هل حقًا رفعت فرنسا التجميد عن أموال بنات زين العابدين بن علي؟

الادعاء

رفع الحجز عن أموال بنات “بن علي” المجمدة بفرنسا معلومة “كاذبة”.

السياق

خلال منشور عبر صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك".

أبرز المعلومات

• بدر الدين القمودي: صدر حكم ابتدائي فرنسي برفع التجميد عن أموال ابنتي بن علي.
• المحكمة الإدارية الفرنسية: إبطال قرار تجميد أصول وموارد مالية تعود لإبنة بن علي.
• المحكمة الفرنسية: مهلة شهرين للطعن بالاستئناف تبدأ من تاريخ الإعلام بالحكم.

القصة

القمودي ينشر وثائق القضاء الفرنسي حول رفع التجميد عن أموال حليمة ونسرين بن علي

مبروك كرشيد يقول إن رفع الحجز عن أموال بنات زين العابدين بن على المجمدة بفرنسا “معلومة كاذبة” وأن الرئيس التونسي الأسبق لم يكن له أموالًا مجمدة من الأساس.. فقررنا التحري

قال مبروك كرشيد، وزير أملاك الدولة التونسية السابق، عبر منشور في صفحته الشخصية على موقع “فيسبوك” يوم الثلاثاء 19 يوليو 2022، إن رفع الحجز عن أموال بنات الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، والآيلة إليهم من أموال أبيهم المجمدة بفرنسا، معلومة كاذبة، وأن “بن علي” ليس له أموالًا مجمدة لا في فرنسا ولا في غيرها.

توقف فريق عمل “تفنيد” بالبحث والتحري أمام تصريح المبروك كرشيد، فوجدناه “مضللًا”،  فبحسب الوثائق التي نشرها بدر الدين القمودي، عضو مجلس النواب التونسي المُنحل، تبين أن المحكمة الفرنسية قضت برفع التجميد عن أموال وموارد ابنتي بن علي الاقتصادية، وحددت مهلة لمدة شهرين فقط لاستئناف الحكم.. فبدأنا رحلة التقصي حول مدى صحة تلك الوثائق.

بحثنا عن مصدر معلومة رفع التجميد عن أموال ابنتي بن علي “حليمة ونسرين”، ووجدنا أن أول من كشف الخبر، هو عضو البرلمان المُنحل بدر الدين القمودي، إذ نشر تدوينة على صفحته الشخصية في فيسبوك، بتاريخ 11 يوليو 2022، قال فيها إن “حليمة ونسرين بن علي وأطراف متحالفة معهما يسعون للحصول على قيمة أملاك مصادرة لهم، وصدر حكم ابتدائي فرنسي برفع التجميد على هذه الأموال”.

وهو ما أكّده بدر الدين القمودي أيضًا أثناء حوار له في ستوديو شمس، عبر راديو “شمس اف ام” يوم 11 يوليو 2022.

وتناقل التصريح بعد ذلك العديد من وسائل الإعلام التونسية المعروفة، مثل راديو “أي أف ام”، وجريدة الشروق، وراديو موزاييك أف ام، ولكن ما زاد من انتشار المعلومة هو لقاء الرئيس التونسي قيس سعيد، برئيس الحكومة نجلاء بو دن رمضان، بتاريخ 13 يوليو 2022، إذ طرح سعيّد مسألة الإسراع بالقيام بكل الإجراءات اللازمة بعد صدور حكم يتعلق بالأموال المنهوبة في الخارج وهي ملكًا للشعب التونسي، وأصدر تعليماته بدعوة اللجنة المكلّفة بملف استرجاع الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج إلى الانعقاد في أقرب وقت.

لجنة خاصة لاسترجاع الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج:

بأمر رئاسي رقم 112 لسنة 2020 مؤرخ في 22 أكتوبر 2020، شكلت الرئاسة التونسية لجنة خاصة لاسترجاع الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج، على أن تقيّم مختلف الإجراءات التي تم اتخاذها لاسترجاع تلك الأموال، وتقوم بكل إجراء من شأنه استرجاع هذه الأموال.

ويترأس وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، أو من ينوبه، لجنة استرجاع الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج، وتتكون اللجنة من الأعضاء الآتي ذكرهم:

• الوزيرة مديرة الديوان الرئاسي أو من ينوبها.
• وزير العدل أو من ينوبه.
• وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار أو من ينوبه.
• وزيرة أملاك الدولة والشؤون العقارية أو من ينوبها.
• محافظ البنك المركزي أو من ينوبه.
• المكلف العام بنزاعات الدولة أو من ينوبه.

وبعد تداول الخبر بشكل واسع، كتب وزير أملاك الدولة التونسية السابق، تدوينته على فيسبوك، التي يؤكد فيها أن رفع الحجز عن أموال ابنتي بن علي هي “معلومة كاذبة”، وأن بن علي ليس لديه أملاك مجمدة لا في فرنسا ولا في غيرها.

