الادعاء مضلل
الأثر المحتمل: التلاعب بالجمهور لحصد مشاهدات
تونس تتصدر قائمة الدول الأكثر تعاسة في العالم سنة 2025 بحسب مؤشر البؤس الذي وضعه الخبير الاقتصادي الدولي آرثر أوكن.  
الخلاصة

الادعاء "مضلل"، حيث يعود تصنيف تونس في مؤشر البؤس الذي نقله تقرير "فرانس 24" لسبتمبر 2015، كما لا تتصدره تونس بل تحتل فيه المرتبة الأخيرة من أصل 18 بلدا الأكثر بؤسا في العالم، بينما صنف آخر مؤشر للبؤس لسنة 2024 تونس في المرتبة 34 بين 162 بلدا.

تونس لا تتصدر قائمة الدول الأكثر تعاسة في العالم
المصدر: FTDES
 تتبع فريق "تفنيد" الادعاء المتداول، يومي 8 و9 مايو 2025، على صفحات تونسية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، والذي يشير إلى تصدر تونس الدول الأكثر تعاسة في العالم لسنة 2025، وتبين أنه "مضلل"، وذلك بالعودة إلى التقرير الأصلي للقائمة والذي يعود لسنة 2015، وبالرجوع إلى مؤشرات البؤس في العالم في السنوات الأخيرة، والذي ابتكره "آرثر أوكون".
لماذا نتحقّق من الادّعاء؟ لأن الشائعات التي يتداولها الجمهور حول المسؤولين أو السياسيين أو الشأن العام، تؤثر بشكل سلبي على الوعي العام وقدرة الجمهور على التقييم والمحاسبة.
ويصاحب الادعاء المتداول مقطع فيديو لنشرة إخبارية في قناة "فرانس 24" الناطقة بالعربية، ومدّته 20 ثانية، حيث توجه مقدمة النشرة الحديث إلى زميلها بشأن تصدر تونس قائمة الدول الأكثر تعاسة في العالم، فيجيبها مازحا: "رياح البؤس تهبّ على تونس كما يقال، وهذا ما كشفه مؤشر البؤس الذي وضعه الخبير الاقتصادي آرثر أوكون مؤخرًا". وبالبحث عن تاريخ نشر الفيديو اكتشفنا أن الادعاء تم تداوله عديد المرات، في سبتمبر 2016، وفي أغسطس 2018، وفي يناير 2021. وبمزيد البحث توصلنا إلى أن الفيديو تم تداوله أول مرة في 11 سبتمبر 2015، وتأكدنا من ذلك من خلال تقارير صحفية نقلت الخبر حينها، سواء في مواقع محلية أو دولية في 10 سبتمبر 2015، وهو خبر منقول عن وكالات أنباء.  

هل تصدرت تونس قائمة البلدان الأكثر بؤسا في 2015؟

لا يكشف الخبر المنقول عن "وكالات" والذي تناقلته المواقع الإخبارية والقنوات التلفزيونية تفاصيل كثيرة، حيث يشير إلى أن 3 دول عربية وهي سوريا واليمن وتونس ضمن قائمة الدول الأكثر تعاسة بحسب "مؤشر البؤس" الذي وضعه الخبير الاقتصادي "آرثر أوكون"، ويشير إلى أن المؤشر يستند في تصنيف الدول على مقياسي البطالة والتضخم، حيث كلما ارتفعت المعدلات زاد البؤس في الدولة. وآرثر أوكون اقتصادي أمريكي (1928 - 1980) شغل منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للولايات المتحدة في الفترة بين عامي 1968 و1969، وهو مبتكر المقياس الاقتصادي "مؤشر البؤس" في فترة السبعينات (معدل البطالة + معدل التضخم) ويهدف إلى تقدير حجم المعاناة الاقتصادية التي يشعر بها المواطنون في وقت معين. وبالبحث في مؤشرات البؤس الصادرة سنة 2015، لم نعثر في البداية على أي تصنيف يضع تونس في صدارة الدول الأكثر "تعاسة"، وبمزيد البحث توصلنا إلى المصدر الذي اعتمدته وكالات الأنباء وهو تصنيف نشرته المنصة الأمريكية التي تعنى بالاقتصاد BUSINESS INSIDER، والذي يقدم جانبا كبيرا من محتواه عبر الاشتراك. وفي النسخة الهندية من الموقع الأمريكي عثرنا على ملخص للتصنيف نشر في 9 سبتمبر 2015، ويوضح في البداية مفهوم "مؤشر البؤس" الذي ابتكره الاقتصادي آرثر أوكن، والذي يجمع بين معدلات البطالة والتضخم في بلد معين. وكلما ارتفع الرقم، زادت "بؤساً" حالة البلد، ويضيف الموقع أن المنصة قامت بإعداد قائمة تضم أكثر من 18 دولة الأكثر بؤسًا، اعتمادًا على بيانات سنة 2014 المتوفرة في كتاب "حقائق العالم الصادر عن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)".  وفي أغسطس 2017 نشر الموقع الهندي التصنيف كاملا والذي تناقلته عديد المواقع الأخرى منذ سنة 2015، ويقدم قائمة بـ18 بلدا الأكثر بؤسا في العالم لسنة 2015، وعكس ما نقلته "فرانس 24" فإن تونس لا تتصدر هذه القائمة بل تحتل المرتبة الأخيرة فيها أي المرتبة 18 بمعدل نقاط 20.1 لمؤشر البؤس باحتساب نسب التضخم (4.9%) والبطالة (15.2%)، وتحتل فنزويلا المرتبة الأولى في هذا التصنيف بمعدل نقاط 70، وتأتي سوريا في المرتبة الثانية بـ67.8، واليمن في المرتبة الخامسة متحصلة على درجة 35.2 من مؤشر البؤس، ومصر في المرتبة 13 بمعدل نقاط 23.5، كما ضمت القائمة دولا أوروبية مثل إسبانيا واليونان وأوكرانيا وصربيا وكرواتيا.   صورة من تصنيف الدول الأكثر بؤسا في العالم لسنة 2015 صورة من تصنيف الدول الأكثر بؤسا في العالم لسنة 2015  

