البلد
: تونسالقصة
كتب – تقوى نفزي
شهدت معتمدية “حفوز” من ولاية القيروان التونسية، يوم 8 أكتوبر 2025، وقفة احتجاجية نظمها مئات من أهالي المنطقة على خلفية إقصاء الحكم “الصادق السالمي” من القائمة الدولية لحكام كرة القدم، رافعين شعارات مطالبة بإعادة ابن جهتهم إلى القائمة وفقا لما نشره موقع “بوابة تونس” الإخباري.
وتعليقا على هذا الخبر قال الصحفي الرياضي حيدر الشارني، ومقدم برنامج “recap sport”، بإذاعة “موزاييك أف أم” الخاصة، بتاريخ 8 أكتوبر 2025، إن “آخر ما صار مظاهرة اليوم كانت في مدينة حفوز، مظاهرة بأعداد كبيرة ومحترمة من المواطنين والأهالي، ليست على غلاء الأسعار، ليس على الانقطاع في الماء أو الكهرباء، وليست حتى لمساندة غزة، وما يحدث هذه الأيام – الحقيقة غريب الخبر – حيث إن المظاهرة كانت مساندة للحكم الصادق السالمي بعد أن تم إقصاؤه من القائمة الدولية للحكام”.. وهذا ما دفعنا في “تفنيد” للبحث في تاريخ الاحتجاجات الكروية بتونس.
هل الاحتجاجات الكروية تعد “سابقة” في تونس؟
عرفت كرة القدم التونسية مسيرة حافلة بالاحتجاجات والمظاهرات التي شملت مشاركة جماهير غالبية الفرق التونسية.. وبحث فريق “تفنيد” عن أبرز هذه التحركات فوجد التالي:
قرار بورقيبة بحل جمعية الترجي الرياضي إثر أعمال شغب:
ضمن تقرير نشرته صحيفة القدس العربي، شهدت سنة 1971 أحداث عنف كبيرة في ملعب المنزه بالعاصمة تونس، بمناسبة لقاء الدور النهائي لكأس تونس الذي جمع الترجي الرياضي بالنادي الصفاقسي، تم على إثرها معاقبة “الترجي” بالحلّ جراء أحداث العنف التي تسببت فيها جماهيره حينها، مما اضطرها إلى التظاهر داعية الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الذي كان يتداوى في الخارج، لإعادة الأمور إلى نصابها عند عودته إلى أرض الوطن، وفعلا تم العودة عن قرار الحلّ بعد حوالي 40 يومًا أي يوم 24 يوليو 1971، حسب قول السياسي طارق الكحلاوي خلال بودكاست “ديوان البلاد”.

كما شهدت ولاية بنزرت يوم 15 أبريل 2013، مظاهرات عنيفة نظمتها جماهير النادي الرياضي البنزرتي، وذلك احتجاجا على قرار الرابطة الوطنية للأندية المحترفة، بعد أن اعتمدت في قرارها ترشيح كل من نادي الترجي والنادي الإفريقي على فصل قانوني بعد تساوي الأفريقي والبنزرتي في المرتبة الثانية بعد الترجي طبقا لما نقلته وكالة الأناضول وموقع الجزيرة نت.

أما بتاريخ 30 ديسمبر 2017، فنفذت جماهير ترجي جرجيس وقفة احتجاجية، تم توثيقها في فيديو بثته إذاعة “جوهرة أف أم” على قناتها في يوتيوب، على إثر ما اعتبروه “مظلمة” تحكيمية تعرض لها الفريق خلال اللقاء الذي جمعه بنادي “اتحاد بن قردان”، في الجولة الأولى إياب من بطولة الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم.

