نشر حساب باسم "شاهد الحقيقة" على منصتي فيسبوك وتيك توك، مقطع فيديو، سجل انتشارًا واسعًا وعدد كبير من المشاهدات، بعنوان "عاجل !! مصر تشهد كارثة كبرى تهدد حياة الملايين، وباء سريع الانتشار بسبب السودانيين في مصر وإعلان حالة الطوارئ"، وذلك يوم 10 يونيو 2025، مع عدم تقديم مصادر موثوقة عن الأمر.. فما هي حقيقة هذا الوباء السريع؟

تداول أنباء بأن مصر تشهد كارثة كبيرة بسبب السودانيين
الوضع في مصر:
أكدت وزارة الصحة وفقًا لمنشور صادر عن قطاع الطب الوقائي، نشره موقع "القاهرة 24"، في 4 يونيو 2025، أنها شددت الإجراءات الاحترازية في المنافذ الصحية، ونشطت ترصد القادمين من الدول المنتشر بها المرض. وأوضح المنشور أنه على الصعيد الداخلي، يتوجب على مديريات الشؤون الصحية بالمحافظات تنشيط منظومة الترصد داخل المنشآت الصحية العامة والخاصة، من خلال مراقبة دقيقة للحالات الواردة والوافدين من الدول الموبوءة، وتفعيل الإبلاغ الفوري عن أي حالة مشتبهة عبر النماذج الرسمية، مع تطبيق إجراءات العزل وفق البروتوكول المعتمد. وأعلن الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، في 31 مايو 2025، عدم تسجيل أي إصابة بالكوليرا داخل البلاد حتى الآن، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك نظام ترصد صحي دقيق ومتكامل في جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية، إلى جانب منظومة استجابة سريعة داخل المستشفيات تتابع أي أعراض مشتبه بها. وكشف مصدر مسؤول بوزارة الصحة لـ"Sky News عربي" و"مصراوي" أن مصر خالية تماما من الكوليرا، موضحًا أن فرق الطب الوقائي تُجري عمليات مناظرة وفحص دقيق للقادمين من السودان أو من مناطق يشتبه في وجود بؤر وبائية بها، وذلك ضمن خطة الدولة لمواجهة احتمالات انتقال عدوى الكوليرا أو غيرها من الأمراض المعدية إلى داخل البلاد.
انتشار الكوليرا ليس في السودان فقط:
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية في 4 يونيو 2025، يعاني السودان واحدة من أشد التفشيات في التاريخ الحديث، إذ أُبلغ عن 65.291 حالة إصابة و1721 وفاة في 12 ولاية حتى 26 مايو 2025؛ وسجلت ولاية الخرطوم وحدها أكثر من 7600 حالة و142 وفاة.

خريطة انتشار الكوليرا عالميَا وفي 10 يونيو 2025، ذكر موقع الأمم المتحدة أن السلطات الصحية سجلت أكثر من 1.300 حالة جديدة بين 26 مايو و1 يونيو، بانخفاض عن 7000 حالة في الأسبوع السابق، وبينما انخفض معدل الوفيات، يحذر الشركاء من أن نقص الإبلاغ قد يخفي النطاق الحقيقي لتفشي المرض. وفي اليمن، لا تزال الكوليرا متوطنة، إذ أُبلغ عن أكثر من 271 ألف حالة مشتبه فيها، و884 وفاة منذ مارس 2024، أما سوريا فعرضة لخطر كبير لعودة ظهور الكوليرا، الأمر الذي دفع منظمة الصحة العالمية إلى بدء استجابة طارئة لمدة 6 أشهر تستهدف مساعدة 850 ألف شخصًا من الفئات الضعيفة والمعرضة للخطر في محافظات حلب واللاذقية والحسكة ودمشق. ودشن المكتبُ الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، استراتيجية جديدة للحد من عبء الكوليرا في جميع أنحاء الإقليم بحلول عام 2028. وتضع الاستراتيجية مخططًا أوليًا لنهج موسّع متعدد القطاعات للتصدي للأسباب الجذرية لانتشار الكوليرا والوقاية من فاشياتها في المستقبل، بهدف خفض المراضة