البلد
: تونسالقصة
كتب: أمان الله زمال
في الوقت الذي تتصدر أخبار قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه عدد كبير من الدول، شاشات القنوات الفضائية ووكالات الأنباء والصحف العالمية، وبخاصة ما يخص خطة تهجير الفلسطينيين، انتشرت شائعة في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، بخصوص نشوب أزمة كبيرة بين البلدين، الأمر الذي عبر عنه البعض بمصطلحات مثل “أمريكا تُعلن الحرب على تونس وقيس سعيد”، وغيرها من التغريدات التي تحمل صياغات مشابهة.. وهو ما دفع “تفنيد” لتتبع تلك المنشورات والبحث عن كواليسها.
الادعاء بإعلان الحرب على تونس:
تداول نشطاء على منصة “تيك توك” يوم 4 فبراير 2025، منشورًا نصه “أمريكا تعلن الحرب رسميا على قيس سعيد وتونس”، تتبع فريق “تفنيد” الادعاء، وتوجهنا إلى موقع وزارة الدفاع الأمريكية والبيت الأبيض والحساب الرسمي على منصة إكس للرئيس الأمريكي، ولم نجد أي أثر لخبر يتعلق بتهديد تونس أو فرض عقوبات عليها.

الادعاء باعتذار ترامب لتونس:
انتشرت شائعة أخرى تفيد بانتهاء الأزمة بين الدولتين عبر تقديم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اعتذاره لتونس والشعب التونسي. تتبع فريق “تفنيد” الادعاء الذي تم تداوله على “فيسبوك” يوم 5 فبراير 2025، حيث توجهنا إلى الحساب الرسمي لترامب على فيسبوك وإكس، كما تابعنا تصريحاته الأخيرة لوسائل الإعلام، وتبين أن هذا الخبر أيضا لا أساس له من الصحة.

الادعاء برد قيس سعيد على التهديدات الأمريكية:
كما تداول نشطاء يوم 2 فبراير 2025، مقطع فيديو على موقع تيك توك، على أنه رد من الرئيس التونسي على التهديدات الأمريكية، يقول فيه “أنا لا أخاف إلا الله رب العالمين”.
بحثنا عكسيًا عن الفيديو، واتضح أن الخطاب “قديم” ويعود إلى 20 أغسطس 2021، خلال موكب التوقيع على اتفاقية توزيع مساعدات اجتماعية للعائلات الفقيرة ومحدودة الدخل التي تضرّرت من تداعيات جائحة كورونا.

ومع استمرار وتصاعد الشائعات الخاصة بنشوب أزمة بين الولايات المتحدة وتونس، بحث فريق عمل “تفنيد” عن خط البداية الذي اعتمدت عليه تلك الشائعات، فوجدنا أن الرئيس والحكومة الأمريكية لم تطلق أي تصريحات هجومية ضد تونس، إلا أن نائبًا بالكونجرس هو من يطلق تصريحات متتالية تنتقد الأوضاع التونسية ونظامها الحاكم.
ونشر السيناتور الجمهوري الأمريكي والنائب عن ولاية كاليفورنيا الجنوبية جو ويلسون، سيل من المنشورات على منصة “إكس”، عبارة عن أكثر من 10 تغريدات في الفترة بين 30 يناير و7 فبراير 2025، صبّ فيها كل تركيزه على تونس ورئيسها.
ووصف ويلسون في أولى تغريداته بتاريخ 30 يناير، الرئيس التونسي بأنه “ديكتاتور” و”معاد لأمريكا”. وكتب النائب الأمريكي على حسابه عبر منصة إكس: “ينبغي قطع المساعدة الأمريكية وفرض عقوبات حتى عودة الديمقراطية في تونس”.

وتوالت التغريدات منذ ذلك الوقت وحتى كتابة هذا المقال، فلا يزال السيناتور الأمريكي ينتقد الرئيس التونسي، ففي آخر تغريدة رصدناها بتاريخ 7 فبراير 2025، طالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، واصفا سعيّد بـ”الديكتاتور المجرم”.

