الادعاء
الاتّفاق مع اتّحاد الشّغل مُعطى أساسيّا لإبرام اتّفاق مع صُندوق النقد الدوليّ.
السياق
خلال توقيع اتّفاق زّيادة أجور القطاع العامّ بين الحكومة والاتّحاد التّونسي للشّغل.
أبرز المعلومات
- 15 سبتمبر 2022.. فيتش رايتنجس: اتفاقية الأجور في تونس تزيد احتمالية إبرام صفقة مع صندوق النقد.
- 19 يوليو 2022: صندوق النقد الدوليّ: النقاشات مع الحكومة التونسية كانت مُثمرة.
- 23 يونيو 2022: صندوق النقد: على تونس مواجهة اختلال ماليّتها واحتواء فاتورة الأجور الكبيرة.
- برنامج الإصلاحات: إصلاح الوظيفة العموميّة يرتكز على مراجعة المنظومة في حدود توازنات الماليّة العموميّة.
القصة
مؤسسات دولية: زيادة الأجور تساهم في الاتفاق مع صندوق النقد.. والصندوق: عليكم مواجهة اختلال المالية واحتواء “الأجور الكبيرة”
قال الناطق باسم الحكومة التونسية إنّ زيادة الأجور هي معطى أساسيّ للاتّفاق مع صُندوق النّقد الدّولي.. رجعنا للمسار التفاوضي بين الحكومة والصُندوق للتحرّي
قال نصر الدّين النّصيبي، النّاطق الرسميّ باسم الحكومة التونسية ووزير التشغيل والتكوين المهنيّ، إنّ اتّفاقيّة الزّيادة في الأجور التّي وقّعتها الحكومة ممثّلة في رئيستها نجلاء بودن، والاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل ممثّلا في أمينه العامّ نور الدّين الطبّوبي، يوم الخميس 15 سبتمبر 2022، هي “مُعطى أساسيّ” في إبرام اتّفاق مع صُندوق النّقد الدّولي، وذلك خلال تصريح إعلاميّ أدلى به عقب جلسة التوقيع يوم 15 سبتمبر 2022.
التصريح لم يكن الأول من نوعه، إذ أفاد “النّصيبي”، في تصريح لإذاعة “ديوان أف أم” يوم 15 سبتمبر 2022، بإنّ الزّيادة في أجور المُنتسبين للقطاع العامّ والوظيفة العموميّة، والتّي قُدّرت بـ3.5% على مدار 3 سنوات بين 2022 – 2025، ضرُوريّة لتعديل المقدرة الشرائيّة للمواطن وخلق بيئة من السّلم الاجتماعي.
ويكتسبُ تصريح نصر الدّين النّصيبي أهميّة في ظلّ تراجع القوّة الشرائيّة للأسر التونسيّة بشكل واضح في الفترة 2011 – 2022، والتباطؤ في نموّ النّاتج المحلّي الإجمالي، حيثُ بلغ 5.8% في الفترة بين 2011 – 2022 مقابل 7.2% بين 2001 – 2010.
وفي المقابل، سجّلت نسبة الزّيادة في أسعار الموّاد لدى الاستهلاك ارتفاعًا ملحوظًا خلال ذات الفترة، لتبلغ 5.3% بين سنتي 2011 – 2022 مقابل 3.4% في الفترة 2001 – 2010، وهو ما أدّى بدوره إلى ارتفاع قيمة الاستهلاك الخاصّ السّنوي للفرد من 1867 دينارًا في سنة 2011 إلى 8388 دينارًا في سنة 2022، وفق ما أدلى به المعهد التّونسي للقدرة التنافسيّة والدّراسات الكميّة في تقريره الصّادر في أغسطس 2022.
وفي ذات الصدد، رصد المعهد الوطني للإحصاء، في مسح أجراه في شهر أغسطس 2022، ارتفاعًا في مؤشّر أسعار الاستهلاك العائلي بنسبة 0.4% بعد 1% في يوليو و0.7 %في يونيو من ذات العام، وذلك كحصيلة للتغييرات المُسجّلة في أسعار الأغذية والمشروبات بنسبة عامّة قُدّرت بـ1.4%، والتّي شملت زيادات شهريّة في أسعار لحم الدواجن بنسبة 9,4% والبيض بـ2,8% والأسماك بـ1,8% ولحم البقر بـ1,6% والماء المعدني والمشروبات الغازيّة بـ0.7% وأيضًا أسعار مشتقّات الحبوب بـ1,4%.
ورُصد بيان معهد الإحصاء نسبة تضخّم سنويّة قُدّرت بـ11.9% فيما يتعلّق بأسعار التغذية والمشروبات، ولكن أيضا بـ6.2% بالنّسبة للسّكن والطّاقة المنزليّة وبـ4% بالنّسبة للخدمات الصحيّة وبـ8.1% في النقل، بالإضافة إلى زيادة بـ10% في تكاليف التعليم وبـ10.2% بالنّسبة للملابس والأحذية وبـ7.6% بالنّسبة للترفيه والثقافة، وهو ما أدّى إلى ارتفاع نسبة التضخّم العامّة من حوالي 4.6% في شهر يوليو 2021 إلى 8.6% في شهر أغسطس 2022، وفق ذات المسح.