وتكررت التحركات الاحتجاجية التي قام بها مشجعو الترجي الرياضي التونسي، ففي يوم 9 يونيو 2021 خرجت جماهير “الترجي” في مظاهرات حاشدة بشوارع العاصمة للمطالبة بالسماح لها لحضور مباراة ذهاب نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا التي جمعت فريقهم ضد “الأهلي” المصري حينها.
وكان سبب منع حضور الجماهير هو رفض اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كوفيد-19، حيث قال الدكتور الهادي الوسلاتي رئيس اللجنة وقتها “إنه لا يمكن الحديث عن عودة الجماهير إلى الملاعب” إلا أن وزارة الداخلية سمحت بحضور عدد محدد، وذلك وفق ما نقله الإذاعي أيمن زروق خلال برنامج IFM sport plus.

في حين قام كل من أحباء فريق الملعب التونسي وفريق المستقبل الرياضي بالقصرين بتنفيذ وقفة احتجاجية مشتركة أمام مقرّ الجامعة التونسية لكرة القدم، يوم 14 سبتمبر 2021، وعبر بث مباشر نقلته إذاعة “موزاييك أف أم”، طالب جماهير “الملعب التونسي” الرابطة الوطنية لكرة القدم، وهي منظمة رياضية تجمع أندية كرة القدم التونسية المحترفة من الرابطتين الأولى والثانية وتدير تحت سلطة الجامعة التونسية لكرة القدم، بأحقية بقاء فريقهم ضمن الرابطة المحترفة الأولى خاصة بعد عودة فريق “هلال الشابة”.
في حين نددت جماهير “القصرين” بمنع ممثلين عن ناديهم حضور الجلسة العامّة العادية، وهي في العادة جلسات يتم فيها مناقشة واتخاذ إجراءات قانونية في حق التظلمات والاحترازات التي تتقدم بها الفرق.

كما نفذت جماهير الملعب القابسي مسيرة احتجاجية يوم 6 يونيو 2022، وذلك جرّاء الصعوبات التي يمر بها النادي، خاصة من الناحية القانونية، وطالبوا بعقد جلسة انتخابية في أسرع وقت لانتخاب رئيس جديد للفريق للموسم الموالي، وفق ما نشرته صفحة إذاعة تطاوين الجهوية.

وخلال السداسي الأول من سنة 2025 وتحديدا يوم 9 أبريل، قامت جماهير النادي الإفريقي بوقفة احتجاجية أمام مقر الجامعة التونسية لكرة القدم، إثر قرار لجنة الاستئناف خصم نقطتين من رصيد النادي الإفريقي في مباراته ضد فريق اتحاد بن قردان، وقد نشر “الإفريقي” بيان استنكر فيه قرار اللجنة الذي انجر عنه “سلب الفريق حقه القانوني وتغيير ترتيب وخارطة البطولة الوطنية”. وقد وثقت عديد الوسائل الإعلامية هذا التحرك أبرزها كان موقع قناة نسمة وموقع الصباح نيوز.


وشهد أواخر القرن 19 بداية ظهور نشاط كرة القدم في تونس، بالتزامن مع تنامي الاحتلال الفرنسي بها، وقد تكونت أول جمعية رياضية سنة 1907، وهي “نادي كرة القدم بتونس” تحت سيطرة الاحتلال الفرنسي حينها.
ثم بدأت فرق تونسية خالصة بالتشكل تباعا، ومنذ الانطلاقة الفعلية لمسابقات الدوري والكأس شجعت الجماهير بحماس كل الفرق دون تمييز، وإلى اليوم تُعرف الجماهير التونسية بشغفها العالي ومتابعتها لمباريات كرة القدم بحضور غفير، ومساندة جماهير الكرة للقضايا الاجتماعية والإنسانية عموما والقضية الفلسطينية خصوصا.

وبناء على ما سبق ذكره، فإن غالبية الاحتجاجات المتعلقة بالحكّام الرياضيين خاصة أو الشأن الرياضي عموما، كانت مرتبطة بالاستنكار أو المطالبة بالتغيير، وقد تعد المرة الأولى التي تخرج فيها تظاهرة كروية تطالب بعدم إقصاء حكم من القائمة الدولية، إلا أن هذا لا ينفي تواتر التحركات الاحتجاجية في صفوف أحباء الفرق الرياضية في تونس على مدار السنوات السابقة.
التعليقات حول هذا المقال