الادعاء غير دقيق
الأثر المحتمل: تشوه وعي الجمهور بقضايا الشأن العام
الإدارة نفسها تحولت إلى دكاكين ومحاصصات حزبية.. بالانتدابات العشوائية.. بالانتدابات الحزبية.. بالعفو التشريعي العام.. معقول تونس عندك تقريبا 700 ألف في القطاع العمومي أو أكثر.. معقول 400 منشأة عمومية وكذلك ديوان.. عندك 120 على الأقل باركين (في وضعية صعبة).
الخلاصة

الادعاء "غير دقيق"، إذ تُظهر المعطيات الواردة في قوانين المالية أن عدد المشتغلين في القطاع العام لم يبلغ 700 ألف موظفا ولم يتجاوز هذا الرقم، حيث ارتفع العدد من 644 ألفًا و872 سنة 2021 إلى 663 ألفًا و757 سنة 2025، على أن يُقدَّر عددهم في حدود 687 ألفًا وفق مشروع قانون المالية لسنة 2026. كما يؤكد آخر تقرير للمنشآت العمومية المنشور على موقع وزارة المالية أن عدد المنشآت العمومية لا يتجاوز 115 منشأة، وليس 400 كما ورد في الادعاء، فضلا عن أن أغلب المنشآت التي شملها التحليل في التقرير تعاني وضعية مالية معقّدة.

أرقام
المصدر: WFSU

تتبع فريق "تفنيد" تصريح الإعلامي والمحلل السياسي، خلال حواره في برنامج "حدث وتحليل"، على قناة الوطنية 1، بتاريخ 11 ديسمبر 2025، والتي قدم فيها أرقاما حول عدد المشتغلين في القطاع العام، وأيضا عدد المنشآت العمومية في تونس، واتضح أن الادعاء "غير دقيق"، وذلك بعد الرجوع لتقارير وزارة المالية حول قوانين المالية والمنشآت العمومية.

هل يبلغ عدد موظفي القطاع العام في تونس أكثر من 700 ألف؟

انطلقنا في البداية في التحقق من عدد موظفي القطاع العام في تونس من خلال الرجوع إلى قوانين المالية الصادرة بين سنتي 2021 و2025 عن وزارة المالية، بالإضافة إلى مشروع قانون المالية لسنة 2026 المنشور على موقع مجلس نواب الشعب. 

وبيّنت المعطيات الرسمية أن عدد الموظفين اتّجه في أغلبه نحو الارتفاع، وبلغ متوسط النمو السنوي لعدد موظفي القطاع العام بين 2021 و2025 نحو 0.73% سنويا، إذ بلغ 644 ألفا و872 موظفًا سنة 2021، ثم ارتفع إلى 654 ألفا و922 سنة 2022، ووصل إلى 658 ألفا و911 سنة 2023، أما سنة 2024 فقد سجل العدد 656 ألفا و961، قبل أن يعاود الارتفاع سنة 2025 ليبلغ 663 ألفا و757، وفي مشروع قانون المالية لسنة 2026 تم تحديد عدد الموظفين في حدود 687 ألفا وهو ما يعني أن العدد لم يبلغ أو يتجاوز عتبة 700 ألف عون كما ورد في تصريح المدّعي.

حجم المنشآت العمومية ونسبة المؤسسات المتعثّرة:

في الجزء الثاني من تصريحه، أفاد المدعي بوجود 400 منشأة عمومية وديوان في تونس، منها 120 مؤسسة تعاني صعوبات.

غير أنّه من المهم توضيح الإطار القانوني للمصطلحات المستعملة، إذ تُعرِّف التشريعات التونسية المنشآت العمومية على أنها المؤسسات العمومية التي لا تكتسي صبغة إدارية، وهي تشمل مختلف المؤسسات الاقتصادية والخدماتية التابعة للدولة، وهو ما ورد في الأمر عدد 2265 لسنة 2004 المؤرخ في 27 سبتمبر 2004، ويقدّم نفس الأمر قائمة بـ44 منشأة عمومية تُحتسب ضمنها أيضًا الدواوين، على غرار: ديوان الزيت، ديوان الحبوب، ديوان الأراضي الدولية وغيرها من المؤسسات التي تُصنَّف قانونيًا ضمن المنشآت العمومية.

وبالعودة إلى تقارير المنشآت العمومية التي تصدرها وزارة المالية، وبالاطلاع على تقرير سنة 2025، والذي يعتمد أساسا على القوائم المالية النهائية لسنة 2022 (وهي القوائم المتوفرة عند إعداد التقرير في أغسطس 2024)، تمت الإشارة في صفحته التاسعة إلى أن إعداده تم "بالاعتماد على عينة تتكون من 50 منشأة موزعة على أغلب القطاعات وتمثل ما يقارب 90% من اجمالي المؤشرات المالية للعدد الإجمالي للمنشآت العمومية البالغ عددها 115 منشأة عمومية".

