ما حقيقة الرحلة البحرية السياحية القادمة من إسرائيل إلى تونس؟

البلد

القصة

كتب: نورهان كاهنة

هل سبق لشركة “Oceania Cruise” أن برمجت رحلات بحريّة من حيفا إلى حلق الواد؟

قالت “الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني” في منشور على صفحتها على منصّة “فيسبوك”، يوم 22 أكتوبر 2025، أنّها تتابع ما كشفه الموقع الرسمي لشركة الرحلات البحرية “Oceania Cruises” عن عبور سفينة قادمة من ميناء حيفا بـ “إسرائيل” نحو ميناء حلق الوادي بتونس، وذلك في اليوم التاسع من رحلتها البحرية الذّي من المنتظر أن يوافق تاريخ 4 نوفمبر 2025. 

وذكرت الحملة أنّ الرحلة على متنها مستوطنون سترسو بهم السفينة على الأراضي التونسية لمدّة يوم كامل. 

نحاول في هذا التقرير كشف حقيقة الرحلة التّي قالت الحملة أنّها تمثّل “تطبيعا صريحا ومحاولة خطيرة  لإكساب شرعية زائفة للكيان الصهيوني المحتلّ”.

هل برمجت شركة الرحلات البحرية “Oceania Cruises” حقّا رحلة بحريّة من حيفا إلى تونس سترسو بتاريخ 04 نوفمبر 2025 بميناء حلق الواد؟ في حال نعم، كيف سيكون ومسارها؟ وهل سبق أن برمجت الشركة سابقا رحلات بحريّة مشابهة؟ 

يكشف هذا التقرير تضاربا في البيانات حول الرحلة أثار لغطا حول استقبال تونس لسفينة سياحية قادمة من إسرائيل، بينما تثبت الأدلة أنّ الرحلة البحريّة المنتظرة لشركة الرحلات البحرية “Oceania Cruises” التّي من المنتظر رسوّها بميناء حلق الواد تونس يوم 04 نوفمبر 2025 ستُبحر عبر السفينة “Oceania Marina” بتاريخ 27 أكتوبر 2025 من ميناء أثينا باليونان وليس ميناء حيفا بإسرائيل؛ لكن سبق أن نظّمت الشركة رحلة على متن السفينة “Sirena” أبحرت من حيفا بتاريخ 27 مايو 2023 ورست بميناء حلق الواد بتونس بتاريخ 5 يونيو 2023 ثمّ واصلت إبحارها إلى مالطا.

رحلةٌ لم تُبرمجها الشركة

قمنا في خطوة أولى البحث عبر الكلمات المفاتيح، حيثُ عثرنا على إعلان نشره الموقع الرسمي لوكالة الأسفار “Crucerum” المتخصّصة في الرحلات البحريّة، يتعلّقُ برحلة سياحيّة بحريّة تنطلق يوم 27 أكتوبر 2025 من ميناء حيفا بـ “اسرائيل” متّجهة نحو برشلونة بإسبانيا عبر سفينة تُسمّى “Oceania Marina”، حيث تمرُّ بميناء أسدود وميناء بورسعيد وموانئ أخرى يونانيّة ثمّ تصل إلى ميناء حلق الواد بتونس يوم 04 نوفمبر قبل مواصلة مسارها.

كنّا أثناء ذلك قد اتصلنا بالصفحة الرسميّة للحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني لمعرفة مصدر معلوماتها حول الرحلة، حيثُ كشفوا لـ “تفنيد” أنّهم توصلوا لذات الإعلان الذّي نشره موقع وكالة الأسفار “Crucerum“، والذّي سرعان ما قام بحذفه لاحقا، غير أنّنا قمنا بالاحتفاظ بنسخة منه. 

