تدقيق المعلومات بالانتخابات التونسية.. تجربة مختلفة ونتائج غير متوقعة

زخم سياسي كبير شهدته تونس خلال الشهور الثلاثة الماضية حول انتخابات رئاسة الجمهورية، التي أسدلت ستارها بفوز الرئيس قيس سعيد بفترة انتخابية جديدة، ورغم أن النتيجة النهائية توافقت مع توقعات كثير من استطلاعات الرأي، إلا أن تحليل اتجاهات التضليل التي صاحبت العملية الانتخابية لم يكن متوقعاً

الجمهور هو المصدر الأكبر للشائعات

رصدت تفنيد 46 معلومة خاطئة أو مضللة خلال الانتخابات التونسية، وتم تصنيفها بين معلومات غير صحيحة، أو غير دقيقة، أو مضللة. وبتحليل مصادر التضليل للوقوف على الجهات الأكثر تطويراً ومشاركة للمعلومات الخاطئة أو المضللة، برز الجمهور كأكبر مصدر لتطوير ونشر تلك المعلومات حول الانتخابات، إذ بلغت نسبة المعلومات الخاطئة أو المضللة التي كان مصدرها الجمهور نحو 43% من إجمالي المواد التي تحققت منها تفنيد خلال الانتخابات. ويأتي في المركز الثاني في مصادر التضليل "السياسيون والمؤثرون" بنسبة 33% من إجمالي المواد التي تحققت منها تفنيد، ويحتل المركز الثالث المرشحون للرئاسة وحملاتهم الانتخابية بنسبة 20% من المعلومات الخاطئة أو المضللة التي تم رصدها، في حين يأتي الخبراء في المرتبة الأخيرة، حيث أطلقوا معلومات خاطئة أو مضللة بنسبة 4% من إجمالي ما رصدته تفنيد.

الجمهور روج لشائعات تزعزع الثقة في العملية الانتخابية

كان من أبرز المعلومات الخاطئة التي كان مصدرها الجمهور، شائعة تم تداولها على لسان الإعلامي التونسي زياد الهاني، إذ زعمت عدد من الحسابات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن الإعلامي زياد الهاني أعلن عن إيقافات بالجملة تشمل عدداً من القيادات الكبرى في اتحاد الشغل

انتشرت تلك الشائعة بين حسابات نشطة في سياق احتدام العملية السياسية خلال الانتخابات، ومع قيام السلطات التونسية بالقبض على عدد من المرشحين وبعض السياسيين في سياق الانتخابات

تحقق فريق تفنيد من المعلومة المتداولة وتبين أنها مضللة، إذ لم يعلن زياد الهاني عن وقوع اعتقالات بشكل فعلي، لكنه قدم توقعاً خلال فيديو نشره على صفحته عبر فيسبوك باحتمالية لجوء الرئيس قيس سعيد لحملة اعتقالات. وقال: "يوجد بعض المؤشرات التي تدل على أنه ربما قيس سعيد سيقوم بتحرك مفاجئ لاسترجاع شعبيته، باستهداف الاتحاد، ولا يُستبعد أنه ربما يقع إيقاف قيادات كبرى في الاتحاد، تصل حتى للأمين العام"

قام الجمهور بتحريف تصريحات الهاني، وتحويلها من توقعات إلى أخبار فعلية، مما يؤثر بشكل سلبي على مناخ الانتخابات في تونس وثقة الناخبين في نزاهة العملية الانتخابية. لذلك نشر فريق تفنيد تقريراً يؤكد أن الشائعة المتداولة مضللة، وأنه لم تقع أي اعتقالات في صفوف اتحاد الشغل حتى وقت انتشار المعلومات المضللة

التأثير على معتقدات الناخبين.. الهدف الأبرز للشائعات

قام فريق تفنيد بتحليل المعلومات الخاطئة أو المضللة التي تم رصدها وتدقيقها لمعرفة الأهداف المحتملة للتضليل. فكان التأثير على معتقدات الناخبين هو الهدف الأبرز بنسبة 61% من إجمالي المعلومات التي تم رصدها، بينما كان تشويه المرشحين هو الهدف المحتمل التالي بنسبة 26% من المعلومات. كما كانت 11% من المعلومات الخاطئة التي تم رصدها أخطاء تقليدية تتعلق بالانتخابات وسياقها، فيما هدفت 2% من المعلومات المضللة إلى الإضرار بالناخبين خلال عملية التصويت، من خلال تقديم معلومات مضللة عن لجان التصويت وأجواء العملية الانتخابية

مؤثرون استخدموا التضليل لتشكيك الجمهور في نزاهة الانتخابات

نشر ثامر بديدة، الأمين العام السابق لحراك "25 جويلية"، عبر منصات التواصل الاجتماعي معلومة مضللة، إذ ادعى أن المركز الدولي للنظم الانتخابية (IFES) التابع للأمم المتحدة قال إن الانتخابات في تونس مزورة على مقاس قيس سعيد باستخدام أجهزة الدولة، ولا ترتقي لأدنى المقاييس والمعاهدات الدولية، وأن المجتمع الدولي لن يعترف بنتائجها

تحقق فريق تفنيد من الادعاء، وتبين أنه مضلل، إذ نشرت المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية بياناً يوم 20 سبتمبر 2024 أكدت فيه أن نشاطاتها في تونس محصورة في التربية البدنية والثقافية لدى الفئات الهشة، ولا علاقة لها بالشأن الانتخابي. كما لم تنشر المؤسسة في موقعها ولا على صفحاتها بمنصات التواصل الاجتماعي أي بيان يعلق على الشأن الانتخابي التونسي

الادعاء الذي نشره "بديدة" كان يهدف بشكل مباشر إلى التأثير على معتقدات الناخبين تجاه العملية الانتخابية، والتشكيك في نزاهة الانتخابات وجدوى المشاركة فيها

شاركت تفنيد ضمن تحالف تدقيق الانتخابات التونسية والجزائرية 2024، الذي نظمته الشبكة العربية لمدققي المعلومات بدعم من

Africa Checkو Google News Initiative

وركز التحالف على تدقيق المعلومات المتعلقة بالانتخابات الصادرة عن المسؤولين الرسميين، والمرشحين وحملاتهم الانتخابية، والسياسيين، ووسائل الإعلام، والجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي.