البلد
: تونسالادعاء
إحنا نعرفو اللي قبل 25 جويلية 2021 وقبل تلك القرارات راو الكوفيد جائحة الكورونا حصدت أرواح حوالي 25 ألف مواطن تونسي، في ظل حالة من الاستهتار واللامبالاة من قبل ذلك البرلمان سيء الذكر، ومن قبل حكومة سيء الذكر هو الآخر هشام المشيشي.
أبرز المعلومات
- الادعاء "غير دقيق"، حيث بلغ عدد الوفيات بسبب كورونا في عهد "المشيشي" 18 ألفًا و804 حالات فقط وليس 25 ألف حالة.
القصة
تتبع فريق “تفنيد” التصريح الذي أدلى به المحلّل السياسي رياض جراد، على قناة “التاسعة”، يوم 21 أكتوبر 2024، حول تسبّب جائحة كورونا في وفاة 25 ألف تونسيًا خلال فترة حكومة “المشيشي”، وتبيّن أنه “غير دقيق” وذلك بالعودة إلى بيانات وزارة الصحة التونسية.
بالبحث وجدنا أن هناك تصريحًا مشابهًا لادّعاء رياض جراد، جاء على لسان المحلل السياسي سفيان بن فرحات، في برنامج “حدث وتحليل” على القناة الوطنية، قال فيه: “بعد عام 2020 تجي جائحة الكوفيد ويظهر آنذاك 25 ألف تونسيًا في رقاب الذين كانوا يحكمون هذه الدولة”.
لذا رجعنا في “تفنيد” إلى أرقام وزارة الصحة التونسية لمعرفة العدد الدقيق للوفيات بسبب جائحة كوفيد خلال حكومة المشيشي، وتبين أن عدد الوفيات بلغ 18 ألفًا و804 حالات من مجموع 29 ألفًا و494 حالة وفاة شهدتها تونس طوال فترة جائحة كورونا.
لوضع الادعاء في سياقه الصحيح، رأى فريق “تفنيد” أهمية الرجوع للفترة التي تولى فيها هشام المشيشي رئاسة الحكومة التونسية (2 سبتمبر 2020 – 25 يوليو 2021)، ومقارنة سياساتها المتخذة لمجابهة كورونا بالفترة اللاحقة لتاريخ 25 يوليو 2021، والتي شهدت تحولا سياسيا جذريا جعل السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية، والذي أشرف على المعركة ضد كورونا، قبل أن يُعيّن حكومة جديدة في أكتوبر 2021.
بداية تفشي وباء كورونا في تونس:
انطلقت “تفنيد” في تتبع الأحداث عبر البحث عن بداية تفشي جائحة كوفيد -19، حيث ظهرت أول إصابة في تونس يوم 2 مارس 2020 ، فيما سجلت أول حالة وفاة يوم 18 مارس 2020.
وتزامنا مع بداية تفشي كورونا، كانت الأحداث السياسية في تونس تتسارع، فمع استقالة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ في 15 يوليو 2020 كلف الرئيس قيس سعيد في 25 من ذات الشهر هشام المشيشي، والذي كان حينها وزيرا للداخلية في الحكومة المستقيلة، بتشكيل الحكومة، ونالت حكومته الثقة يوم 2 سبتمبر 2020.
وباء كورونا خلال حكومة المشيشي:
مع بداية عهد هشام المشيشي كانت الحالة الوبائية في تصاعد، وحسب البيان اليومي الذي تنشره وزارة الصحة التونسية ليوم 2 سبتمبر 2020 فقد تم تسجيل 198 إصابة جديدة ليبلغ عدد الحالات 4394 حالة و84 حالة وفاة.
مع بداية أكتوبر 2020 ارتفع عدد الوفيات إلى 321 حالة، مع تسجيل 2509 إصابات جديدة وفق بيانات وزارة الصحة يومي 2 و3 أكتوبر 2020، الأمر الذي دفع هشام المشيشي للإعلان في كلمة ألقاها يوم 3 أكتوبر عن حزمة من الإجراءات الوقائية الجديدة لمجابهة فيروس كورونا، إلا أن الوضع الصحي أخذ في التدهور إذ سجلت تونس 1348 حالة وفاة من فبراير حتى نهاية أكتوبر 2020.
