القصة
أرقام “متضاربة” عن عدد المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء
كتب: هايدي سمير
تُطلق الحكومة المصرية أرقامًا “متضاربة” عن عدد المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، وكان آخرها أرقام وزارة الخارجية التي ذكرتها في بيانٍ يوم 20 يونيو 2022، وقالت إن مصر تفخر باستضافتها لأكثر من 6 ملايين شخص بين مهاجر ولاجئ وملتمس لجوء، وتحرص على توفير حياة كريمة لهم وتكفل لهم حقوقهم وتوفر لهم الخدمات.. فما هي أعدادهم الحقيقية وهل يضغط وجودهم على الاقتصاد المصري؟
لم يكن تصريح الخارجية المصرية هو الأول من نوعه، إذ أكد السفير أحمد حافظ، المُتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، يوم 15 نوفمبر 2021، استضافة مصر لنحو 6 ملايين مهاجر ولاجئ، وهو التصريح الذي قاله مرة أخرى يوم 21 يوليو 2021.
كما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم 30 مايو 2022، أن مصر تستضيف أكثر من 6 ملايين لاجئ يتمتعون بكل الحقوق الأساسية والخدمات الاجتماعية، وذلك خِلال كلمته في لقاء صحفي.
وفي كلمته بمنتدى الشباب يوم 11 يناير 2022، أكد الرئيس السيسي أن الناس الموجودين في مصر، لا تقول الدولة عليهم لاجئين، ويوجد 6 ملايين إنسان نتيجة الصراعات أو محدودية القدرات وحجم الفقر الموجود في دول قريبة من مصر.
وهو الرقم الذي قاله أيضًا المستشار حنفي الجبالي، رئيس مجلس النواب المصري، يوم 4 ديسمبر 2021، خِلال كلمته أمام قمة رؤساء برلمانات الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، موضحًا أن مصر تنتهج أسلوبًا أخلاقيًا وأبقت جميع اللاجئين الذين لجئوا إليها.
ولكن الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، قالت خِلال مشاركتها في اجتماع محافظي الدول العربية مع رئيس مجموعة البنك الدولي، يوم 20 أكتوبر 2021، إن مصر تستضيف 5 ملايين لاجئ.
بينما أطلقت المنظمة الدولية للهجرة في مصر رقمًا آخر، ففي 7 أغسطس 2022، أعلنت عبر موقعها الرسمي، أن العدد الحالي للمهاجرين الدوليين المقيمين في مصر وصل إلى 9 ملايين مهاجر ولاجئ، مُوضحة أن المهاجر هو “أي شخص يتحرك أو ينتقل عبر حدود دولية أو داخل دولة بعيدًا عن مكان إقامته المعتاد، بغض النظر عن الوضع القانوني للشخص؛ وما إذا كانت الحركة طوعية أو غير طوعية، وبصرف النظر عن أسباب الحركة أو مدة الإقامة.
وأوضح بيان المنظمة أن العدد الحالي للمهاجرين الدوليين المقيمين في مصر هو 9 ملايين و12 ألفًا و82 مهاجرًا، أي ما يعادل 8.7% من السكان المصريين، مشيرًا إلى أن مجموعة من المهاجرين تأتي من 133 دولةً، بينهم المجموعات الكُبرى مثل السودانيون “4 ملايين” والسوريون “1.5 مليون” واليمنيون “مليون” والليبيون “مليون”، وتشكل هذه الجنسيات الأربع 80% من المهاجرين المقيمين حاليًا في البلاد.
ويظهر تقييم المنظمة الدولية للهجرة، أن متوسط عمر المهاجرين في مصر 35 سنةً، مع نسبة متوازنة من الذكور “50.4%” والإناث “49.6%”، وغالبيتهم “56%” يقيمون في خمس محافظات هم “القاهرة والجيزة والإسكندرية ودمياط والدقهلية”، ويعيش باقي المهاجرين في محافظات مثل أسيوط، أسوان، الغربية، الإسماعيلية، الأقصر، مرسى مطروح، المنوفية، المنيا، بورسعيد، القليوبية، قنا، محافظة البحر الأحمر.
هل يساهم المهاجرين في سوق العمل؟
وبينت المنظمة الدولية للهجرة، أن المهاجرون يساهمون بشكل إيجابي في سوق العمل والاقتصاد المصري، ويقدر حجم الأموال التي استثمرها 30 ألف مستثمر سوري مُسجل في مصر بنحو مليار دولار، مما يعكس أهمية تعزيز اندماج المهاجرين لأثره الإيجابي على المجتمعات المُضيفة، مشيرة إلى أن سياسات وبرامج المنظمة الدولية للهجرة تعتبر التنقل البشري مصدرًا للازدهار والتنمية المستدامة لبلدان المنشأ والمجتمعات المضيفة.
وتعمل المنظمة الدولية للهجرة في مصر عن كثب مع الحكومة المصرية على خلق مسارات قانونية وبدائل اقتصادية أفضل للشباب المصري كوسيلة لمكافحة الهجرة غير النظامية.
وفي عام 2020، أطلقت الحكومة المصرية بالتنسيق مع المنظمة الدولية للهجرة ومنظمة العمل الدولية والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، مشروعًا نحو نهج شامل لإدارة هجرة اليد العاملة وتنقل العمالة في شمال إفريقيا (THAMM)، وهو برنامج ممول من الاتحاد الأوروبي يعمل على تحديد الإطار التنظيمي لتوظيف العمالة المصرية في الأسواق الدولية، بالإضافة إلى ذلك يوفر برنامج شباب البحر الأبيض المتوسط Y- MED (منذ عام 2019) الذي تديره المنظمة الدولية للهجرة وحكومتي مصر وإيطاليا، تدريباتًا مهنية للشباب المصري في التشغيل الآلي والضيافة للارتقاء بمهاراتهم وتناسب سوق العمل الدولي.
ويأتي ذلك بعد إعلان لمنظمة هيومن رايتس ووتش الدولية في بيانٍ وقعت عليه 36 منظمةً حقوقيةً يوم 12 يوليو 2022، أوضح أنه في نوفمبر 2020، اعتقلت واحتجزت السلطات المصرية، بشكل تعسفي، 70 مهاجرًا ولاجئًا سودانيًا شاركوا في احتجاج سلمي عقب مقتل طفل سوداني على يد رجل مصري.
وأضافت المنظمة الحقوقية أن شهود قالوا إن الشرطة تعدّت بالضرب على المتظاهرين، ووجهت إليهم الشتائم العنصرية والمعادية للأجانب، مشيرة إلى أنه في ديسمبر 2021 ويناير 2022، اعتقلت قوات الأمن المصرية ما لا يقل عن 30 ناشطًا سودانيًا نظموا احتجاجات في مقر “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” بالقاهرة، وأخضعتهم للعمل القسري، وتعدّت عليهم بالضرب.
التعليقات حول هذا المقال