وللرد على هذا التكذيب، نشر بدر الدين القمودي، بصفته أول من أثار خبر رفع الحجر عن أموال ابنتي بن علي، بعض الوثائق الرسمية حول نظر القضاء الفرنسي طلب رفع التجميد عن أموال حليمة بن علي ونسرين بن علي.

وأظهرت الوثيقة الأولى أن المحكمة الإدارية الفرنسية، وجهت بتاريخ 9 يونيو 2022 مراسلة إلى حليمة بن علي، وهي عبارة عن إعلام بحكم قضائي بتاريخ 7 يونيو 2022، أشارت من خلاله المحكمة إلى أن أجل الطعن بالاستئناف يقدر بشهرين، وإلى أن سريان الأجل ينطلق ابتداءً من تاريخ الإعلام بالحكم.

وثائق المحكمة الفرنسية

1 من 2

- +

أما الوثيقة الثانية، والصادرة في 7 يونيو 2022، تتلخص في أن المحكمة الإدارية أقرت بإبطال قرار صادر عن وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي بتاريخ 22 ديسمبر 2020، ويقضي بتجميد أصول وموارد مالية تعود لابنة بن علي بمناطق “سان برتلمواي، وسان بيار، وميكولون، وكاليدونيا الجديدة، وجزر واليس، وفوتونا” وغيرها من الجزر الفرنسية، وإلزام وزير الاقتصاد والمالية بالتوقف عن اتخاذ تدابير لتجميد أموالهم ومواردهم الاقتصادية في فرنسا.

وباستخدام موقع fotoforensics، المتخصص في كشف التلاعب بالصور من خلال برنامج “فوتوشوب” والبرامج الشبيهة، تأكدنا من صحة الصور، وتبيّن أنها “صحيحة” ولم يتم التلاعب فيهم باستخدام أي من برامج التعديل، إذ تطابقت الصورة الأصلية مع الصورة المحللة.

وبالبحث العكسي، تبيّن أن الصور لم تنشر من قبل، وأن “القمودي” هو أول من نشرها على صفحته الشخصية، رغم أنه غير مخوّل له نشر مثل هذه الوثائق، فقد كان سابقًا رئيس لجنة مكافحة الفساد في البرلمان المنحل، إلا أنه الآن لا يملك أي صلاحيات بعد حلّ البرلمان.

ولا تعتبر الوثائق التي قدمها القمودي، ملفًا كاملًا للقضية، بل هي جزء منه فقط، إلا أنه بحسب الأوراق التي نشرها لم يذكر فيها قيمة الأملاك المصادرة، فقط أشارت الوثائق إلى وقف أي تدابير من شأنها تجميد أموال ابنتي بن علي ومواردهم الاقتصادية في فرنسا، دون توضيح لقيمة المبالغ المالية.

أما بالنسبة لتصريح كرشيد بأن “بن علي” ليس لديه أملاك مجمدة في فرنسا أو غيرها، فبالبحث والتحري وبالرجوع لتصريح القمودي والوثائق الرسمية المنشورة، لم يتم ذكر أن الأموال المجمدة تعود لبن علي، بل لابنتيه “حليمة ونسرين”.

وبالعودة إلى حوار سابق أجري منذ سنتين في برنامج “وحش الشاشة” عبر قناة “التاسعة”، أكّد كرشيد أن “بن علي” لم تكن لديه أي أملاك أو أموال باسمه، بل كانت الأموال باسم عائلته “زوجته وأبنائه وأصهاره”.

وكان زين العابدين بن علي، رئيسًا للجمهورية التونسية منذ 7 نوفمبر 1987 إلى 14 يناير 2011، ولديه 6 أبناء، فزوجته الأولى “نعيمة الكافي” أنجب 3 بنات وهن غزوة ودرصاف وسيرين، أما زوجته الثانية “ليلى طرابلسي” فأنجبت له ابنتين وهما حليمة ونسرين وابن اسمه محمد. 

وبن علي هو أول رئيس تونسي يتم خلعه من منصبه إثر احتجاجات شعبية ضد نظامه، ومنذ الإطاحة بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي، تفرق أفراد عائلته في عدد من الدول، ومعهم الثروات التي جمعوها على مدى سنوات، حيث طالبت الحكومة التونسية بتجميد أموالهم الموجودة في الخارج.

وكانت المحكمة الجنائية الفدرالية رفضت طلبًا تقدمت به السلطات التونسية لتجميد أموال ثلاثة أشقاء تقول إنهم على ارتباط بأصول مملوكة للرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، والآن الدولة التونسية أمامها أقل من شهر لاستئناف قرار المحكمة الفرنسية الصادر في 7 يونيو 2022، بمنع تجميد أموال ابنتيه، إذ منحتها المحكمة شهرين فقط للاستئناف.

بالبحث في وثائق نشرها بدر الدين القمودي ترجع للقضاء الفرنسي وباستخدام مواقع كشف التلاعب في الصور.. اكتشفنا أن تصريحات كرشيد “مضللة” إذ صدر قرارًا بمنع تجميد أموال ابنتي بن علي مع مهلة شهرين للاستئناف

المصادر