ومع وصول الوفيات في أواخر شهر يناير 2021 إلى 6754 حالة وفاة بمعدل 74 حالة يومية، تزايدت الانتقادات لاستراتيجية مكافحة الوباء، وتعالت الدعوات لإعادة فرض الحظر الصحي الشامل وإغلاق الحدود، حيث ألغى نظيره السابق “الفخفاخ” الحظر في 27 يونيو 2020، وهو ما أدى إلى تسجيل 3193 إصابة جديدة و34 وفاة منذ إعادة فتح الحدود في 27 يونيو وحتى 2 سبتمبر 2020.
وبدأت تونس منذ شهر مارس 2021 تلقي لقاح كورونا ووحدات تنفّس اصطناعي وأجهزة توليد الأكسجين ومعدّات ومستلزمات طبية متنوّعة مقدمة على شكل هبات أو في إطار جهود دبلوماسية قادتها رئاسة الجمهورية، أو في إطار منظومة كوفاكس، ومع إعلان حكومة المشيشي أنها تهدف إلى تلقيح 3 ملايين مواطن مع نهاية يونيو 2021، لم تعلن إلا عن مليون و800 ألف ملقح بحلول يوليو من ذات السنة.
ورغم التدابير المتخذة إلا أن عدد الإصابات والوفيات كان في ارتفاع، ففي مايو 2021 بلغت 11 ألفًا و122 حالة وفاة، لذا قررت حكومة المشيشي فرض الحجر الصحي الشامل من 9 إلى 16 مايو 2021، وجملة من القرارات التي لم تكبح جماح الفيروس، وتواصل حصاد الموت بمعدل 106 وفيات يوميا سجلت في 30 يونيو 2021 مع تسجيل أكثر من 15 ألف حالة وفاة.
ومع تفاقم الوضع الصحي الكارثي، وتسجيل تونس أعلى حصيلة وفيات خلال يوليو بلغ 3973 وفاة، أقال المشيشي وزير الصحة فوزي مهدي في 20 من ذات الشهر، واتّهمه باتخاذ “قرارات شعبوية ترتقي إلى العمل الإجرامي” وذلك على خلفية دعوته المواطنين إلى أيام مفتوحة للتلقيح في أول أيام عيد الأضحى شهدت تدافعا وازدحاما كبيرا، حيث بلغ عدد الوفيات حوالي 18 ألف حالة بسبب الكورونا.
وفي 25 يوليو 2021، كانت نهاية حكومة “المشيشي”، حيث قرّر الرئيس قيس سعيد إعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميد عمل واختصاصات المجلس النيابي لمدّة 30 يوما، معلنا تولي رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية.
الرئيس التونسي يدير الأزمة:
بعد إقالة المشيشي، أدار الرئيس التونسي أزمة جائحة كورونا، وعليه أصدر أمرا رئاسيا في 28 يوليو 2021، أحدث بمقتضاه قاعة عمليات لإدارة الجائحة تقاسم تنسيق مهامها وزارتا الداخلية والدفاع وتضم ممثلين عن عديد الوزارات وترفع تقارير أسبوعية لرئيس الجمهورية.
كما أعلنت رئاسة الجمهورية في 2 أغسطس 2021 توفر 6 ملايين جرعة من لقاح كورونا عبارة عن هبات دول صديقة وشقيقة، كما تم تلقيح أكثر من نصف مليون تونسي في اليوم الافتتاحي لعمليات التلقيح المكثف.
وفي 10 أكتوبر 2021، استكمل 4 ملايين و73 ألفا و857 تونسيًا التلقيح، مقابل مليون و81 ألفًا و214 شخصًا في 26 يوليو 2021، أما عدد الوفيات فقد ارتفعت إلى 25 ألفًا و39 حالة وفاة، أي بعد شهرين وعشرة أيام من إقالة المشيشي.
حكومة جديدة:
في 11 أكتوبر أدت حكومة نجلاء بودن اليمين الدستوري أمام الرئيس قيس سعيد، وتواصل العمل تقريبا بذات الاستراتيجية المتبعة في الحرب على كورونا، ومن ذلك العمل على تلقيح أكثر ما يمكن من التونسيين من خلال مواصلة تنظيم أيام مخصصة للتلقيح، واتخاذ إجراءات الوقاية وضرورة الاستظهار بجواز التلقيح، إضافة إلى تشديد المراقبة على المعابر الحدودية والمطارات والموانئ.
وفي 18 أبريل 2022 قال وزير الصحة علي مرابط، إن تونس تجاوزت بسلاسة الموجة الخامسة من تفشي فيروس كورونا المستجد خلال شهري فبراير ومارس الماضيين، مشيرا إلى أن تحسن الوضع الوبائي اقترن بارتفاع عدد الأشخاص الذين استكملوا تلقيحهم والبالغ عددهم نحو 6 ملايين و350 ألفًا.
