اليوم احنا المنظومة التحويلية في البلاد التونسية ما عدناش مشكل.. وتقريبا حتى كي تجبد وتقرأ الصناعة في تونس 50 بالمائة من الصناعات التحويلية في البلاد التونسية هي منتجات فلاحية.. كي تمشي للمصانع والمعامل اللي في تونس أغلبيتها تخدم فلاحة.
المدعي : حسن الجربوعي . عضو لجنة الفلاحة بمجلس نواب الشعب التونسي (سياسي غير حكومي )
الادعاء "غير دقيق"، حيث يعمل في تحويل المنتجات الفلاحية 21.5% فقط من عدد المؤسسات الصناعية التحويلية، ويضم هذا القطاع 15.2% من اليد العاملة، ويساهم بنحو 21.9% فقط من الناتج المحلي، بينما تمثل الصناعات الميكانيكية والكهربائية والنسيج والملابس والجلود الجزء الأكبر من حيث عدد المؤسسات والعمالة والقيمة المضافة.
تتبع فريق "تفنيد" تصريح النائب في البرلمان وعضو لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والمائي والصيد البحري، خلال حضوره في برنامج "صباح الورد"، على راديو "جوهرة أف أم"، بتاريخ 15 ديسمبر 2025، والتي أكد فيها أن 50% من الصناعة التحويلية هي منتجات فلاحية وأن أغلب المصانع في تونس تعتمد على الفلاحة، واتضح أن الادعاء "غير دقيق"، وذلك بعد الرجوع لموقع وكالة النهوض بالصناعة والتجديد ومعهد الإحصاء وتقارير إعلامية.
في البداية انطلقنا بالبحث عن عدد المؤسسات الصناعية وهيكل النسيج الصناعي في تونس، ووفق معطيات وكالة النهوض بالصناعة والتجديد (محيّنة إلى حدود نوفمبر 2025)، يبلغ مجموع المؤسسات الصناعية 4604 مؤسسات (تشغل 10 أشخاص فما فوق)، حيث يحتل قطاع النسيج والملابس المرتبة الأولى بـ1323 مؤسسة بنسبة 28%، وتحتل الصناعات الغذائية (تحويل منتجات فلاحية) 989 مؤسسة بنسبة 21.5%، وتأتي الصناعات الميكانيكية والكهربائية في المرتبة الثالثة بـحوالي 20%، ثم الصناعات الكيميائية بـ11%، وتضم النسبة الباقية بقية القطاعات: مواد البناء والخزف والبلور والخشب والجلود والأحذية، صناعات مختلفة.

وهو ما يؤكد أن الصناعات الغذائية لا تمثل نصف النسيج الصناعي، بل حوالي خُمس المؤسسات فقط.
في مرحلة ثانية اطلعنا على توزيع مواطن الشغل حسب القطاعات:

ووفق نفس المصدر، فإن الصناعات الغذائية تشغّل 79 ألف عاملًا فقط من أصل 522 ألفًا، أي 15.2% من مجموع مواطن الشغل الصناعية، بينما يشغل قطاع النسيج والملابس: 27.9%، والصناعات الكهربائية 21.1% والميكانيكية والكهربائية معًا أكثر من 30%.
وهو ما كشفت عنه وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم فاطمة شيبوب الثابت، خلال جلسة عامة بمجلس نواب الشعب لمناقشة مشروع ميزانية الوزارة لسنة 2026، مؤكدة أن ثلث النسيج الصناعي يتركز في قطاع النسيج والملابس والجلود والأحذية الذي يوفر حوالي 34% من جملة مواطن الشغل فيما يمثل قطاع الصناعات الغذائية 22% من جملة المؤسسات ويشغل 15% من مواطن الشغل، فيما يشغل قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية 30% من مواطن الشغل. وتؤكد هذه الأرقام أن أكثر من 80% من التشغيل الصناعي خارج قطاع الفلاحة.
في مرحلة أخيرة اتجهنا صوب النشرات الإحصائية الشهرية لمعهد الإحصاء، وفي آخر نشرة للمعهد لشهر يوليو 2025 والصادرة في سبتمبر 2025، اعتمدنا بيانات الناتج المحلي الإجمالي الثلاثي بالأسعار الجارية (ص 51)، لأنها المؤشر الرسمي الذي يحدّد القيمة المضافة والوزن الاقتصادي الحقيقي للقطاعات، وهو ما يسمح بتقييم مدى حضور الصناعات الغذائية داخل الصناعات التحويلية بدقة:

ووجدنا أن المعطيات الرسمية لا تدعم الادعاء القائل بأن الصناعات الغذائية تمثل نصف الصناعات التحويلية في تونس، إذ تُظهر بيانات الناتج المحلي الإجمالي الثلاثي بالأسعار الجارية للثلاثي الثاني من
سنة 2024، الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء، أن الصناعات الغذائية ساهمت بحوالي 1,254 مليون دينار فقط من إجمالي يقارب 5,726 ملايين دينار لكامل الصناعات التحويلية (التي تشمل الصناعات الغذائية، والنسيج والملابس والجلود، والصناعات الكيميائية، والميكانيكية والكهربائية، وصناعة مواد البناء والسيراميك والزجاج، والصناعات التحويلية الأخرى)، أي ما يعادل نحو 21.9% فقط من القيمة المضافة للصناعات التحويلية، وليس 50% كما ورد في التصريح.
في المقابل، سجّلت الصناعات الميكانيكية والكهربائية مساهمة أعلى بلغت حوالي 2,023 مليون دينار، تلتها صناعات النسيج والملابس والجلود بحوالي 1,051 مليون دينار، ما يؤكد أن القطاعات غير المرتبطة مباشرة بالمنتجات الفلاحية تمثل الوزن الأكبر داخل المنظومة التحويلية.
وتُبيّن هذه الأرقام أن الصناعات الغذائية تُعد قطاعًا مهمًا داخل الصناعات التحويلية، لكنها لا تمثل لا نصفها ولا غالبيتها، سواء من حيث عدد المؤسسات داخل النسيج الصناعي، ولا من حيث طاقتها التشغيلية، ولا من حيث القيمة المضافة أو الوزن داخل الناتج المحلي الإجمالي.
لماذا نتحقّق من الادّعاء؟
لأن إعلان بيانات أو معلومات خاطئة حول شأن عام، يؤثر بشكل سلبي على شرائح الجمهور المرتبطة بهذا الشأن، سواء كان سياسيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو تنمويًا وغيره من المجالات.
.png)