البلد
: مصرالقصة
كتب: هايدي سمير
قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: “بودرة لبن، البودرة الـ40 – 45 مليون علبة اللي بنجيبهم لغاية دلوقتي، وأنا بتكلم، ما يتعملش مصنع – يا كامل – لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟ واستورده؟ الكلام ده انا قلته قبل كده من أربع خمس سنين، امسكوا في موضوع”.
تتبعنا تصريحات السيسي، للبحث عما إذا كانت مصر فيها شركات لإنتاج ألبان الأطفال، فوجدنا التالي:
شركة لاكتو أسست منذ عام 2000:
تأسست شركة لاكتو مصر عام 2000، بحسب الموقع الرسمي لشركة “أكديما” (الشركة القابضة الحكومية للأدوية) وبدأ الإنتاج سبتمبر عام 2002 لتوفر منتجاتها وفقًا للمواصفات القياسية المصرية رقم 2878.
نشأت الشركة على مساحة 31 ألف مترًا مربعًا فى مدينة العاشر من رمضان، واستغرق إنشاء المصنع نحو 3 سنوات بتكلفة استثمارية نحو200 مليون جنيه منذ عام 2000.
وقال علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، فى تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إن متوسط الاستهلاك من ألبان الأطفال في مصر يصل إلى 50 مليون علبة سنويًا.
فيما أشار جمال الليثي رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات المصرية، إلى أن الشركة المصرية المصنعة لألبان الأطفال تغطي حوالي 15% – 20% من حجم الاستهلاك المحلي الذي يصل إلى 50 مليون عبوة، في حين تُستورد الكمية المتبقية من الخارج.ووفقًا لبيان لوزارة الصحة في نوفمبر 2024، تصل الطاقة الإنتاجية للمصنع إلى 35 مليون عبوة سنوياً، يتم تخصيص 22 مليونًا منها لوزارة الصحة والسكان، لتوزيعهم ضمن منظومة الألبان المدعمة.
أزمة حادة:
في عام 2005 أصدرت الوزارة القرار رقم 35 لسنة 2005، بعدم التصرف في كمية من عبوات اللبن “بيبي زان 1” بالبيع والاستهلاك، لعدم مطابقتها للمواصفات وعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي. كشفت الدكتورة ماجدة رخا مديرة المعامل بوزارة الصحة وقتها، فساد ألبان الأطفال منذ شهر أغسطس 2004 حتى صدور القرار، وأشارت إلى أنها سحبت عينات عشوائية من هذا اللبن من جميع محافظات مصر ومن مخازن الشركة المنتجة وتبين فسادها، إلا أن المادة المستوردة من الشركة الألمانية تبين أنها صالحة بنسبة 100%، وذلك بعد تحليلها، مما يؤكد أن فساد اللبن نتيجة فساد أحد خطوط التصنيع.
بداية تدخل الجيش:
وقعت الأزمة في سبتمبر 2016، بسبب قرار وزارة الصحة تطبيق نظام جديد يقصر توزيع الألبان المدعمة على فروع تابعة لوزارة الصحة بدلاً من بيعها في الصيدليات بالإضافة إلى رفع أسعار ألبان الأطفال المدعمة وغير المدعمة، وتظاهر العشرات من المواطنين وقتها أمام مكتب شكاوى الشركة المصرية للأدوية.
ليتدخل وقتها الجيش، حيث نشر العميد محمد سمير، المتحدث باسم القوات المسلحة، بيانًا جاء فيه أن الشركات المختصة باستيراد عبوات لبن الأطفال، تقوم باحتكارها لـ”المغالاة في سعرها ما تسبب في زيادة المعاناة على المواطن البسيط”.
وفي أبريل 2017، وقعت شركة لاكتو مصر عقدا مع جهاز المشروعات الوطنية بوزارة الدفاع، وأوضح الدكتور إبراهيم عزت، رئيس مجلس إدارة شركة لاكتو مصر، أن الجهاز أصبح شريكا بنسبة 15% في أسهم الشركة.
وقال “عزت”: الرئيس طلب أن ندخل مجال إنتاج الألبان العلاجية، وقمنا بإنتاجها بتركيبات خاصة من إنتاج مصنع لاكتو مصر، وقمنا بإهداء هذه التركيبات لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، فأصبحت ملكيتها تخص الجهاز وحده، وقمنا بإنتاج هذه الألبان بسعر أقل من المستورد بنسبة 50% تقريبا، وبجودة أعلى.
في العام ذاته 2017، قضت دائرة فحص الطعون الأولى، بالمحكمة الإدارية العليا، بتأييد قرار وزير الصحة والسكان بحظر تداول واستخدام لبن الأطفال والرضع (بيبى زان ــ 1) المنتج بمعرفة شركة لاكتو مصر لإنتاج الألبان وأغذية الأطفال، وبتأييد قراره بإيقاف خط إنتاجه، ورفضت المحكمة الطعن المقام من شركة لاكتو لإلغاء القرار.
