تحقيق مدفوع بالبيانات​

كتب - حسام الوكيل

كنت انا وولاد عمي لغاية سنة 2017 بنملك حوالي 500 بهيمة - مواشي - بنربيهم وعايشين على خيرهم، جنب الأرض وباقي مصالحنا، لكن لما الحكومة وسعت الاستيراد، وأسعار اللحوم في السوق بقت رخيصة، في نفس الوقت اللي الأعلاف رفعت جامد من بعد القرارات اللي رفعت سعر الدولار، من ساعتها ماعدتش التربية جايبة همها، ومافيش مكسب، وكان فاضل نصرف على البهايم من ريع الأرض، بعدها دبحنا أغلب البهايم، وكل واحد احتفظ ب 3 رؤوس ولا 5 رؤوس، يربيهم وياخد خيرهم وكفاية على كده

طه إمام ​

مُزارع بقرية محلة أبو علي، التابعة لمركز دسوق، التابع لمحافظة كفر الشيخ​

شهادة طه إمام، و7 مزارعين ومربين مواشي آخرين، بقُرى مختلفة في دلتا مصر، لـ ”تفنيد“ عن تراجع عدد رؤوس الماشية التي يمتلكونها خلال آخر 4 سنوات، كانت حالات حية رصدها فريق عملنا لتعبر بشكل واقعي عن إحصائيات رسمية رصدتها أجهزة حكومية في مصر تكشف تراجع أعداد رؤوس الماشية ( الأبقار – الجاموس – الإبل – الأغنام – الماعز ) خلال السنوات الأخيرة.

إذ كشفت إحصائيات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (النشرة السنوية لإحصاءات الثروة الحيوانية – النشرة السنوية لحركة الإنتاج والتجارة الخارجية والمتاح للاستهلاك من السلع الزراعية ) عن تراجع أعداد الماشية في مصر بنسبة 59.5% بين عامي 2011 و 2021. 

وبلغت ذروة عدد رؤوس الماشية في مصر في تلك الفترة إلى 18 مليونًا و989 ألفَ رأس من ( الأبقار – الجاموس – الإبل – الأغنام – الماعز ) في عام 2012، بينما تراجعت الأعداد لأدنى مستوى عام 2020 إذ بلغ إجمالي رؤوس الماشية والأغنام 6 ملايين و500 ألفِ رأس. 

لماذا عزف المصريون عن تربية المواشي؟

فيه تراجع كبير في تربية المواشي، والفترة الاخيرة الحمى القلاعية قضت على العجول الصغيرة، مع ارتفاع تكاليف التربية بسبب أسعار الأعلاف، ماعدش فيه حد بيشتغل في تربية المواشي عندنا في دمياط إلا اللي عنده أرض، غير كده خلاص. زمان كان ال 5 بهايم يكفوا الفلاح هو وبيته، دلوقتي أصبح محتاج يشتغل بره علشان يكفي مصاريفه، لان العائد من التربية قليل. زمان كانت الدولة بتدعم الفلاح، ويجي علف مدعم من وزارة الزراعة، وبتساعدك تربي، دلوقتي مافيش

أيمن خليفة

خبير في تربية الماشية بدمياط

شهادات المُربين حول الظروف التي دفعتهم لتقليل أعداد الماشية التي يقومون بتربيتها، أو توقف بعضهم بشكل نهائي عن تلك المهنة، كشفت أن سياستين اقتصاديتين أقرتهما الحكومة منذ نهاية عام 2016 أثرتا بشكل سلبي على قطاع الثروة الحيوانية ما أدى لانخفاض عدد رؤوس الماشية بشكل حاد، وتراجع نصيب الفرد من اللحوم الحمراء.

عاصفة التعويم تضرب سوق المواشي

أعلن البنك المركزي المصري يوم 3 نوفمبر 2016 عن تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية ليتم التسعير وفقا لآليات العرض والطلب، وهو ما تسبب في انخفاض قيمة الجنيه بشكل كبير يمكن ملاحظته في الشكل التالي: 

تحرير سعر صرف الجنيه أثر بشكل سلبي على مُربي المواشي، إذ تستورد مصر ما يزيد عن 90% من احتياجها من الأعلاف، وهو ما تسبب في ارتفاع تكاليف تربية المواشي بشكل كبير، أدى بدوره لارتفاع أسعار اللحوم بالأسواق.

قام فريق عمل تفنيد بجمع البيانات حول أسعار أصناف من الأعلاف الرئيسية المستخدمة في تربية المواشي قبل تحرير سعر الجنيه، وتطور الأسعار في السنوات التالية، وهي الذرة الصفراء الأرجنتينية والبرازيلية والذرة الأوكرانية، والذرة الصفراء المحلية، وكُسب الصويا المحلي.