وبرّر التقرير اختيار عينة من 50 منشأة فقط من مجموع 115 لتحليل وضعيتها المالية والمحاسبية باعتبار عدم توفر المعطيات الكافية عن بعض المنشآت والتي تشهد صعوبات في ضبط قوائمها المالية في الآجال القانونية.

ويعرض التقرير في جزئه الأول مؤشرات النشاط والمؤشرات المالية خلال الفترة 2021 - 2022 لـ85 منشأة عمومية من بين 115 منشأة، مشيرا إلى أنه رغم ارتفاع إيرادات التشغيل بنسبة 42.5%، أي تحسن المداخيل، ارتفعت تكاليف التشغيل بنفس النسبة تقريبًا، ما قلّل من أثر هذا التحسن على الربحية. وارتفعت نتائج الاستغلال بنسبة 60.2%، لكنها لم تمنع الخسائر الصافية من التفاقم، حيث بلغت 1,544.6 مليون دينار سنة 2021، وارتفعت إلى 2,539.7 مليون دينار سنة 2022، أي زيادة في الخسائر بمقدار 995.1 مليون دينار (64.4%). وبناءً عليه فإن الوضع المالي لأغلب المنشآت العمومية يظل متعثرا رغم زيادة الإيرادات في تلك الفترة.

 في جزئه الثاني يقدم التقرير، تحليلا ماليا للعينة المكونة من 50 منشأة عمومية خلال الفترة 2021 - 2023 ويقدم أهم المؤشرات المالية لكل منشأة، ثم يعرض في جزئه الثالث العلاقة المالية بين الدولة وبين 42 منشأة العمومية (بعد استثناء البنوك العمومية نظرا لطبيعة نشاطها وإحدى الشركات التي لم توفر معطيات).

تطور رصيد مديونية ومستحقات 42 منشأة تجاه الدولة

ويُظهر التقرير أن الوضعية المالية للمنشآت العمومية تتسم بدرجة عالية من التعقيد، إذ سجل رصيد ديون المنشآت العمومية تجاه الدولة ارتفاعا متواصلًا خلال الفترة 2021 – 2023، وبلغ هذا الرصيد مع نهاية سنة 2022 مستوى هاما، تمثّل الديون الجبائية منه النصيب الأكبر بنسبة 58%، أي ما يعادل نحو 10.9 مليارات دينار.

وفي المقابل، عرف رصيد مستحقات المنشآت العمومية لدى الدولة بدوره ارتفاعًا مستمرًا خلال الفترة 2021 – 2022، ليبلغ مع نهاية 2022 قرابة 12 مليار دينارًا، وهو ما يعكس تشابكًا ماليًا متزايدًا بين الدولة ومنشآتها العمومية.

وبالعودة إلى تقارير المنشآت العمومية للسنوات السابقة المنشورة على الموقع الرسمي لوزارة المالية، تبيّن أن عدد المنشآت العمومية عرف تذبذبا طفيفًا خلال الفترة الأخيرة، إذ أحصى تقرير سنة 2021 110 منشآت عمومية، ثم ارتفع العدد إلى 112 منشأة سنة 2022، قبل أن يتراجع إلى 111 منشأة سنة 2023، ليعاود الارتفاع مجدّدا ويبلغ 114 منشأة عمومية وفق تقرير سنة 2024.

لماذا نتحقّق من الادّعاء؟

لأن إعلان بيانات أو معلومات خاطئة حول شأن عام، يؤثر بشكل سلبي على شرائح الجمهور المرتبطة بهذا الشأن، سواء كان سياسيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو تنمويًا وغيره من المجالات.

المصادر

الوكالة التونسية للتضامن..الأمر عدد 2265 لسنة 2004:
مجلس نواب الشعب..قانون المالية لسنة 2026:
وزارة المالية.. قانون المالية لسنة 2021:
وزارة المالية..تقارير المنشآت العمومية:
وزارة المالية..قانون المالية لسنة 2022:
وزارة المالية..قانون المالية لسنة 2023:
وزارة المالية..قانون المالية لسنة 2024:
وزارة المالية..قانون المالية لسنة 2025:
الوطنية 1

لن نشارك بريدك الإلكتروني مع أي جهات أخري. تم وضع علامة على الحقول المطلوبة *

يرجى إدخال الاسم الكامل
يرجى إدخال بريد إلكتروني صالح
يرجى إدخال الرسالة