البلد
: تونسالادعاء
أنا عندي توازنات اجتماعية، وعندي فقر، لأن الفقر زاد كثر مع الترويكا، متنساش زاده العشرية السوداء كثر فيها نسبة الأمية في تونس.
أبرز المعلومات
- الادعاء "مضلل" حيث لم ترتفع نسبة الفقر بين سنوات 2010 و2015، كما لم تشهد نسبة الأمية ارتفاعا بين عامي 2011 و2021.
القصة
تتبع فريق “تفنيد” الادعاء الذي جاء على لسان الصحفي والمحلل السياسي، في برنامج “حدث وتحليل”، على القناة “الوطنية” التونسية، يوم 12 ديسمبر 2024، عن ارتفاع نسبة الفقر في فترة “الترويكا”، وارتفاع نسبة الأمية خلال عشرية ما بعد الثورة، واتضح أنه “مضلل”، وذلك بالعودة إلى أرقام وتقارير المعهد الوطني للإحصاء، والبنك الدولي، ووزارة الشؤون الاجتماعية.
هل ارتفعت نسبة الفقر زمن الترويكا الحاكمة في تونس؟
انطلق “تفنيد” في تتبع الادعاء حول ارتفاع نسبة الفقر في عهد الترويكا الحاكمة في تونس (ائتلاف الأغلبية الثلاثي داخل المجلس الوطني التأسيسي، والذي حكم تونس عقب الثورة من سنة 2011 إلى سنة 2014، ومتكون من حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات).
وتبّين لنا وفق “المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر 2015: محور الإنفاق“، والذي أصدره المعهد في 16 فبراير 2018، في بابه الرابع “نسبة الفقر وتوزع السكان الفقراء”، تراجع نسب الفقر في تونس 5.3 نقاط بين 2010 و2015 لتصبح 15.2% سنة 2015 مقابل 20.5 % سنة 2010، و23.1 % سنة 2005 و25.4 % سنة 2000، كما تراجعت نسب الفقر المدقع في تونس خلال ذات الفترة لتصل إلى 2.9% مقابل 6% سنة 2010 و7.4% سنة 2005 و7.7% لسنة 2000.
ولمعرفة تطور نسب الفقر في تونس خلال خماسية 2015 – 2020 اطلعنا على المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر 2021: محور الإنفاق، حيث يذكر التقرير أن المعهد أنجز مسحين إضافيين سنتي 2018 و2019، على عيّنة من الأسر التي تم استجوابها خلال مسح سنة 2015، وتم خلاله استعمال منهجية التنبؤ القياسي لتقدير مستوى الإنفاق الجديد بالنسبة لكل أسرة من أسر عينّة 2018 و2019. ومكّنت هذه المنهجية حسب ذات التقرير من تقدير نسب الفقر للسنتين 2018 و2019 السابقتين لوباء كوفيد.
وأوضح التقرير أن الارتفاع الذي شهده معدل الفقر من 15.2% سنة 2015 إلى 16.6% سنة 2021 يعود بالأساس إلى تداعيات جائحة كورونا التي أثرت على “الأنماط الاستهلاكية للأسر التونسية”، حيث تؤكد نتائج المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر لسنة 2021 التي نشرها المعهد في فبراير 2023، أن نسبة الفقر بلغت 16.6% سنة 2021، مقابل 15.2% سنة 2015 و20.5% سنة 2010 و23.1% سنة 2005.
وأكدت نتائج التقرير أن نسبة الفقر المدقع استقرت خلال ذات الفترة، حيث قدّرت ب2.9%، وهي ذات نسبة سنة 2015. وأضاف التقرير أن قراءة النتائج تعكس حسب الجهات زيادة في نسبة الفقر في أغلب الأقاليم بين 2015 و2021، وذلك باستثناء إقليمي تونس الكبرى والشمال الغربي.
ووفقا لبيانات وتقارير المعهد الوطني للإحصاء، شهدت نسبة الفقر تراجعا في تونس منذ سنة 2005 إلى 2021، باستثناء ارتفاع طفيف سنة 2021 بسبب تداعيات فيروس كورونا، ويرصد تقرير تونس آفاق الاقتصاد الكلي والفقر الصادر عن البنك الدولي في أبريل 2022 تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة كوفيد 19 على الاقتصاد التونسي، متوقعا أن يصل معدل عدد الفقراء من 18.9% سنة 2022 إلى 17.7% سنة 2023، وأنه من غير المتوقع أن تعود النسبة سنة 2024 إلى مستويات ما قبل الأزمة.
