البلد
: تونسالادعاء
قرّرنا عبر سفارتنا بتونس غلق المجال الجوي لتونس مساء 14 جانفي 2011، في حال رفض (بن علي) التنحي سلمياً ومغادرة تونس، وإدخال فرقة (مارينز) المتمركزة في قاعدتنا في صقلية القريبة من سواحل تونس، وتم إعطاء تطمينات للمتعاونين معنا في تونس أنهم ليسوا مستهدفين وأنهم سيعملون على تقديم ما حدث على أنه ثورة! وقد قامت الولايات المتحدة بمساعدة (علي السرياطي) رئيس الحرس الرئاسي و(رشيد عمار) قائد الجيش و(فؤاد المبزع) رئيس البرلمان التونسي، وقد تكفلت شخصياً بتنفيذ المهمة وتوجهت لوزير الدفاع التّونسي (تقصد رشيد عمار) ورئيس الحرس الرئاسي بالاتصال المباشر بهما وطالبتهما بعدم التدخل لحماية (بن علي)، وتحدّثت بنبرة حادة معهما وطلبت منهما أن يبلغا (بن علي) بالتنحي عن السلطة وفي حال رفضه فإن الإدارة الأمريكية ستكون مجبرة على غلق المجال الجوّي التونسي بالتنسيق مع جهات أخرى! والرسالة لم تصل إلى (بن علي) واكتفى رئيس البرلمان التونسي بإفراغ مكتبه والمغادرة نحو منزله.
وعندما بلغت السفارة الليبية في تونس بما يحدث أرسل السفير اللّيبي في تونس وقتها رسالة للڨذافي بما يحصل فردّ الڨذافي بأنه سيساعد بن علي في حال قرّر عدم المغادرة ومواجهة المخطّط الأمريكي في تونس، وهو أوّلاً إزاحته وإيصال الإسلاميين للحكم وثانيا وهو الأهم استهداف الڨذافي من هذه العملية لأنه هو من كان مقصودا من وراء هذا.

أبرز المعلومات
- الادعاء مضلل، وبالعودة إلى مذكرات هيلاري كلينتون تبيّن عدم وجود ما يفيد صحة ما نُسب إليها في الفصل المخصص للحديث عن الربيع العربي والاحتجاجات التونسية، كما أن عددًا من المواقع الإعلامية التونسية والأجنبية كانت قد نفت محتوى الادعاء عند تداوله سنة 2020.
القصة
تتبع فريق “تفنيد” الادعاء المتداول، على صفحات تونسية في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يوم 13 و14 أكتوبر 2025، وتبين أنه “مضلل”، وذلك من خلال العودة إلى مذكرات هيلاري كلينتون وإلى مواقع إعلامية تناولت الادعاء إبان انتشاره سنة 2020.
وبالعودة إلى مذكرات هيلاري كلينتون «خيارات صعبة»، وتحديدًا إلى الفصل الخامس عشر المعنون بـ «الربيع العربي: الثورة» (ص 323)، تشرع الكاتبة في تناول خلفيات زيارتها إلى منطقة الشرق الأوسط، في سياق التحولات السياسية التي كانت تشهدها المنطقة مطلع عام 2011.

وتشير كلينتون في مستهل هذا الفصل (صفحة 326) إلى ورود تقارير تتحدث عن اندلاع احتجاجات في تونس، التي “يحكمها منذ عقود الدكتاتور زين العابدين بن علي”، كما تصف تونس بأنها كانت تُعد نموذجًا للحداثة والاستقرار النسبي في العالم العربي، إذ كانت وجهة سياحية بارزة، وتمتعت المرأة فيها بحقوق متقدمة “أكثر من دول شرق أوسطية كثيرة”، كما تميز اقتصادها بتنوع نسبي، مع محدودية حضور التيارات المتطرفة، غير أنّها تؤكد في المقابل أنّ النظام التونسي اتّسم، رغم هذه المظاهر، بكونه «قمعيًا وقاسيًا وفاسدًا»، وأنّ شرائح واسعة من المواطنين كانت تعيش في ظروف من الفقر والتهميش الاجتماعي.