تتبّع فريق عمل “تفنيد” تصريح النّاطق الرسميّ باسم الحكومة ووزير التشغيل والتكوين المهنيّ، بشأن انعكاسات اتفاقيّة الزيادة الأجور على المسار التفاوضي بين تونس وصندوق النّقد الدّولي، وتوصّل إلى أنّه “يتضاربُ” مع تصريح إذاعيّ لرئيس الجمعيّة التونسيّة للحوكمة، معزّ الجودي، يوم 15 سبتمبر 2022، يدّعي فيه أنّ اتّفاق الحكومة والاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل سيضرُّ بالمفاوضات مع صُندوق النّقد الدّولي.. فما القصّة؟
المُفاوضات مع صُندوق النّقد الدّولي:
عُدنا على خط سير العمليّة التفاوضيّة بين تونس وصٌندوق النّقد الدّولي وأهمّ مُخرجاتها المُعلنة رسميّا للتحرّي، واكتشفنا أنّ بعثةُ خبراء تابعة للصندوق اختتمت يوم الاثنين 18 يوليو 2022، زيارة إلى تونس بهدف تحديد المعالم الرئيسيّة لبرنامج إصلاح اقتصاديّ أقرّته الحكومة وتأملُ أن يدعمهُ الصّندوق ماليّا. وأفاد قائد البعثة، بيورن روتر، في البيان الختاميّ، بإنّ المُناقشات بين الطّرفين كانت “مُثمرة” فيما “سيتوقّفُ القرار النهائي على موافقة المجلس التنفيذي للصّندوق”.
وكانت نجلاء بودن، رئيسة الحكومة التونسية، أعلنت في كلمة ألقتها خلال افتتاحها الندوة الدوريّة الثانية للولاة في 2 يوليو 2022، أنّ تونس ستنطلق يوم الاثنين 4 يُوليو 2022، في مُفاوضات رسميّة مع صندوق النّقد الدّولي لإبرام اتّفاق بشأن برنامج تمويليّ اقتصاديّ جديد يُمكّنها من تعبئة موارد لصالح خزينتها الماليّة، لا سيما وأنّها تُسجّل عجزًا قدّر بإجماليّ 8.548 مليارات دينار وفق ما رصدهُ قانون الماليّة لسنة 2022.
جاء ذلك عقب سلسلة من الاجتماعات والمناقشات الفنيّة بين الطّرفين استمرّت لشهور، وفق بيان أدلى به جهاد أزعور، مدير إدارة الشّرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النّقد الدّولي، في اختتام زيارة إلى تونس يومي 20 و21 يونيو 2022، عقد خلالها سلسلة من اللقاءات مع الرئيس قيس سعيّد ورئيسة الحكومة نجلاء بودنّ بالإضافة إلى ممثلين عن المُجتمع المدنيّ لمناقشة برنامج الإصلاح الاقتصادي الحكومي.
وذكر أزعور، في ذات البيان، أنّه “يتعيّنُ أن تتصدّى تونس على نحو عاجل للاختلالات في ماليّتها العامّة من خلال زيادة العدالة الضريبيّة واحتواء فاتورة الأجور الكبيرة في جهاز الخدمة المدنيّة وإحلال التحويلات المُوجّهة إلى الفقراء محلّ نظام الدّعم المعمّم وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعيّ وإصلاح شركاتها الخاسرة المملوكة للدّولة”، وهو ما يتوافقُ مع البرنامج الوطنيّ للإصلاحات الذّي أقرّته حُكومة بودن.
البرنامج الوطني للإصلاحات:
جديرٌ بالذّكر أنّ حكومة نجلاء بودنّ انخرطت مُنذ شهر نوفمبر 2021 في بلورة “البرنامج الوطني للإصلاحات” بتضافر جهود مُختلف الوزارات، وذلك وفق ما أفادت به بودنّ خلال كلمة ألقتها في اجتماع عُقد بقصر الضيافة بقرطاج، يوم 3 يونيو 2022، لمتابعة مدى تقدّم تنفيذ أهداف البرنامج.
والبرنامج الوطني للإصلاحات هو برنامج إصلاحيّ يهدفُ إلى تنشيط الاقتصاد التّونسي وضمان استقراره على المدى القصير، بالإضافة إلى وضع أسُس قوية لنُموّ إدماجيّ ومُستدام على المدى المُتوسّط والطّويل، وذلك عبر إعداد مُخطّط للتنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة للفترة 2023 – 2025 وأيضا بلورة رؤية استشرافيّة “تونس 2035”.
وعن الزّيادة في الأجور، كشفت وثيقة البرنامج الوطني للإصلاحات عن خطّة الحكومة في تطوير أداء وكفاءة القطاع العمومي وتحديث الوظيفة العموميّة عبر ترشيد الزّيادات في الأجور، والانتدابات وحصرها في القطاعات ذات الأولويّة بالإضافة إلى إعادة النّظر في برمجة تطبيق اتّفاقية 6 فبراير 2021 التّي تمّ توقيعها بين الحكومة والاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل.
وارتفعت الأجور في تونس في سنة 2022، حيثُ قُدّرت بإجماليّ 21 مليارًا و548 مليونًا و334 دينارًا وفق قانون الماليّة لذات العام، مُقابل 20 مليارًا و181 مليونًا في سنة 2021 بعد أن كانت في حُدود 6 مليارات و785 مليونًا في سنة 2010، وفق ما أورده مرصد رقابة في تقريره الصّادر في نوفمبر 2021. وتطوّر معدّل الأجر الخام للموظّف العموميّ، وفق التقرير ذاته، من 1 مليون و298 دينارًا سنة 2010 إلى 2 مليون و608 دينارات سنة 2021.
موقف صندوق النقد الدولي:
وفيما غابت أيّ مواقف مُعلنة لصُندوق النّقد الدّولي بشأن اتفاقيّة الزّيادة في الأجور التّي أبرمتها الحكومة التونسيّة مع شريكها الاجتماعي “الاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل”، فإنّ بعض الأطراف الأخرى، على غرار وكالة التصنيف الائتماني “فيتش رايتنجس” (Fitch Ratings) ذكرت أنّ “اتفاقية الأجور في تونس تزيد من احتمالية إبرام صفقة مع صندوق النقد الدولي”، وفق بيان صدر عنها يوم 15 سبتمبر 2022.
وتعتقد الوكالة، وفق ذات البيان، أنّ الاتفاقيّة ستُزيل عقبة رئيسية أمام برنامج الإقراض التابع لصندوق النقد الدولي، الذي يُعتبرُ أساسيًا لتعزيز السيولة الخارجية والتصنيف الائتماني لتونس، وذلك في ظلّ تحسّن أداء ميزانيّتها الأساسيّة في النّصف الأوّل من سنة 2022.
وأعلنت “فيتش رايتنجس” ((Fitch Ratings في مارس 2022، عن خفض التصنيف السيادي لتونس من B- إلى CCC، مع آفاق سلبية، وذلك في سياق تأخّر اتفاقها مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج جديد، على حدّ تعبير الوكالة.
بالرجوع للبيانات الرسميّة تبيّن وجود “تضارب” بين النّاطق باسم الحكومة وبين رئيس الجمعيّة التونسيّة للحوكمة بشأن شروط صُندوق النّقد الدّولي بخصوص دور “زيادة الأجور” في إبرام اتفاق تونس مع الصندوق
المصادر
التصريح الاعلامي للناطق باسم الحكومة ووزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدّين النصيبي | تصفح |
تصريح الناطق باسم الحكومة ووزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدّين النصيبي للديوان أف أم | تصفح |
تقرير المعهد التّونسي للقدرة التنافسيّة والدّراسات الكميّة (اُنظر الصفحتين 3 و12): | تصفح |
المعهد الوطني للإحصاء: ارتفاع مؤشرّ أسعار الاستهلاك العائلي خلال شهر أوت بنسبة 0.4% | تصفح |
تصريح رئيس الجمعيّة التونسيّة للحوكمة مُعزّ الجودي (الدقيقة 31 و30 ثانية والدقيقة 37 و30 ثانية) | تصفح |
البيان الختامي لبعثة خُبراء صندوق النّقد الدّولي إلى تونس (19 يوليو 2022) | تصفح |
كلمة رئيسة الحكومة في افتتاح الندوة الدورية الثانية للولاة (الدقيقة 7 و10 ثواني) | تصفح |
قانون الماليّة لسنة 2022 | تصفح |
بيان مدير إدارة الشّرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النّقد الدّولي، جهاد أزعور | تصفح |
اجتماع الحكومة التونسيّة لمتابعة تقدّم تنفيذ "البرنامج الوطني للإصلاحات" | تصفح |
متابعة تقدّم تنفيذ "البرنامج الوطني للإصلاحات" إلى حُدود يوليو 2022: | تصفح |
خطّة الحكومة في تطوير أداء وكفاءة القطاع العمومي وتحديث الوظيفة العموميّة | تصفح |
تقرير "مرصد رقابة" حول ارتفاع الأجور في تونس بين 2010 و2021: | تصفح |
بيان "فيتش رايتنغس" (Fitch Ratings) بشأن اتفاقيّة الزيادة في الأجور | تصفح |
وكالة التصنيف الائتماني "فيتش رايتنغس" تُخفّض التصنيف الائتماني لتونس إلى "CCC" | تصفح |
التعليقات حول هذا المقال