هل ارتفعت نسبة الأمية في تونس في العشرية التي تلت الثورة؟
تتبّع “تفنيد” ما صرّح به المدّعي من أن نسبة الأمية ارتفعت في العشرية “السوداء”، وهو الوصف الذي يطلقه عدد من السياسيين في تونس على العشرية التي تلت الثورة التونسية والتي شهدت مشاركة حركة النهضة الإسلامية في الحكم منذ سنة 2011، سواء عبر الترويكا الحاكمة، أو بالتحالف مع حزب نداء تونس، والتي انتهت بخروجها من الحكم إثر القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو 2021.
ووفق التعداد العام للسكان لسنة 2014 للمعهد الوطني للإحصاء، وفي بابه الرابع الخصائص التعليمية للسكان، يؤكد التقرير أن نسبة الأمية التي تقاس من خلال السكان الذين تتراوح أعمارهم من 10 سنوات فأكثر، انخفضت من 22.9 سنة 2004 إلى 19.3 سنة 2014، ويوضح الجدول والرسم البياني التاليان معدل الأمية في تونس منذ سنة 1956 تاريخ الاستقلال إلى سنة 2014:
ويوضح التقرير أن معدل الأمية كان يبلغ في مرحلة الاستقلال 84.7%، وأصبح سنة 2014 يبلغ 19.3% فقط، أي أنه في غضون 58 سنة انتقلت تونس من وضعية حيث أكثر من 4/5 من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 10 سنوات كانوا أميين، إلى وضعية حيث أقل من 1/5 السكان أميون، كما لاحظ التقرير أنه كان هناك تباطؤ في وتيرة انخفاض معدل الأمية بين عامي 2004 و2014، حيث لم ينخفض إلا بمقدار 3.6 نقاط خلال هذه الفترة، مقارنة بانخفاض قدره 8.8 نقاط بين عامي 1994 و2004، و14.5 نقطة بين عامي 1984 و1994.
وفي انتظار الانتهاء من التعداد العام للسكان لسنة 2024، تتبعت “تفنيد” الأرقام الرسمية المعلنة لنسب الأمية حتى سنة 2021، حيث يؤكد المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر 2021: محور التعليم والتغطية الصحية والعلاج، والذي أصدره المعهد الوطني للإحصاء في شهر نوفمبر 2023، أن النتائج بيّنت أن “18.4% من الأفراد الذين لا يزاولون تعليمهم حاليًا لا يحسنون القراءة والكتابة” وهو ما يوضحه الجدول التالي:
18.4% لا يحسنون القراءة والكتابة في تونس سنة 2021:
وفي يناير 2021، أكد محمد الطرابلسي، وزير الشؤون الاجتماعية، في إطار الاحتفال باليوم العربي لمحو الأمية، إن تونس راهنت منذ الاستقلال على إيلاء الاهتمام بمسألة الأمية وتعليم الكبار وهو ما ساهم في تحقيق تراجع ملحوظ في نسبتها وهو ما أشادت به المنظمات الدولية، وأبرز الوزير أنه “رغم ذلك فإن نسبة الأمية بتونس تبلغ 19% (25% في صفوف النساء و50% منهنّ بالوسط الريفي) وهو ما يستدعي ضرورة تضافر كل الجهود بين كل الأطراف من خلال تبادل التجارب والخبرات لمزيد التقليص من هذه النسبة.
غير أن هذه النسبة التي صرّح بها الوزير لا نجد لها أي أثر في مؤشرات وأرقام المجال الاجتماعي، والتي أصدرتها إدارة الإحصاء بوزارة الشؤون الاجتماعية في شهر أكتوبر من ذات السنة، والتي اكتفت بتقديم نسبة الأمية سنة 2017 والمقدّرة بـ18.4%.
وفي شهر سبتمبر من ذات السنة وفي إطار الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية، أفاد وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، بالتراجع النسبي لمعدلات الأمية المسجلة حسب المؤشرات الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء، والمقدرة بـ17.7% في آخر مسح وطني لسنة 2019، وهي ذات النسبة التي أعلن عنها مالك الزاهي وزير الشؤون الاجتماعية الجديد في شهر سبتمبر 2023، وأعلن عنها مجدّدا في 8 يناير 2024 بمناسبة الاحتفال باليوم العربي لمحو الأمية، مؤكدا “التراجع النسبي للأمية في تونس من 19.1% سنة 2014 إلى 17.7% سنة 2019″.
الخلاصة: الادعاء “مضلل” حيث أكدت الأرقام الرسمية أن معدل الفقر لم يرتفع بل انخفض من 20.5% سنة 2010 إلى 15.2% سنة 2015، كما أن نسبة الأمية لم ترتفع بل تراجعت من 22.9% سنة 2004 إلى 19.3% سنة 2014.
التعليقات حول هذا المقال