عدنا إلى الموقع الرسمي لشركة الرحلات البحرية “Oceania Cruises”، أين توصلنا إلى جدولة للرحلات البحريّة التّي برمجتها الشركة للسنوات الأربع 2025 و2026 و2027 و2028، على متن سفنها السياحيّة الثمانية “Regatta” و “Insignia” و “Marina” و “Nautica” و “Riviera” و”Sirena” و “Vista” و “Allura”. قمنا في خطوة أولى بتتبّع الرحلات المبرمجة للسفينة “Regatta” التّي ظهر اسمها في الصورة التّي أرفقتها الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع في المنشور المذكور، فتوصلنا إلى أنّها أبحرت يوم 15 أكتوبر 2025 من ميناء بابيتي (Papeete)، عاصمة بولينيزيا الفرنسية، متجّهة نحو لوس أنجلوس بكاليفورنيا، حيثُ من المنتظر أن تصل يوم 02 نوفمبر 2025، لتغادرها في ذات اليوم متجّهة نحو كولون بباناما، التّي من المبرمج أن تصل إليها يوم 14 نوفمبر 2025، وبذلك ستكون السفينة مُبحرة في المياه المكسيكيّة بتاريخ 04 نوفمبر 2025.

وبمراجعة جميع الرحلات المجدولة لبقيّة السفن السياحيّة المذكورة، لم نتوصّل إلى أيّة رحلة بحريّة مباشرة تبرمجها الشركة للأيام القادمة بين “إسرائيل” وتونس، كما لم نتوصّل إلي أيّة رحلة غير مباشرة من “إسرائيل” إلى وجهة أخرى ستعبر خلال مسارها بتونس. 

وبمزيد البحث والتحري، توصّل فريق “تفنيد” إلى رحلة سياحيّة بحريّة من تنظيم شركة “Oceania Cruises” من المبرمج أن ترسو بميناء حلق الواد بتونس يوم 04 نوفمبر 2025 في اليوم التاسع من إبحارها مثلما ذكر المنشور، وهو ما دفعنا إلى تتبّع تخطيط مسارها.

رحلةٌ من أثينا إلى تونس تتحوّل إلى لغز

بالبحث والتحري، إكتشف فريق “تفنيد” أنّ الرحلة السياحيّة البحريّة المزعومة التّي من المنتظر أن ترسو بميناء حلق الواد بتونس في اليوم التاسع من إبحارها الذّي سيوافق تاريخ 04 نوفمبر 2025، ستنطلقُ من ميناء بيرايوس (Piraeus) بالعاصمة اليونانيّة أثينا يوم 27 أكتوبر 2025 عبر سفينة “Oceania Marina”، لتصل إلى ميناء سبليت بكرواتيا (Split) يوم 29 أكتوبر،ومنه ميناء كوتور (Kotor) يوم 30 أكتوبر ثمّ تعبر بمحطات بحريّة أخرى قبل أن تصل إلى ميناء ميسينا بصقليّة يوم 2 نوفمبر 2025، وإلى ميناء فاليتا بمالطا يوم 3 نوفمبر ثمّ إلى ميناء حلق الواد بتونس يوم 04 نوفمبر، لتواصل بعد ذلك  محطاتها البحريّة نحو برشلونة الإسبانيّة التّي من المبرمج أن تصل إليها بتاريخ 07 نوفمبر 2025، وذلك وفقا لما يبيّنه مسار الرحلة المتاح عبر لموقع الرسمي لشركة “Oceania Cruises”.

قمنا بالتحرّي حول هويّة السفينة واتضح أنّ “Oceania Marina” تُبحر تحت راية “Marshall Islands” تمّ تصنيعها في إيطاليا في سنة 2011، أي منذُ 14 سنة، بطاقة استيعاب تتراوح بين 1258 و1447 راكبا بالإضافة إلى طاقم مكوّن من 800 عضو. وتعود ملكيّة السفينة إلى الشركة القابضة لخطوط الرحلات البحرية النرويجية “NCLH/Norwegian Cruise Line Holdings Ltd” التّي تمتلك بدورها شركة الرحلات السياحيّة “Oceania Cruises”، وذلك وفقا لبيانات تعريفيّة تفصيليّة يُتيحها موقع “Cruise Mapper”.

لعلّ الغريب أنّ السفينة “Oceania Marina” التّي ستُبحر في الرحلة، هي ذات السفينة التّي ذكر إعلان وكالة الأسفار “Crucerum” أنّها ستقوم برحلة بين “إسرائيل” وبرشلونة خلال ذات الفترة، وهو ما شكّل لغزا بالنسبة لنا.