ولم يكتف بذلك بل خرج في وسائل إعلام أجنبية ليؤكد مطالبه بضرورة قطع المساعدات الأمريكية عن تونس وفرض عقوبات اقتصادية، بسبب مواقفها من إيران وسوريا وتحالفها مع الصين، حسب قوله.

غياب الرواية الرسمية أدى إلى اضطراب المعلومات:
وفي ظل غياب أي رد رسمي حتى هذه اللحظة من الرئاسة التونسية أو وزارة خارجيتها، انتشرت الشائعات.
ردود تونسية غير رسمية:
في رد أول غير رسمي على تغريدات السيناتور، نشرت فاطمة المسدي، النائبة بمجلس نواب الشعب تدوينة على فيسبوك باللغتين العربية والإنجليزية، بتاريخ 4 فبراير، قالت فيها لويلسون “تصريحاتكم غير مقبولة، وتجاوزت الحدود المقبولة من حيث الانحياز والافتراء، وبالأخص التهديدات التي طالت رئيس الجمهورية التونسي”.
وأضافت: “رئيس الجمهورية هو ممثل الشعب التونسي بكل إرادته الحرة، ونحن لا نسمح لأحد، سواء في الولايات المتحدة أو غيرها، بأن يتجاوز حدود الاحترام والسيادة الوطنية في هذا الشأن، والتصريحات الأمريكية تعد تدخلا سافرا في شؤوننا الداخلية، وغير مسموح بها تحت أي ظرف، ونؤكد أننا في تونس نرفض تماما أي تهديدات”، وطالبت السيناتور بتصحيح مواقفه “والاعتذار عن التصريحات التي لا تتوافق مع احترام السيادة التونسية.”

بدوره رد ويلسون على النائبة التونسية فاطمة المسدي، عبر بيان منه يحمل شعار الكونغرس الأمريكي يوم 5 فبراير 2025، نشره على منصته في إكس، قال فيه “أشكركم على رسالتكم المؤرخة في الرابع من فبراير. أنا ممتن لزيارتي لبلدكم في الأول من أكتوبر 2019، عندما كانت لا تزال ديمقراطية، والاجتماع بأعضاء منتخبين من البرلمان الشرعي في تونس من جميع الأحزاب، وكذلك أعضاء المجتمع المدني. كانت تونس آنذاك مثالاً ساطعًا للديمقراطية في العالم العربي”.
وأضاف: “لقد صدمت اليوم لرؤية رئيس الوزراء ورئيس البرلمان التونسي السابقين قد حُكم عليهما بالسجن لعقود بتهم سياسية غير قانونية. بالإضافة إلى ذلك تم سجن العشرات من الآخرين من جميع وجهات النظر السياسية المختلفة.”
كما أكد أنه لن يقدم اعتذاره أبدًا في سبيل الدفاع عن الديمقراطية وأنه سيقدم قريباً مشروع قانون لفرض عقوبات على النظام التونسي بما في ذلك كل من تورط في تقويض الديمقراطية، وسجن السجناء السياسيين، وغير ذلك من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

وأرفق مع البيان رسالة مباشرة للنائبة قائلا “فاطمة، اتركي هذا النظام ما دمت تستطيعين وإلا ستواجهين عقوبات!! سوف يسقط مثل الأسد.”، في إشارة إلى رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد.

وخلال بحثنا عن ردود الفعل المحلية، وجدنا تصريحًا للعميد بالجيش التونسي توفيق ديدي، على إذاعة ديوان اف ام، يوم 4 فبراير 2025، حيث أكد أن ما جاء على لسان جو ويلسون لا يمثل السياسة الرسمية الأمريكية تجاه تونس، وأن منذ سنة 1956 تونس لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، وأضاف “لن نسمح لأحد بالتدخل في الشأن الداخلي التونسي”.
التعليقات حول هذا المقال