الادعاء
“لم يتأخر التونسيون في كل مكان عن القيام بواجبهم في تصحيح مسار التاريخ بالرغم من أنّ الكثيرين، لم يتمكّنوا من التنقّل إلى مكاتب الاقتراع سواء في الدّاخل أو الخارج، لا بإرادتهم ولكن لأسباب معلومة لدى الجميع”.
السياق
خلال موكب ختم وإصدار دستور الجمهورية التونسية الجديد
أبرز المعلومات
- 16 أغسطس 2022.. الهيئة العليا المستقلة للانتخابات: نسبة المشاركة في الاستفتاء تُقدّر ب30.5% من إجمالي عدد المواطنين المُسجّلين.
- 25 يوليو 2022.. مرصد شاهد: تراجع نسبة إقبال الناخبين على مراكز الاقتراع.
- 25 يوليو 2022.. مرصد شاهد: محاولة التأثير على إرادة الناخبين عبر حثّهم على التصويت ب "نعم".
- الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات: مراكز الاقتراع فتحت أبوابها على السّاعة 6 صباحًا إلى حدود الـ10 ليلًا.
- خصّصت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات 4834 مركز اقتراع من بينها 298 مركزًا موزّعًا على 47 دولة خارج البلاد.
القصة
الهيئة العليا للانتخابات: نسبة المشاركة في الاستفتاء تُقدّر بـ30.5% فقط.
ادّعى “قيس سعيّد” أنّ تونسيّين كثيرين لم يتمكّنوا من التنقّل إلى مراكز الاقتراع، سواء بالدّاخل أو الخارج، لا بإرادتهم ولكن لأسباب معلومة لدى الجميع، تفنيد تتحرّى في ظُروف سير عمليّة الاستفتاء على الدّستور التونسي الجديد.
أفاد رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد، أنّ التونسيّين في كل مكان لم يتأخّروا عن القيام بواجبهم في تصحيح مسار التاريخ بالرغم من أنّ الكثيرين لم يتمكّنوا من التنقّل إلى مكاتب الاقتراع، سواء في الدّاخل أو الخارج، لا بإرادتهم، ولكن لأسباب معلومة لدى الجميع، وذلك في كلمة رسميّة له ألقاها في موكب لختم وإصدار دستور الجمهوريّة التّونسيّة الجديد انتُظم في قصر قرطاج بتاريخ 17 أغسطس 2022 وتمّت تغطيته في بثّ حيّ عبر الصفحة الرسميّة لرئاسة الجمهوريّة التونسيّة على فيسبوك.
نسب المشاركة في الاستفتاء على الدستور
قام فريق عمل “تفنيد” بالتحري حول التصريحات، وتبين أن إدعاء “سعيّد” كان “مضللًا”، إذ بحسب بيانات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس والمنظمات المُراقبة لعملية الاستفتاء، فإن نسب المشاركة في الاستفتاء كانت ضعيفة للغاية، إذ أفادت الهيئة العليا المُستقلة للانتخابات في تقريرها الرسمي الصادر في 16 أغسطس 2022، والمتعلق بالتصريح بالنتائج النهائيّة للاستفتاء أنّ عدد المواطنين الذّين قاموا بالإدلاء بأصواتهم بلغ مليونين و830 ألفًا و94 ناخبًا، أي ما يُقدّر ب30.5% من إجمالي عدد المواطنين المُسجّلين الذّي بلغ 9 ملايين و278 ألفًا و548 ناخبًا وفق ذات التقرير.
العزوف عن المشاركة رصدته أيضًا المنظمات الرقابيّة المُهتمة بمراقبة الانتخابات على غرار “مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحوّلات الديمقراطيّة” و”شبكة مُراقبون” وغيرها.
إذ أعلن مرصد “شاهد” عن تراجع نسبة إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع، وخاصة إقبال الشباب، وفق ما جاء في بلاغه عدد2 الذّي نُشر في 25 يوليو 2022، على صفحته الرسميّة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وفي بيان نشرته شبكة “مراقبون”، بتاريخ 26 يوليو 2022 على صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، أشارت إلى عزوف كبير عن التصويت في الاستفتاء وضعف نسبة المشاركة مقارنة بالاستحقاقات الانتخابية ما بعد 2011، إذ قدّرت “مراقبون” نسبة المشاركة بـ31.2% مع هامش خطأ 0.9%.
تسهيلات عملية الاقتراع من قبل الهيئة العليا:
خصّصت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، وهي هيئة معنيّة بتنظيم الانتخابات في تونس منذ 2011، إجمالي 4834 مركز اقتراع، من بينها 4536 مركزًا محليًا، موزعة على كامل الدوائر الانتخابيّة في كل ولايات البلاد، فيما توزّع 298 مركزًا على 47 دولة أجنبيّة.