وتتطرّق الكاتبة إلى حادثة الشاب محمد البوعزيزي التي مثّلت الشرارة الأولى للاحتجاجات الشعبية، مشيرةً إلى تعامل السلطات التونسية بعنف مع المتظاهرين، وما ترتب على ذلك من اتساع رقعة الغضب الشعبي، عقب ذلك تنتقل كلينتون إلى الحديث عن جولتها الدبلوماسية في المنطقة، والتي شملت كلًّا من الإمارات العربية المتحدة واليمن وسلطنة عمان ولبنان وقطر.
ثم تعود إلى المشهد التونسي لتتناول تصاعد الاحتجاجات وانتهاءها بفرار الرئيس بن علي، مؤكدةً الدور البارز الذي أدّته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في تسريع انتقال «عدوى الثورة» إلى بلدان عربية أخرى، وعلى رأسها مصر التي خصّصت لها الكاتبة حيزًا أوسع في مذكراتها.
كما تشير كلينتون بعد ذلك إلى ردة فعل الأردن تجاه أحداث الربيع العربي لتنتقل بعد ذلك إلى تناول تطورات الأوضاع في العراق ودول الخليج والبحرين وليبيا.
وفي الصفحات اللاحقة (ص 350)، تعود الكاتبة إلى الحديث عن زيارتها إلى تونس بعد الثورة، حيث تصف ملامح المشهد السياسي الجديد، وتستعرض لقاءاتها بعدد من الشباب التونسيين الذين ناقشت معهم مستقبل البلاد، والتحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها، وآفاق العلاقات بين تونس والولايات المتحدة في ظل التحول الديمقراطي.
وبمزيد البحث تبيّن أن الادعاء الذي تم تداوله يعود في الأصل إلى مقال نُشر على الصحيفة الاقتصادية التونسية “ليكونوميست مغريبان” بتاريخ 1 أغسطس 2020، إلا أن مضمون المقال حُذف لاحقًا من موقع الصحيفة، وقد أثار المقال عند نشره العديد من التعليقات المشككة في صحته، كما تظهر رسالة تحذيرية عند محاولة مشاركته تفيد بأن وسائل تحقق مستقلة، مثل وكالة الأنباء الفرنسية (AFP MENA)، اعتبرت أن المنشور يحتوي على معلومات كاذبة أو مضللة، وبالتالي يُضاف تحذير للمستخدم عند مشاركته.
وأكد موقع “نواة” في تقرير صدر بتاريخ 4 أغسطس 2020 زيف الادعاء المنشور في الصحيفة، في حين نشرت وكالة AFP بتاريخ 15 أغسطس 2020 تحققا بعنوان “هيلاري كلينتون لم تتحدث في مذكّراتها عن دور لبلادها في إسقاط زين العابدين بن علي”، أكدت فيه أنه لا وجود لأي أثر لهذا الكلام في كتاب كلينتون، ما يُثبت أن الادعاء “مفبرك” ولا أساس له من الصحة.
يشار إلى أن ذات الادعاء تم تداوله مرات عدة في أعوام 2020 و2022 و2023.
الخلاصة: الادعاء المتداول بشأن تخطيط الولايات المتحدة لغلق المجال الجوي التونسي ليلة 14 جانفي 2011 وإرسال قوات المارينز لإجبار “بن علي” على التنحي، استناداً إلى ما نُسب لمذكرات هيلاري كلينتون “خيارات صعبة”، ادعاء “مضلل”. ويعود مصدره إلى مقال نُشر سنة 2020 في صحيفة اقتصادية تونسية تدعى “ليكونوميست مغريبان” قبل أن يُحذف، حيث أكد كل من موقع “نواة” ووكالة AFP في تقارير صدرت سنة 2020 أن هيلاري كلينتون لم تذكر أي شيء من هذا القبيل في مذكراتها.
التعليقات حول هذا المقال