وكان عدد الوفيات بلغ حتى 3 يناير 2022 الـ25 ألفًا و606 حالة وفاة، وارتفع تدريجيا حتى وصل إلى 26 ألفًا و362 حالة وفاة في 31 يناير 2022، في حين وصل في 8 مارس إلى 28009 حالات وفاة جديدة، حتى وصل عدد الوفيات إلى 29 ألفًا في أواخر يوليو 2022.
ومنذ أواخر يوليو2022 وحتى منتصف شهر مايو 2023 شهدت أرقام الوفيات في تونس ارتفاعا 371 حالة، وفي آخر تحديث للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة بتاريخ 26 أكتوبر 2023 بلغت وفيات كورونا في تونس 29 ألفًا و494 حالة وفاة، منها ما يقارب 10 آلاف حالة خلال هذه الحكومة.
هل يتناسب عدد الإصابات والوفيات في حكومة المشيشي مع منحنى الإصابات والوفيات عالميا؟
من خلال تتبع فريق “تفنيد” لإدارة حكومة هشام المشيشي جائحة كورونا، لاحظنا حجم الضغوط التي رافقت تفشي مرض غير مسبوق في البلاد، مما وضع تونس في مراتب متقدمة من حيث عدد الإصابات اليومية والوفيات، إلى جانب الإشكاليات التي رافقت الحصول على التلقيح وتنظيم عملية التلقيح نفسها، وبحسب الأرقام الرسمية فإن 64% من عدد الوفيات التي شهدتها تونس جراء جائحة كورونا كانت في فترة حكومة هشام المشيشي، إذ ارتفعت من 84 حالة وفاة إلى 18 ألفًا و804 حالة وفاة من مجموع 29 ألفًا و494 حالة شهدتها تونس.
ولكن يبقى السؤال الأهم هل تونس كانت استثناء في تلك الفترة وما هو موقعها عالميا من حيث عدد الوفيات؟
حسب بيانات منظمة Our World in Data فإن منحنى الوفيات المؤكدة أسبوعيا بكوفيد-19 لكل مليون شخص في تونس والعالم شهدا ارتفاعا متقاربا خلال نفس الفترات الزمنية، حيث بدأت حالات الوفاة تتصاعد تدريجيا من بداية الجائحة وبلغت ذروتها من نوفمبر 2020 حتى سبتمبر 2021 وهذه الفترة تتقاطع مع الفترة التي حكم فيها “المشيشي”، ثم بدأت تتراجع تدريجيا.
كما أن البيانات الأسبوعية لمنظمة الصحة العالمية أكدت أن وفيات كوفيد-19 في أفريقيا وصلت إلى ذروة قياسية بين 31 يوليو و1 أغسطس 2021 (بعد إقالة المشيشي) مسجلة أعلى حصيلة أسبوعية، منذ بداية ظهور الجائحة في القارة الأفريقية، وشكلت جنوب أفريقيا وتونس أكثر من 55% من الوفيات.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أنه وصل ما يقرب من 12 مليون جرعة من لقاح كوفيد-19 إلى أفريقيا عبر مرفق كوفاكس في يوليو 2021، أكثر من الجرعات التي تم تلقيها في أبريل ومايو ويونيو مجتمعة. وشهد الأسبوعان الأخيران من يوليو ارتفاعا بمقدار 12 ضعفا في عمليات التسليم عن النصف الأول من الشهر.
الخلاصة: الادعاء بأن عدد الوفيات جراء كوفيد 19 خلال فترة حكومة المشيشي بلغ 25 ألف حالة “غير دقيق”، حيث بلغ 18 ألفًا و804 حالات فقط.
المصادر
منظمة الصحة العالمية | تصفح |
التلفزة الوطنية سفيان بن فرحات | تصفح |
التلفزة الوطنية | تصفح |
صفحة وزارة الصحة | تصفح |
صفحة رئاسة الجمهورية | تصفح |
مجلس نواب الشعب | تصفح |
صفحة رئاسة الحكومة | تصفح |
صفحة الإذاعة التونسية | تصفح |
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية | تصفح |
مرصد مجلس | تصفح |
موقع إذاعة المنستير | تصفح |
فيديو من صفحة بوابة تونس | تصفح |
موقع انكفاضة | تصفح |
موقع الاذاعة الوطنية | تصفح |
Our World in Data | تصفح |
المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة | تصفح |
ادعاء رياض جراد | تصفح |
التعليقات حول هذا المقال