نتحقق.. هل يسمح القانون التونسي للسيدات بتعدد الأزواج؟

وبالوقوف على ما قالته “الحاجة سندس”، تبيّن أنها استندت في حديثها على ما صرّح به المحامي منير بن صالحة، إذ قال “إن الفصل الذي يجرم تعدد الزوجات، يقول تعدد الزوجات ممنوع، ولم يتحدث عن تعدد الأزواج، وبالتالي قانونيًا المرأة التي تعدد لا تعاقب، لعدم وجود نص قانوني واضح يعاقب تعدد الأزواج، وهذه ثغرة قانونية، لذا على المشرع التونسي اليوم تعديل النص القانوني”، وذلك أثناء حديثه عبر راديوIFM، يوم السبت 17 ديسمبر 2022.

رجعنا إلى القانون التونسي، وبالتحديد إلى مجلة الأحوال الشخصية، لنرصد جميع القوانين الخاصة بالزواج فتوصلنا للتالي:

• الفصل 5:

يجب أن يكون كلّ من الزوجين خلوا من الموانع الشرعية، وزيادة على ذلك فكل من لم يبلغ 20 سنةً من الرجال و17 سنةً من النساء لا يمكنه إبرام عقد الزواج، وإبرام العقد دون السن المقرّر يتوقف على إذن خاص من الحاكم، ولا يعطى الإذن إلا لأسباب خطيرة وللمصلحة الواضحة للزّوجين.

وحددت مجلة الأحوال الشخصية موانع الزواج في كل من الفصل 14، 15، 16، 17، لكن ما يهمنا هنا هو الفصل 14، والذي ينص على التالي:

موانع الزواج قسمان: مؤبّدة ومؤقتة.. المؤبّدة: القرابة أو المصاهرة أو الرضاع أو التطليق ثلاثًا، والمؤقتة: تعلّق حق الغير بزواج أو بعدّة.

وهو ما يكشف أنه لا يمكن عقد زواج في حال ثبت أن أحد الزوجين متعلق بزواج آخر، لأنها تعتبر من الموانع المؤقتة للزواج.

أما فيما يخص تعدد الزوجات، فقد جاء في الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية، التالي:

• تعدّد الزوجات ممنوع.
• كلّ من تزوّج وهو في حالة الزوجية وقبل فكّ عصمة الزواج السابق يعاقب بالسجن لمدّة عام وغرامة 240 ألف فرنكًا أو بإحدى العقوبتين، ولو أنّ الزواج الجديد لم يبرم طبق أحكام القانون.
• ويعاقب بذات العقوبات كلّ من كان متزوّجًا على خلاف الصيغ الواردة بالقانون 3 لسنة 1957 المؤرّخ في 4 محرم 1377 (أول أغسطس 1957) والمتعلق بتنظيم الحالة المدنية، ويبرم عقد زواج ثان ويستمر على معاشرة زوجه الأولى.
• ويعاقب بذات العقوبات الزوج الذي يتعمّد إبرام عقد زواج مع شخص مستهدف للعقوبات المقرّرة بالفقرتين السابقتين.

وهذا هو الفصل الذي تحدّث عنه المحامي منير بن صالحة، حيث اعتبر أن الفصل فيه ثغرة قانونية لأنه لم يجرّم تعدد الأزواج، لذا يعتقد أن المرأة التونسية لو تزوجت رجلين لن يعاقبها القانون التونسي، وفي المقابل الرجل الذي يعدد الزوجات بموجب القانون التونسي سيعاقب إما بالسجن أو بالغرامة.

وخرج المحامي منير بن صالحة لتوضيح الأمر، وقال إنه حدث لغط في تداول الموضوع، وأنه لم يقل إن القانون التونسي يسمح بتعدد الأزواج، وأكّد على عدم وجود أي قانون يسمح بالتعدد، بل تحدّث عن عدم تجريم تعدد الأزواج في القانون التونسي بنص واضح، ودعا المشرّع التونسي إلى إعادة صياغة القوانين الخاطئة، مشدّدًا على أنه “لا جريمة بدون نص”، وذلك عبر مداخلته في راديو ديوان أف أم.

وبعد الضجة التي أثارها فيديو السيدة التونسية، والانتقاد اللاذع الذي وجّه لتونس، خرج بعض أساتذة القانون في منابر الإعلام التونسية لتوضيح الأمر، فصرّح فريد بن جحا، أستاذ القانون الجزائي بأن “المسألة واضحة ولا يوجد فيها أي غموض أو التباس، فالفصل 18 و20 من مجلة الأحوال الشخصية يشمل الطرفين سواء المرأة أو الرجل، ونص الفصل 18 على منع التعدد والفصل 20 منع التزوّج بزوجة الغير أو معتدّته قبل انقضاء عدّتها”.

وأضاف أنه “حسب القانون التونسي يمنع التعدد ويعتبر جريمة يعاقب عليها بعقوبتين، عقوبة مدنية وهي بطلان الزواج وعقوبة جزائية بعام سجن”، مؤكدًا أنه لا يوجد أي ثغرة في القانون، واعتبر التركيز على جملة “تعدد الزوجات وليس الأزواج” هو تأويل ضيق للقانون، وذلك خلال حديثه عبر راديو ديوان أف أم، يوم الجمعة 23 ديسمبر 2022.

ومن جهته قال المحامي أنيس الزين، أن صياغة القانون بجملة “ممنوع تعدد الزوجات”، جاء لأنه كان ينتشر في الوقت آنذاك (1957) ظاهرة تعدد الزوجات في تونس، لذا قرر الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة منعها، من خلال الفقرة الأولى من الفصل 18 في مجلة الأحوال الشخصية، في حين الفقرات الأخرى من نفس الفصل تحدثت بشكل عام أي أنها تنطبق على الطرفين الرجل والمرأة، حيث نصت الفقرة الثانية على أن كلّ من تزوّج وهو في حالة الزوجية وقبل فكّ عصمة الزواج السابق يعاقب بالسجن لمدّة عام، وهذا دليل واضح على التعدد ممنوع على الطرفين، ولا وجود لأي ثغرة في القانون”، وذلك خلال حديثه عبر راديو ديوان أف أم.

بالبحث في قانون الأحوال الشخصية وتصريحات خبراء القانون.. اكتشفنا أن ادعاء الحاجة سندس “مضلل”، إذ لا يسمح أي قانون تونسي بتعدد الأزواج، كما يعتبر عدم ارتباط أحد الطرفين بعقد سابق أحد شروط إتمام الزواج