والوفيات المرتبطة بالكوليرا خفضًا كبيرًا. ويُقدر الباحثون خلال تقرير منظمة الصحة العالمية، ما بين 1.3 و4 ملايين حالة إصابة بالكوليرا، وبين 21 ألفًا و143 ألف حالة وفاة بسببها عالميًا كل عام، مع تزايد الحالات منذ عام 2021، وأبلغت أكثر من 40 دولة عن حالات إصابة في 2024، وتُقدّر المنظمة أن مليار شخص مُعرّضين لخطر الإصابة المباشر. فيما أوضح مدير عام المنظمة أنه حتى الآن هذا العام، سجلت أفريقيا ثلثي جميع حالات الكوليرا على مستوى العالم، و99% من جميع الوفيات المرتبطة بالكوليرا. وفي 5 يونيو 2025، اجتمعت 20 دولة عضو في الاتحاد الأفريقي متأثرة بالكوليرا لحضور اجتماع افتراضي رفيع المستوى، بناءً على دعوة من المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Africa CDC) وتحت قيادة هاكيندي هيشيليما، رئيس زامبيا، و"بطل" الاتحاد الأفريقي لمكافحة الكوليرا. وأظهر الاجتماع أنه حتى مايو 2025، أبلغت أفريقيا عن حوالي 130 ألف حالة إصابة بالكوليرا و2700 حالة وفاة، وهو ما يمثل 60% من الحالات المبلغ عنها عالميًا، و93.5% من الوفيات المرتبطة بالكوليرا، وهو رقم مثير للقلق. ولا تزال أنجولا والكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان من بين أكثر الدول تضررًا.
مرض الكوليرا وأعراضه:
وفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية فإن مرض الكوليرا عدوى حادة تسبب الإسهال، وتنجم عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوّثة التي تحتوي بكتيريا الكوليرا، ويتسبب في الإصابة بإسهال مائي حاد، ويستغرق بين 12 ساعةً و5 أيام لكي تظهر أعراضه على الشخص وتُصيب الأطفال والبالغين. وأوضحت منظمة الصحة العالمية ومركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن أعرض الكوليرا غالبًا ما تكون خفيفةً أو بدون أعراض، ولكنها قد تكون شديدة، مشيرة إلى أن حوالي 1 من كل 10 أشخاص يصابون بالكوليرا سيصابون بأعراض حادة مثل "الإسهال المائي، والقيء، وتشنجات الساق"، وعند هؤلاء الأشخاص، يؤدي الفقد السريع لسوائل الجسم إلى الجفاف، ويمكن أن تحدث الوفاة في غضون ساعات إذا تُرك من دون علاج.
طرق الوقاية من مرض الكوليرا:
أكد مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أنه على جميع الزوار أو المقيمين في المناطق التي ينتشر فيها الكوليرا، اتباع التوصيات لمنع الإصابة بالمرض، ومنها تناول المياه الآمنة مثل المياه المعبأة أو المغلية أو المعالجة كيميائيًا أو المشروبات المعبأة أو المعلبة، مع تجنب مياه الصنبور، ومكعبات الثلج، والشرب من النافورة. بالإضافة إلى غسل اليدين بالصابون والماء النظيف كثيرًا، خاصة قبل تناول الطعام، وبعد استخدام المرحاض وفي حالة عدم توافر الماء النظيف والصابون فيمكن استخدام معقم اليدين الذي يحتوي على الكحول بنسبة 60% على الأقل. وتناول الأطعمة المعبأة أو المطبوخة حديثًا والتي تقدم ساخنة، وعدم تناول اللحوم والمأكولات البحرية النيئة أو غير المطبوخة جيدًا، أو الفواكه والخضروات النيئة أو غير المطبوخة جيدًا ما لم يتم تقشيرها.
لماذا نتحقّق من الادّعاء؟
لأن الشائعات التي يتداولها الجمهور حول المسؤولين أو السياسيين أو الشأن العام، تؤثر بشكل سلبي على الوعي العام وقدرة الجمهور على التقييم والمحاسبة.
.png)