البلد
: مصرالقصة
هالة السعيد.. الوزيرة الأخطر في الحكومة والمسؤول الأول عن تراجع المشروعات التنموية بالدولة
>> وزيرة التخطيط ترأس بنك الاستثمار القومي المسؤول عن تمويل المشروعات التنموية بالدولة
>> وزيرة التخطيط وجهت أموال بنك الاستثمار القومي إلى سد عجز الموازنة بدلًا من تمويل المشروعات
>> وزيرة التخطيط أنفقت 47.8% من أموال بنك الاستثمار على سد عجز الموازنة
>> إنفاق أموال بنك الاستثمار لسد عجز الموازنة رفع سقف الديون الداخلية ليبلغ نصيب الفرد من الدين الداخلي 35 ألف جنيه عام 2019
>> إنفاق أموال بنك الاستثمار لسد عجز الموازنة تسبب في تراجع استثمارات الصحة والتعليم والمرافق
>> إنفاق أموال بنك الاستثمار لسد عجز الموازنة عطل خطط تنمية أكثر من 100 شركة وطنية
>> إنفاق أموال بنك الاستثمار لسد عجز الموازنة تسبب في وقف مشروعات زيادة الإنتاج السلعي لوقف الاستيراد
>> الحكومة استدانت للإنفاق على مشروعات رمزية وغير تنموية مثل القصور والطائرات الرئاسية والمباني الحكومية بالعاصمة الإدارية
بدأت خيوط هذا التحقيق تتجمع على غير ترتيب، وكان الخيط الأول هو تصريح لوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، هالة السعيد، يوم الثلاثاء 13 يوليو 2021، إذ قالت أن الدولة ملتزمة بضمان الصحة الجيدة والرفاهية لجميع مواطنيها.
تتبع فريق عملنا تصريح الوزيرة، وتحرينا حول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بقطاع الصحة لضمان الصحة العامة للمواطنين، وهو التناقض الأول الذي وصلنا إليه، إذ كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة و الإحصاء عن تراجع كبير في الخدمات الطبية التي تقدمها الحكومة.
وكشف تقرير المركزي للإحصاء الصادر في مارس الماضي تحت عنوان “مصر في أرقام – الصحة 2021“ أن عدد الوحدات والمنشئات الصحية الحكومية في مصر تراجع بواقع 6 منشئات خرجت من الخدمة خلال السنوات العشر الأخيرة.
إذ تراجع عدد المستشفيات والمنشئات الطبية الحكومية من 658 وحدة عام 2009 إلى 652 وحدة عام 2019، وتراجع عدد الأسرة المتاحة للمرضى من 103.432 سرير عام 2009 إلى 92.599 سرير عام 2019.
جدول يوضح تراجع الخدمات الطبية الحكومية خلال 10 سنوات
وهو ما دفعنا للتساؤل، لماذا لم تُنفذ الدولة مشروعات لزيادة المُنشئات الطبية لتواكب الزيادة السكانية؟
وخلال محاولة الإجابة على هذا السؤال تمكن فريق عملنا من جمع جُملة من المعلومات التي كشفت أن وزيرة التخطيط كانت المسؤول الأول عن خطة تراجع استثمارات الدولة في القطاعات الخدمية كالصحة والتعليم فضلًا عن تفاقم حجم الديون خلال السنوات الخمس الأخيرة.. ولكن كيف وصلنا إلى هذه النتائج؟
بنك الاستثمار القومي.. مفتاح لحل اللغز
تتبع فريق عملنا خطة الحكومة لتمويل المشروعات التنموية، فوجدنا أن القانون حدد مهمة بنك الاستثمار القومي بشكل أساسي في تمويل كافة المشروعات المُدرجة بالخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، من خلال الإسهام فى رؤس أموال تلك المشروعات أو مدها بالقروض.
وبنك الاستثمار القومي، هو بنك تم إنشاءه عام 1980، ويرأسه وفقًا للقانون وزير التخطيط.
وكان بنك الاستثمار القومي يقوم بمهمته بشكل طبيعي حتى عام 2016، حين قدمت هالة السعيد، والتي كانت تشغل عضوية مجلس إدارة البنك المركزي المصري في ذلك التوقيت، خطة لاستقطاع جزء من أرصدة بنك الاستثمار القومي لتمويل عجز الموازنة بدلًا من تمويل مشروعات جديدة أو إقراض مشروعات قائمة للتطوير.
وهو التوجه الذي بدأ منذ يونيو 2016، ولاقى إعجاب القيادة السياسية في مصر، فتمت مكافأة هالة السعيد بتعيينها كوزيرة للتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري في 16 فبراير 2017، لتتوسع في توجيه إنفاق بنك الاستثمار على تمويل عجز الموازنة.
تتبع فريق عملنا البيانات المالية لبنك الاستثمار القومي، للتحري حول حجم إنفاق البنك على ديون الحكومة، إلا أن بنك الاستثمار القومي لا ينشر بياناته المالية، رغم كبر حجم أصوله التي بلغت 726 مليار جنيه منتصف عام 2020، لذا فتتبعنا بياناته في نشرات البنك المركزي المصري.
فاكتشفنا أن بنك الاستثمار القومي توسع في شراء أدوات الدين الحكومى، إذ ارتفعت نسبة شراء أذون وسندات الخزانة من 2.5 % من أموال البنك فى منتصف عام 2015 إلى 47.8 % بمنتصف عام 2020، وهى آخر بيانات مُعلنة من البنك المركزى المصري.