فيما قال الدكتور إبراهيم عزت، إن طعن المصنع الذى رفضته “الإدارية العليا”، كان متضمناً طلبنا بالحصول على تعويض عن الأضرار التى لحقت بنا، جراء وقف إنتاجه منذ 2005، بناء على تقارير وزارة الصحة وقتها.
وأكد أن المصنع مستمر فى تصدير إنتاجه من الألبان للأسواق الخارجية، وأن الدول الأجنبية التي يتم التصدير إليها مثل “هولندا” لا تقبله إلا بعد التأكد من وجود موافقات على جودة المصنع من قبل بلد المنشأ.
في الوقت ذاته أوضحت الدكتورة ألفت غراب، رئيس شركة “أكاديما”، شركاء مصنع “لاكتو مصر”، أنه تم توقف التعامل مع الشركة في السوق المصري، بسبب أزمتها مع وزارة الصحة، والتي نتج عنها قرار بإيقافه ومنع أصنافه بالسوق، مضيفة: جاء ذلك بحجة إن الألبان غير مطابقة وأن الزيوت اللي فيها “مزرنخة”، لكن هو كان مغطي احتياج مصر كله.
الصحة تتفاجئ بوجود لاكتو مصر:
وفي مارس 2017، قال الدكتور أحمد عماد الدين راضي، وزير الصحة والسكان: اكتشفنا وجود مصنع مصري اسمه “لاكتو مصر” لإنتاج الألبان مقامًا على أرض مصرية وتشارك الشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية “أكديما” القابضة بنحو 2% من استثماراته، وإنتاجه يُغنينا عن الاستيراد من الخارج.
وأكد أن المصنع يقوم بتصدير إنتاجه حاليا من ألبان الأطفال للدول بالخارج ومنها دولة هولندا ويتم مراقبته بشكل دورى من الدول الأجنبية المستوردة لضمان تأكدهم من جودته، مؤكدا أنه سيتم إلغاء جميع مناقصات ألبان الأطفال بوزارة الصحة بداية من العام القادم، وسيتم الاعتماد على إنتاج مصنع “لاكتو مصر”.
وتقدم الدكتور جمال الليثي، عضو غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات وقتها، ببلاغ إلى النائب العام ضد كل مسؤول تسبب في فشل المشروع “لاكتو مصر”، وقال: “الناس المساهمون خسروا فلوسهم وخططهم لتغطية احتياجات السوق، والمصنع لم ينتج، هو موجود كمبنى فقط”.وفي أبريل 2022، وجه الرئيس بالتنسيق والتعاون بين جهات الاختصاص الوطنية ومصنع “لاكتو مصر” لتطوير الطاقة الإنتاجية المحلية من لبن الأطفال، لتغطية الاحتياجات المحلية وسد فجوة الاستيراد من هذه السلعة الاستراتيجية الهامة لتغذية الأطفال في المراحل العمرية المختلفة.
قرار وزاري لتقييد صرف الألبان:
في ديسمبر 2024، قرر الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، اقتصار صرف الألبان المدعمة شبيهة لبن الأم على عدد من الحالات، وهي موت الأم، أو إصابتها بمرض خطير مثل الفشل الكلوي أو الكبدي، أو أمراض تحتاج لتدخل إشعاعي مثل السرطان، أو ثبوت إصابة الأم بنوبات صرع، أو حجزها بالعناية المركزة مدة لا تقل عن ثلاثة أيام، أو ولادة طفلين توأم فأكثر ويصرف لواحد منهم فقط، أو إصابة الأم بمرض نقص المناعة المكتسب، أو تعرض الأم لمرض نفسي أو عقلي”.
وأكد الدكتور عمرو قنديل، نائب وزير الصحة والسكان لشئون الطب الوقائي والصحة العامة، أن ألبان الأطفال التى يتم صرفها من الوزارة تصل إلى مستحقيها من خلال نظم الحوكمة والميكنة التي تطبقها الوزارة.
القرار استبعد حالات كانت مُستحقة لصرف ألبان صناعية لأطفالها بموجب قرار وزاري سابق، مثل. حالات ضعف إدرار لبن الأم أو توقف الأم عن الرضاعة الطبيعية، كما يتجاهل حالات أخرى تعاني فيها الأمهات من مشاكل صحية لا تندرج ضمن الشروط المحددة، ما يؤثر في النهاية على صحة الأمهات والأطفال.وقال وزير الصحة: اتجهت وزارة الصحة لمنظومة ميكنة صرف الألبان بديلة لبن الأم والألبان العلاجية لضمان حصول المستحقين على الألبان بسهولة ويسر ومتابعة سلاسل الإمداد وضمان التوافر في أماكن الصرف، ومنع الممارسات السلبية حيث أثبتت المتابعة قيام بعض الأمهات بصرف اللبن لنفس الطفل من أكثر من مركز ووحدة رعاية أساسية في محافظات مختلفة كما تبين استمرار الصرف لعدد يزيد عن 200 طفل بعد وفاتهم.
التعليقات حول هذا المقال