أين صنف مؤشر البؤس 2025 تونس؟

لمعرفة تصنيف تونس في مؤشرات البؤس منذ 2015 إلى اليوم، تتبعنا مؤشر هانكي السنوي للبؤس، وهو أشهر تصنيف للاقتصادي الأمريكي ستيف هانكي، والذي يبرز في مقال له بعنوان: "مؤشر هانكي السنوي للبؤس: أكثر بلدان العالم بؤسًا (وسعادةً)" والذي يؤكد فيه أنه عدّل مؤشر "أوكون" الأصلي، وأضاف له متغيرات جديدة لجعله أكثر دقة وملاءمة للظروف الاقتصادية الحديثة، حيث يعتمد مؤشر  "آرثر أوكون" (بطالة + تضخم)، وأصبح يعتمد بعد تعديله على  (بطالة + تضخم + فائدة − نمو الناتج للفرد). في سنة 2015 اعتمد "هانكي" في تصنيفه لمؤشر البؤس تقسيما جغرافيا وإقليميا، حيث احتلت تونس المرتبة 5 في أفريقيا والشرق الأوسط من أصل 12 بلدا، وبلغ معدل البؤس 26.7، محققا ارتفاعا مقارنة بسنة 2014 حيث كان يبلغ 24  نقطة.   مؤشر البؤس في الشرق الأوسط وأفريقيا لسنة 2015 مؤشر البؤس في الشرق الأوسط وأفريقيا لسنة 2015   في سنة 2016 غابت تونس عن مؤشر البؤس العالمي الذي ضم 52 بلدا احتلت فيه فنزويلا المرتبة الأولى بـ573.4 نقطة، كما غابت عن مؤشر 2017 الذي ضم 98 بلدا، وأيضا عن مؤشر 2018 و2019. وعادت تونس للقائمة في سنة 2020 حيث احتلت المرتبة 36 من بين 156 بلدا، ومؤشر بؤس بلغ 36.1، واحتلت سنة 2021 المرتبة 39 من بين 156 بلدا بمعدل 28.7، أما في سنة 2022 فقد ارتفع مؤشر البؤس ليبلغ 46.905 واحتلت تونس المرتبة 43 من ضمن 157 بلدا. وحافظ مؤشر البؤس على ذات معدله تقريبا سنة 2023 حيث بلغ 46.2، واحتلت تونس المرتبة 38 من بين 157 بلدا. وفي 27 فبراير 2025 نشر "هانكي" تصنيفه السنوي للبؤس لسنة 2024، واحتلت تونس المرتبة 34 من أصل 162 بلدا بمؤشر بؤس بلغ 45 نقطة.
الخلاصة: الادعاء بأن تونس تتصدر قائمة الدول الأكثر تعاسة في العالم سنة 2025 "مضلل"، حيث يعود التصنيف لعام 2015، كما لا تتصدره تونس بل تحتل فيه المرتبة الأخيرة من أصل 18 بلدا الأكثر بؤسا في العالم، بينما صنفها آخر مؤشر لسنة 2024 في المرتبة 34 بين 162 بلدا.

المصادر

الموقع الأيرلندي the journal
بيزنس انسايدر النسخة الهندية
تداول الفيديو لأول مرة
تداول الفيديو في شهر أغسطس 2018
تداول الفيديو في شهر سبتمبر 2016
تداول الفيديو في شهر يناير 2021
تصنيف سنة 2015 بيزنس إنسايدر
تعريف ستيف هانكي
تعريف مؤشر البؤس الذي ابتكره أوكون
مؤشر البؤس لسنة 2015
مؤشر البؤس لسنة 2016
مؤشر البؤس لسنة 2017
مؤشر البؤس لسنة 2018
مؤشر البؤس لسنة 2019
مؤشر البؤس لسنة 2020
مؤشر البؤس لسنة 2021
مؤشر البؤس لسنة 2022
مؤشر البؤس لسنة 2023
مؤشر البؤس لسنة 2024
مقال ستيف هانكي عن مؤشر البؤس
موسوعة بريتانيكا..تعريف آرثر أوكون
موقع باب بنات
موقع روسيا اليوم

لن نشارك بريدك الإلكتروني مع أي جهات أخري. تم وضع علامة على الحقول المطلوبة *

يرجى إدخال الاسم الكامل
يرجى إدخال بريد إلكتروني صالح
يرجى إدخال الرسالة