البلد
: العراقالقصة
كتب: علي الأعرجي
خلال الأيام القليلة الماضية، تناولت وسائل الإعلام العراقية وخصوصًا الحكومية منها، تغطيات وتقارير حول “تصدير العراق لوقود الطائرات لأول مرة” ومدى أهمية هذا التطور.
ولا يقتصر الحديث على وسائل الإعلام، بل نقل مسؤولين وخبراء مدى أهمية هذه الخطوة وأنها تأتِ للمرة الأولى، حيث نقلت وكالة الأنباء العراقية الحكومية عن حامد يونس وكيل وزارة النفط لشؤون التصفية، أن إنتاج وقود الطائرات وصل إلى 2500 طن يومياً، تغطي 1500 طن الحاجة المحلية بينما يجري تصدير 1000 طن عبر شركة تسويق النفط العراقية “سومو”، معتبرا أن هذا الإنجاز كبير وهو جزء من سلسلة الإنجازات في قطاع التصفية، وجاء نتيجة للدعم المقدم من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ونائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط حيان عبد الغني، وجهود العاملين في القطاع.
ونقلت الوكالة أيضا عن الخبير النفطي كوفند شيرواني قوله إن هذه خطوة جديدة ومفيدة إذ يصدر العراق للمرة الأولى مشتقات نفطية، فضلا عن تصديره للنفط الخام بأكثر من 3 ملايين برميل.
ومن جانبها، نشرت صحيفة “الصباح” الحكومية أيضا تقريرا بعنوان “تصدير وقود الطائرات.. خطوة جديدة لتعدد الإيرادات”، ونقلت آراء خبراء نفطيين حول أهمية هذه “الخطوة الجديدة”.
وخلال البحث، تبيّن أن هذا التناول جاء بناء على تصريح لوكيل الوزارة لشؤون التصفية حامد يونس، في 8 أكتوبر 2024، حيث ذكرت وزارة النفط في بيان أن يونس أعلن بدء عمليات تصدير وقود الطائرات من الموانئ العراقية، بواقع 800 إلى 1000 طن يوميا، وأن العملية هي خطوة بالاتجاه الصحيح لتعزيز دور العراق عالميا.
ولكن الملاحظ من البيان، أن وزارة النفط لم تذكر أن تصدير وقود الطائرات يحدث “للمرة الأولى”، كما تم فهمه أو تداوله من قبل وسائل الإعلام المحلية وعلى رأسها الحكومية.
وتبين أن تصدير العراق لوقود الطائرات لا يحدث لأول مرة، ففي 2021 تم الإعلان عن تصدير أول شحنة من وقود الطائرات في موانئ البصرة.
وبمراجعة بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، تبيّن أن تصدير العراق لوقود الطائرات لا يحدث لأول مرة، بل بدأ في 2018، ولكن بكميات قليلة بقيمة 4 ملايين دولار فقط، ثم توقف في 2019 و2020 ومن ثم عاد التصدير في عام 2021 بقيمة 21 مليون دولارًا.
ويتضح من بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، أن العراق في 2021 صدر وقود الطائرات بكمية بلغت 62 مليون لترًا، أو أكثر من 35 ألف طنًا، ولكن بيانات الجهاز المركزي للإحصاء تبين أن الكمية المصدرة كانت فقط للإمارات.
وفي المقابل تظهر بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن الولايات المتحدة استوردت من العراق وقود طائرات منذ 2005 بكميات متقطعة، ففي أبريل 2005 استوردت 7 آلاف برميل يوميًا، ومن ثم في يوليو 2005 استوردت 11 ألف برميلًا يوميًا، وهكذا على شهور وسنوات متقطعة.
وفي المحصلة فإنه في 2005 استوردت الولايات المتحدة من العراق وقود طائرات بكمية بلغت 750 ألف برميلًا بما يعادل 100 ألف طن، وفي 2009 استوردت 150 ألف برميلًا، ثم في 2017 استوردت 90 ألف برميلًا، وفي 2018 أيضا 90 ألف برميلًا، وفي 2019 استوردت 360 ألف برميلًا، وفي 2020 استوردت 60 ألف برميلًا، في حين لا توجد بيانات 2021 و2022، ولا يوجد استيراد في 2023.
ويتضح أن الأرقام والمعلومات مخالفة لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء، على سبيل المثال لا يظهر الإحصاء تصدير هذه الكميات إلى الولايات المتحدة الأمريكية من الأساس، الأمر الذي يشير إلى إمكانية أن يكون استيرادات الولايات المتحدة من وقود الطائرات في السنوات الأخيرة هو من إقليم كردستان وليس حكومة العراق.
بحثنا ولكن لم نجد بيانات لحكومة إقليم كردستان عن حجم ووجهات تصدير وقود الطائرات، ولكن في 2016 نشرت وسائل إعلام كردية عن نجاح الإقليم في إنتاج وقود الطائرات لأول مرة في أحد مصافي كردستان.
التعليقات حول هذا المقال