وتولّت الهيئة في فترة مُحدّدة سابقة للاستفتاء، تسجيل النّاخبين غير المُسجّلين وتحيين معطيات المُسجّلين منهم وتوزيعهم آليا على مراكز الاقتراع الأقرب إلى مقرّات إقامتهم بالدّاخل والخارج على حدّ السّواء وفقا لأحكام المرسوم الرئاسي عدد 34 لسنة 2022 المؤرخ في 1 يونيو 2022، والذّي يتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه.
وفي إجراء استثنائي، مدّدت الهيئة العليا المُستقلّة للانتخابات في توقيت فتح وغلق مراكز الاقتراع مُقارنة بانتخابات عامي 2014 و2019، إذ انطلقت عملية الاقتراع بدءًا من الساعة الـ6 صباحًا عوضًا عن الساعة الـ7 واستمرّت إلى حُدود السّاعة الـ10 ليلًا عوضا عن السّاعة الـ6 مساءً، أي بفارق زمني يُقدّر ب 5 ساعات إضافية. وتمّ استثناء بعض مراكز الاقتراع لبعض الدوائر الانتخابيّة التّابعة لبعض الولايات الحدوديّة، وهي القصرين وسليانة وجندوبة والكاف وسيدي بوزيد وقفصة، من ذلك التوقيت، وهو إجراءٌ سبق وأن اتّخذته الهيئة في انتخابات 2014 و 2019 لدواع أمنيّة.
صعوبات واجهت ذوي الاحتياجات الخاصة
بعض النقائص والصّعوبات اعترضت فئة معيّنة من المواطنين، وهم ذوي الاحتياجات الخاصة، حتى أنها منعت بعضهم من ممارسة حقهم في الانتخاب، وفق ما جاء في بلاغ صحفيّ “من حقّي نشارك” صادر عن “المنظّمة التونسيّة للدّفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة” بتاريخ 25 يوليو 2022.
وأفادت المنظّمة، في بلاغها، أن مختلف المخالفات التّي تم رصدها تتلخص في نقص جاهزية مراكز الاقتراع لاستقبال الناخبين ذوي الإعاقة على مستويات البنية التحتية والنفاذ إلى المعلومة وممارسة الحقّ في الاقتراع، إذ تفتقر 58% من المراكز التي تمت تغطيتها، وعددها 385، إلى الأرصفة المُهيأة لأصحاب الكراسي المتحركة وذوي الإعاقة البصرية، بالإضافة إلى غياب مترجمي لغة الإشارات وأية معلقات توجيهية واضحة وسهلة القراءة في أغلبها، فيما لم تتوفر حافظة برايل في 32% منها.
وسجلت المنظمة حالات منع لبعض المواطنين ذوي الإعاقة من ممارسة حقهم في الاقتراع بسبب إعاقتهم، أو لعدم استظهارهم ببطاقة الإعاقة والحال أنه لا يُمكن منع أي شخص ذو إعاقة في حال عدم الاستظهار ببطاقته إذا كان دون مرافق.
بدورها، أشارت الجمعيّة التونسيّة من أجل نزاهة وديمقراطيّة الانتخابات “عتيد”، في تقريرها الأوّلي المتعلّق بملاحظة سير عمليّة الاقتراع للاستفتاء الصادر بتاريخ 25 يوليو 2022، إلى أنّ عدم تهيئة مراكز الاقتراع أدّى إلى صعوبة الدخول إلى الخلوة في بعض المكاتب، بالإضافة إلى صعوبة الوصول لمكاتب الاقتراع في الطوابق العلويّة.
موكب ختم وإصدار الدستور
وأشرف قيس سعيّد، رئيس الجمهوريّة التونسية، في 17 أغسطس 2022، على موكب ختم وإصدار دستور الجمهوريّة التونسيّة الجديد، وذلك بعد أن صرّحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بقبول مشروع نص الدستور تبعًا لتحصّل الإجابة “نعم” على الأغلبية من إجمالي الأصوات التي أدلى بها التونسيون في استفتاء 25 يوليو 2022.
ودخل الدستور الجديد حيز التنفيذ ابتداءً من تاريخ إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن نتيجة الاستفتاء النهائية. وبعد أن تولى رئيس الجمهورية ختمه وإصداره والإذن بنشره في عدد خاص بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
بمراجعة بيانات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمنظمات المُراقبة لعملية الاستفتاء في تونس، تبين أن تصريحات “قيس سعيد” كانت “مُضللة”، إذ أفادت كل المؤشّرات أنه من الناحية التنظيمية واللوجيستية لم يتم رصد أي إخلالات خارقة للعادة حالت دون وصول التونسيين إلى صناديق الاقتراع أو فرضت مُقاطعتهم اللاإرادية لاستفتاء 25 يوليو 2022.
التعليقات حول هذا المقال