البلد
: مصرالقصة
كتبت: نورهان كاهنة
أعلنت تونس في شهر أكتوبر 2023، ملامح مشروع قانون ماليّتها لسنة 2024، ونقلت تقارير وزارة الماليّة أنّ الموارد الإجماليّة للدولة ستبلغ 77 ألفا و868 مليون دينارًا. وفي هذا السياق، قال رضا الشكندالي، الخبير الاقتصادي التونسي، خلال حضوره في برنامج “Midi Show”، على إذاعة “موزاييك أف أم” يوم 17 نوفمبر 2023، إنّ حجم ميزانيّة الدولة لسنة 2024 ارتفع مقارنة بميزانيّة سنة 2022 بما يفوق ميزانيّة 2010 كاملة.
وشهدت تقديرات موارد الدولة لسنة 2024 تطوّرا بـ6629 مليون دينارًا مقارنة بقانون الماليّة التعديلي لسنة 2023، وبـ7954 مليون دينارًا مقارنة بقانون الماليّة 1 لسنة 2023، فيما ترتفع إلى 17 ألفا و204 ملايين دينار أو 28.36% مقارنة بسنة 2022 وفق تقرير مشروع قانون الماليّة لسنة 2024.
حاولنا التحقّق من دقّة ادّعاء رضا الشكندالي، فاكتشفنا أنّه “غير صحيح”، حيثُ قُدّرت ميزانيّة تونس في سنة 2010 بـ18 ألفا و235 مليون دينارًا وفق قانون الماليّة لذات السنة.
فما هي التطوّرات المالية التي شهدتها تونس بين 2022 و2024 وأدّت لتنامي ميزانيّتها بهذا النسق؟
تطوّر مداخيل الميزانيّة بين 2022 و2024:
وفقا لتقرير مشروع ميزانيّة 2024، تتوزّع موارد الدولة إلى 49 ألفا و160 مليون دينارا بعنوان مداخيل الميزانيّة بنسبة 63.13%، مقابل 40 ألفا و993 مليون دينارا بنسبة 67.57% في 2022، بزيادة 8167 مليون دينارا أو 19.92%.
ومن المنتظر أن تبلغ المداخيل الجبائيّة 44 ألفا و50 مليون دينارا بنسبة 89.61% بزيادة 8601 مليون دينار أو 24.26% مقارنة بـ2022، حيثُ بلغت آنذاك 35 ألفا و449 مليون دينارا بنسبة 86.48%.
أمّا المداخيل غير الجبائيّة، فيُتوقّع أن تتطوّر بـ594 مليون دينارا أو 14.26% لتبلغ 4760 مليون دينارا بنسبة 9.68% في 2024، مقابل 4166 مليون دينارا بنسبة 10.16% في 2022، فيما ستنخفض الهبات 1028 مليون دينارا أو 74.60% لتبلغ 350 مليون دينارا بنسبة 0.71% مقابل 1378 مليون دينارا بنسبة 3.36% في 2022.
ويستعرضُ “تفنيد” في الرسم البياني التالي تطوّر مداخيل خزينة تونس في 2024 مقارنة بـ2022:
تطوّر موارد الخزينة بين 2022 و2024:
تتضمّن موارد الدولة 28 ألفا و708 ملايين دينار بعنوان موارد الخزينة، والتّي ستمثّل 36.87% في 2024 بزيادة 9037 مليون دينارا أو 45.94% مقارنة بـ2022.
وتتضمّن موارد الخزينة موارد اقتراض بقيمة 28 ألفا و188 مليون دينارا بنسبة 98.19% بزيادة 9908 ملايين دينار أو 54.20% مقارنة بـ2022، حيث بلغت آنذاك 18 ألفا و280 مليون دينارا بنسبة 92.93%.
وتتفرّع موارد الاقتراض إلى داخلي والتّي تطوّرت 1240 مليون دينارا أو 11.81% بين 2022 و2024، لتبلغ 11 ألفا و743 مليون دينارا، بتمثيليّة 41.66% من موارد الخزينة، مقابل 10 آلاف و503 ملايين دينار بنسبة 57.46%، وموارد اقتراض خارجي وارتفعت من 7777 مليون دينارا إلى 16 ألفا و445 مليون دينارا، بزيادة 8668 مليون دينارا أو 111.46%، لتمثّل 58.34% من موارد الخزينة في 2024 مقابل 42.54% في 2022.
وتتضمّن خزينة تونس لسنة 2024 “جملة موارد أخرى” قُدّرت بـ520 مليون دينارا مقابل 1391 مليون دينارا في 2022، بانخفاض 871 مليون دينارا أو 62.62%.
واستنادا لما سبق، نتبيّن أنّ الزيادة في ميزانيّة تونس لسنة 2024 مقارنة بـ2022 متأتيّة من زيادة 8167 مليون دينارا في مداخيل الميزانيّة و9037 مليون دينارا في مواردها.
ويستعرضُ “تفنيد” في الرسم البياني التالي تطوّر موارد الدولة في 2024 مقارنة بـ2022:
أيّ دلالات لتنامي ميزانيّة تونس بين 2022 و2024؟
يقول حسين الديماسي، وزير الماليّة التونسي الأسبق، لـ”تفنيد”، إنّ الزيادة في إجمالي موارد الدولة في حال كانت متناسقة مع الزيادة في الناتج القوميّ الخام للبلاد، فإنّ ذلك مؤشّرا إيجابيّا، وفي حال تمّ تخصيص جزء مهمّ من تلك الزيادة لفائدة ميزانيّة التنمية فإنّ ذلك سيكون مؤشّرا أكثر إيجابيّة.
أمّا في حال تمّ توظيف تلك الزيادة لفائدة قطاعات غير حيويّة كتغطية نفقات الدعم والزيادة في الأجور وتسديد خدمة الديون وخسائر المؤسسات العموميّة، بحيثُ لا يكون لها أيّة انعكاسات على تطوّر الإنتاجيّة وجودة الخدمات الصحيّة والتعليميّة والنقل وغيرها، فإنّ ذلك يُعتبر مؤشّرا سلبيّا للغاية.
ويؤكّد الديماسي، أنّ تونس تُصنّف ضمن الحالة الثانية، وأنّ تلك الزيادة ليس لها أيّة فائدة في الحقيقة بل مضرّة بشكل كبير، حيثُ تفوق الزيادة النسبيّة في جملة موارد الدولة التونسيّة ناتجها القوميّ الخام بنسبة كبيرة، وتُعتبر مؤشّرا على اعتماد تلك الزيادة بالأساس على الاقتراض، وهو مؤشّر سيءٌ لعدّة اعتبارات.
وأضاف: أهمّها أنّ الاقتراض المفرط الذّي يفوق قدرات الحكومة على التسديد في سنوات سيُغرق الدولة في التداين ويورّطها في ديون كبيرة لن تستطيع مجابهتها في المستقبل، فضلا على أنّه ليس لها انعكاسات على تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، بحيثٌ توظّف لتغطية نفقات الأجور والدعم وخدمة الدين وتعويض خسائر المؤسسات العموميّة.
وشهد الناتج المحلّي لتونس نموّا 0.1% في الثلاثيّة الثالثة من 2023 مقابل 1.1-% في الثلاثيّة الثانية و0.5% في الثلاثيّة الأولى، وهي نسب منخفضة مقارنة بـ2022، حيثُ بلغ 0.5% في الثلاثي الأوّل ثمّ 0.1% في الثلاثي الثاني ليرتفع إلى 0.9% في الثلاثي الثالث ثمّ انخفض إلى 0.3% في الثلاثي الأخير، وذلك وفق بيانات رسميّة لمعهد الإحصاء.
وفيما يتعلّق بنفقات الدولة المبرمجة لسنة 2024، فتتوزّع إلى 59 ألفا و805 ملايين دينار كنفقات ميزانيّة بزيادة 9188 مليون دينارًا أو 18.15% مقارنة بـ2022، وأيضا نفقات خزينة بمقدار 28 ألفا و708 ملايين دينارا بزيادة 9037 مليون دينارًا أو 83%.
وتتوزّع نفقات الميزانيّة إلى نفقات تأجير بقيمة 23 ألفا و711 مليون دينارا في 2024، مقابل 21 ألفا و125 مليون دينارا في 2022، بزيادة 2586 مليون دينارا أو 12.24%، وإلى نفقات استثمار بقيمة 5274 مليون دينارا بزيادة 663 مليون دينارا أو 14.38%، فضلا على نفقات تدخلّ، والتّي ارتفعت من 17 ألفا و931 مليون دينارا إلى 19 ألفا و696 مليون دينارا، مقسّمة لنفقات دعم بقيمة 11 ألفا و137 مليون دينارا بانخفاض 862 مليون دينارا، ونفقات تدخّل دون دعم بقيمة 8359 مليون دينارا بزيادة 2427 مليون دينارا مقارنة بـ2022.
وتتضمّن نفقات الميزانيّة نفقات أخرى خاصّة بالعمليّات الماليّة مقدارها 67 مليون دينارا مقابل 134 مليون دينارا في 2022، ونفقات تمويل بقيمة 6838 مليون دينارا مقابل 4663 مليون دينارا في 2022، فضلا عن نفقات طارئة وغير موزّعة بقيمة 1680 مليون دينارا دون مقابل في 2022.
أمّا نفقات الخزينة، فارتفعت من 19 ألفا و671 مليون دينارا إلى 28 ألفا و708 ملايين دينار، وتستحوذُ نفقات تسديد أصل الدّين على 89.47% من نفقات الخزينة في 2024 مقابل 49.71% في 2022، حيثُ ارتفعت من 9778 مليون دينارا إلى 17 ألفا و863 مليون دينارا مقسمّة إلى 8119 مليون دينارا تسديدات أصل دين داخلي، مقابل 9744 مليون دينارا تسديدات أصل دين خارجي، والتي ارتفعت بـ129%.
ويستعرضُ “تفنيد” في الرسم البياني التالي تطوّر تكاليف ميزانيّة تونس بين 2022 و2023:
وأخيرا، قارنا الزيادة في موارد تونس بين 2022 و2024 بالزيادة في موارد جمهورية مصر العربية لمعرفة إن كان ارتفاع نسق الزيادة في موارد الدول بين سنة ماليّة وأخرى مؤشّرا شائعا أو العكس.
وبالعودة إلى البيان المالي المصري لسنة 2023 – 2024، اكتشفنا أنّ موارد الدولة بلغت 4 تريليونات و349 مليارا و214 مليون جنيهًا مقابل 2 تريليون و379 مليارا و216 مليون جنيهًا في 2021 – 2022، بزيادة تريليون و969 مليارا و998 مليون جنيهًا أو 82.80%.
التعليقات حول هذا المقال