأهوار، بحسب منظمة الهجرة الدولية، أن عدد الأسر النازحة حتى 15 يونيو 2023، بلغ 13 ألفا و920 أسرة (أكثر من 83 ألف فردًا).
أما الرقم 68 ألفًا الذي أورده المدّعي، فأقرب رقم إليه، هو تقرير ديسمبر 2022 لمنظمة الهجرة الدولية، ويتعلق بعدد الأفراد النازحين وليس العائلات أو الأسر، حيث بلغ عدد الأسر النازحة بفعل الجفاف والمناخ حتى 15 ديسمبر 2022 حوالي 11 ألفًا و445 أسرة، وبواقع أكثر من 68 ألف فردًا.
وتواصل فريق “تفنيد” مع المدّعي للسؤال عن صحة التصريح المنسوب إليه، واكتفى بالسؤال عن ما هو التصريح، وعند عرض التصريح عليه لم يجب بعدها بأي شيء.
التعليقات حول هذا المقال