قمنا بالاتصّال بشركة الرحلات البحريّة “Oceania Cruises” لفكّ شيفرة هذا اللغز، ومعرفة إن كانت الشركة قد غيّرت نقطة إنطلاقة رحلتها من ميناء بيرايوس (Piraeus) بأثينا إلى ميناء حيفاء بـ “اسرائيل”، غير أنّ الشركة نفت ذلك مؤكّدة أنّها حافظت على ذات المسار المبرمج والمعلن عنه على موقعها الرسمي، وباستخدام مواقع الأشرفة الإلكترونية، تأكدنا أن الرحلة المبرمجة لم يتم أي تعديل عليها منذ يونيو 2025، وتحتفظ بذات البيانات منذ ذلك الوقت.

لا نُخف أنّ هذه الالتباسات دفعتنا لمزيد البحث عمّا إذا كانت شركة “Oceania Cruises” قد نظّمت سابقا رحلات انطلقت من ميناء حيفا بـ “اسرائيل” ومرّت بميناء حلق الواد بتونس، وكانت المفاجأة. 

السفينة “Oceania Sirena” تعبر من حيفا إلى حلق الواد في 2023

قادنا البحث إلى أنّ شركة الرحلات السياحيّة البحريّة “Oceania Cruises” كانت قد نظّمت رحلة بحريّة  من “إسرائيل” نحو مالطا عبر سفينتها السياحيّة “Oceania Sirena”، والتّي أبحرت من ميناء حيفا بتاريخ 27 مايو 2023 ووصلت إلى مالطا بتاريخ 07 يونيو 2023. وبمراجعة مسارها، تبيّن أنّ السفينة مرّت بميناء حلق الواد بتونس في اليوم التاسع من إبحارها الذّي وافق تاريخ 05 يونيو 2023.

وبالبحث في بيانات السفينة، اكتشفنا أنّه تمّ تصنيعها من قبل شركة “Chantiers de l’Atlantique” الفرنسيّة في سنة 1999، وتمّ تجديدها في سنة 2022. وتتميّزُ السفينة بطاقة استيعاب تتراوح بين 698 و803 راكبا بالإضافة إلى طاقما بـ 375 عضوا. وتعود ملكيّة السفينة بدورها إلى الشركة القابضة لخطوط الرحلات البحرية النرويجية “NCLH/Norwegian Cruise Line Holdings Ltd” التّي تمتلك بدورها شركة الرحلات السياحيّة “Oceania Cruises”، وذلك وفقا لبيانات تعريفيّة تفصيليّة يُتيحها موقع “Cruise Mapper”.

ماذا نعرف عن شركة “Oceania Cruises” للرحلات البحريّة؟ 

هي شركة رحلات سياحيّة بحريّة مقرها ميامي تشمل مساراتها أكثر من 300 ميناء في أوروبا والأمريكتين وآسيا وأستراليا ونيوزيلندا. كانت “Oceania Cruises” مملوكة لشركة “Apollo Management” بين أبريل 2007 وسبتمبر 2014، ثمّ انتقلت ملكيّتها إلى الشركة القابضة لخطوط الرحلات البحرية النرويجية “NCLH/Norwegian Cruise Line Holdings Ltd” التي تمتلك أيضاً شركتي “NCL-Norwegian Cruise Line” و “RSSC-Regent Seven Seas Cruises”. 

ما لا نعرفه عن شركة “Oceania Cruises” وعبور رحلاتها البحريّة بين “اسرائيل” وتونس؟ 

صحيح أنّ شركة “Oceania Cruise” نفت أي تغييرات في مسار رحلتها المنتظرة التي ستنطلق من ميناء بيرايوس (Piraeus) بالعاصمة اليونانيّة أثينا يوم 27 أكتوبر 2025 عبر سفينة “Oceania Marina” متجهة إلى برشلونة، على أن تعبر بميناء حلق الواد بتونس يوم 04 نوفمبر 2024، لكنّنا لا يمكننا تأكيد أو نفي وجود رحلات أخرى تابعة لذات الشركة تنطلق من ميناء حيفا بـ “إسرائيل”.

المصادر