تطور أرصدة بنك الاستثمار فى أدوات الدين الحكومى – مليار جنيه –
المصدر: الجداول أرقام 36،37،38 بالنشرة الشهرية للبنك المركزى ( يوليو 2021 )
وأذون وسندات الخزانة هي صكوك حكومية، يتم بيعها لأفراد أو هيئات كدين على الحكومة، طويل أو متوسط أو صغير الأمد، وتستخدمها الحكومة لتمويل عجز الموازنة.
المشروعات التنموية في مهب الريح
توجيه بنك الاستثمار القومي نحو نصف أصوله إلى شراء أدوات الدين الحكومى، أثر على تنفيذ الاستثمارات الواردة بالموازنة الحكومية الخاصة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية مثل قطاعات الصحة والتعليم والمرافق.
إذ أخفقت الحكومة منذ عام 2016 في تحقيق قيمة الاستثمارات التى وعدت بها في البيان المالي للموازنة عند إعلانها ببداية كل عام مالي.
ففى العام المالى 2019/2020 كان من المفترض حسب بيانات وزارة المالية تنفيذ استثمارات حكومية قيمتها 244.695 مليار جنيه، بينما كشف البيان الختامى للموازنة أن الاستثمارات بلغت 191.642 مليار جنيه فقط، بنقص نسبته 22 % عما كان مقررا .
التوزيع النسبي لتوظيفات أصول بنك الاستثمار القومى – %-
المصدر: تحليل رقمي وفقًا لبيانات البنك المركزي بالنشرة الشهرية ( يوليو 2021 )
المواطن يدفع الثمن وحده
خطة هالة السعيد، لتوجيه إنفاق بنك الاستثمار القومي نحو سد عجز الموازنة بدلًا من تمويل الاستثمارات كانت السبب الرئيسي في المعاناة الاقتصادية للمواطن المصري، لأكثر من سبب.
إذ تتحول قيمة أموال سد العجز بالموازنة إلى ديون داخلية على الدولة، ما أدى لارتفاع نصيب المواطن المصرى من الدين العام الحكومي الداخلي من 21.230 جنيه عام 2015 إلى 35.005 جنيه عام 2019، وفقًا لبيان لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أي أن نصيب الفرد من الدين الداخلي زاد بنحو 65% خلال 4 سنوات، هذا بخلاف نصيب المواطن من الدين الخارجى.
جدول يوضح نصيب المواطن من الدين المحلي – بالجنيه المصري
المصدر: بيان لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب
لم تتوقف آثار خطة هالة السعيد عند ارتفاع الديون، بل امتدت لتعطيل المشروعات التنموية بالقطاعات الحيوية رغم زيادة السكان بشكل كبير، ففضلًا عن تراجع عدد المنشئات الصحية الذي كشفناه في البداية، فقد كشفت بيانات وزارة المالية أن نسبة الإنفاق على التعليم من إجمالي قيمة الناتج المحلي تراجعت من 3% عام 2016/2017 إلى 2.5% عام 2020/2021 .
وهي النسب التي تقل بواقع 64% من النسب المقررة بالدستور، والذي ألزم الحكومة بإنفاق 7% على الأقل على التعليم الأساسي والجامعي والبحث العلمي.
أين تنفق الحكومة أموال بنك الاستثمار؟
توقف فريق عملنا حول سؤال هام، إذا كان بنك الاستثمار ينفق أمواله لسد احتياجات الحكومة في كل الأحوال، فلماذا لم تستثمرها الحكومة في المشروعات التنموية بدلًا من استخدامها كديون؟
تتبع فريق عملنا مشاريع خطط الحكومة خلال السنوات من 2016 وحتى خطة الحكومة للعام المالي الجديد 2022، فوجدنا أن الحكومة توسعت في إصدار أذون وسندات الخزانة مولها بنك الاستثمار القومي وعدد كبير من البنوك منها بنك فيصل الإسلامي والمصرف العربى الدولى فضلًا عن البنوك الحكومية لتغطية تكاليف مشروعات وأنشطة غير تنموية.
من أبرز المشروعات الغير تنموية التي استدانت الحكومة لتغطية تكاليفها في تلك الفترة الزمنية، بناء القصور الرئاسية الجديدة، وشراء الطائرات الرئاسية، وإقامة البطولات الرياضية الأفريقية، والاحتفالات الفنية، والمشروعات الرمزية مثل إقامة أكبر مسجد وأكبر كاتدرائية وأطول برج فى أفريقيا، والمقر الصيفى للحكومة بالعلمين، ومقار جديدة للرئاسة والبرلمان ومجلس الشيوخ والوزارات بالعاصمة الإدارية.
وهو ما دفع عجز الموازنة إلى الارتفاع بشكل غير مسبوق، تتبعه فريق عملنا بالبيانات الختامية للموازنات لخمس أعوام متتالية.
تطور قيمة العجز الكلى بالموازنة المصرية حسب السنوات المالية – بالمليار جنيه
المصدر: بيانات الحساب الختامي للموازنة الصادرة عن مجلس النواب
فيما تراجع إنفاق بنك الاستثمار القومي على تمويل قائمة تزيد على 100 شركة قام البنك بتمويل إنشاءها على مدى تاريخه، تنوعت بين قطاعات البترول والبتروكيماويات والبنوك والأسمدة والإسكان والحديد والأسمنت والنقل والصناعات الغذائية.
وهو ما أدى إلى توقف نمو تلك المشروعات، وتعرض خطط تطويرها للتوقف الإجباري، ما يعرض مستقبل استثماراتها للخطر، فضلًا عن تراجع مساهمتها في توفير فرص العمل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.
فضلًا عن توقفه عن تمويل المشروعات التي تعمل على إنتاج المزيد من السلع والخدمات التى تُقلل الاستيراد وتُعزز من المعروض السلعي لتحقيق الاستقرار بالأسعار.
التعليقات حول هذا المقال