الجيش يفرض السيطرة

تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016 وما صحبه من ارتفاع تكاليف الإنتاج أدى لارتفاع أسعار اللحوم بالأسواق بشكل كبير، لتبدأ القوات المسلحة بحملة كبرى لمضاعفة منافذ البيع الخاصة بها بالمدن والمحافظات لبيع اللحوم والسلع الأساسية، تحت عنوان ”مكافحة الغلاء والاحتكار“، قامت وسائل الإعلام المصرية بحملة إعلامية كبرى للترويج لها.

بالبحث حول منافذ بيع السلع الغذائية التابعة لجهاز الخدمة العامة للقوات المسلحة، اكتشف فريق عملنا أن عدد منافذ البيع بلغ 341 منفذ عام 2014، وارتفع إلى 417 منفذًا حتى منتصف عام 2016 الذي شهد تحرير سعر صرف الجنيه، إلا أن القوات المسلحة عملت على مضاعفة منافذ البيع الخاصة بها عدة مرات لتبلغ 890 منفذًا آخر عام 2017  قبل أن تبلغ 1502 من المنافذ عام 2022 منها 1200 منفذٍ متحرك و240 منفذًا ثابت و62 مُجمعاً وفرعاً.

السيد محمد ربيع

مُزارع بإحدى قرى مدينة تلا، بمحافظة المنوفية

شهادة ”ربيع“، أوضحت بشكل عملي آثار توسع القوات المسلحة في إنشاء منافذ بيع السلع الغذائية، معتمدة على الاستيراد من الخارج، وهو ما تطابق مع إحصائيات مركز التجارة الدولي، والذي كشف تزايد واردات مصر من اللحوم الحمراء، والماشية بشكل كبير بين عامي 2015 – العام السابق لتحرير سعر الجنيه – وعام 2021 .

توسع القوات المسلحة في استيراد المواشي الحية، واللحوم الحمراء، لم يكن كافيًا لسد الفجوة الناتجة عن تدهور الإنتاج الحيواني في مصر، ففي الوقت الذي تراجع فيه عدد رؤوس الماشية والأغنام في مصر من 18 مليونًا و989 ألفَ رأسٍ، إلى 7 ملايين و500 ألفٍ فقط، فإن واردات القوات المسلحة لم تساهم في الحفاظ على نصيب الفرد من اللحوم الحمراء سنويًا، إذ بلغ متوسط نصيب الفرد من اللحوم الحمراء عام 2015 نحو 13.6 كيلو جرام سنويًا، لينخفض قليلا خلال الأعوام التالية، قبل أن يرتفع مجددًا في عام 2018 الذي شهد منافسة شرسة بين الجيش ومربي الماشية، ليصل متوسط نصيب الفرد 13 كيلو سنويًا.

إلا أنه بعد لجوء مربي المواشي لذبحها نظرًا لقلة العائد منها مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، انخفضت أعداد رؤوس الماشية والأغنام عام 2019 إلى 7 ملايين و386 ألفًا و142 رأسًا، وانخفض متوسط نصيب الفرد من اللحوم إلى 7.2 كيلو سنويًا.

عام المجزرة

١١١
٣٣٣
٢٢٢

سنة 2018 أغلب البلد عندنا قرروا يدبحوا المواشي ويبيعوها لحم ويشغلوا فلوسها في حاجة تانية، كانت مجزرة حرفيًا، وكل واحد احتفظ بكام بهيمة اللي محتاجهم لبيته.. لكن واضح ان ده أثر على الكميات المتوفرة في السوق سنة 2019، فبدأت الحكومة تشجع الناس على التربية من تاني، وعملوا مشروع البتلو، ويقولوا للناس تعالوا خدوا قرض، واشتروا عجول بتلو سمنوها، وهيتأمن عليها، لكن أغلب الناس لم تستجيب، لان ماكنش فيه حلول حقيقية.. الأعلاف أسعارها في ارتفاع، والحكومة بتتوسع في منافذ البيع بتاعت القوات المسلحة والشرطة ووزارة الزراعة، وبيقدموا أسعار التجار مايقردوش يشتغلوا بيها.. ومشروع البتلو مابيحلش المشكلة

عاطف رجب

مهندس زراعي بقرية تفهنه الأشراف، بميت غمر، بمحافظة الدقهلية

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

أضف قائمة تشغيل جديدة

إشترك الآن ليصلكم جديد الأخبار

إشترك الآن في القائمة البريدية

إحصل علي جديد الأخبار